الأخبار

أمريكا .. وتهديدها بالتدخل العسكري المباشر في حضرموت والمهرة وسقطرى

26 سبتمبرنت: كتب /علي الشراعي ..

المتغيرات السياسية لسيناريو المشروع الاستعماري الأمريكي الجديد – القديم  يدل بوضوح أن البديل الاستراتيجي الأفضل لمواجهة روسيا والصين وغيرهما بعد انسحابها من أفغانستان

أمريكا .. وتهديدها بالتدخل العسكري المباشر في حضرموت والمهرة وسقطرى

وقريبا من العراق يكمن في مشروعها الجديد التي بدأته منذ سبع سنوات عبر وكلائها بعدوانهم على اليمن وذلك لتحقيق اهدافها الاستراتيجية القديمة بالسيطرة على حضرموت والمهرة وجزيرتي سقطرى وميون واعادة رسم خارطة اليمن السياسية والجغرافية والاقتصادية والديمغرافية .

 

ذاكرة التاريخ

 

منذ البداية وقفت الأوساط الحاكمة في الولايات المتحدة الأمريكية مواقف عدائية حيال قيام جمهورية اليمن الشعبية واثناء تمرد القوى اليمينية في عدن في مارس 1968م تسلم المتمردون من السفارة الأمريكية المساعدات الأمر الذى أدى فيما بعد إلى طرد القنصل العسكري الأمريكي . فقد اتهمت وزارة خارجية جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية أمريكا بمد المشتركين بالانتفاضات المناوئة للحكومة بالأسلحة. واحتجاجا على موقف امريكا المعادي لليمن وتعبيرا عن احتجاجها ضد سياسة الولايات المتحدة المنحازة للكيان الصهيوني قطعت اليمن الجنوبي علاقاتها الدبلوماسية مع امريكا في 24 اكتوبر 1969م . وفي ذات الوقت أقامت عدن علاقات راسخة وثابتة مع الأنظمة العربية التقدمية والاتحاد السوفيتي وغيره من بلدان المنظومة الاشتراكية واصبح ذلك من أهم مميزات السياسة الخارجية للنظام الجديد ذات التوجه الثابت والواضح والمعادي للإمبريالية الامريكية والصهيونية  . وفي المؤتمر العام الرابع للجبهة القومية الذي انعقد في زنجبار بمحافظة ابين خلال الفترة 2- 8 مارس 1968م خرج بقرارات اهمها أن الشعب اليمني جزء لا يتجزأ من الأمة العربية ولذلك يتوجب عليه دعم حركات التحرر الوطني ضد الإمبريالية والرجعية في شبة الجزيرة العربية والمشاركة وبنشاط ضد الاستعمار والصهيونية كما دعي المؤتمر إلى دعم الكفاح المسلح للشعب العربي الفلسطيني . ومن قرارات المؤتمر تحرير الاقتصاد الوطني من الاحتكارات الأجنبية ولقد شكل القانون الصادر في 27نوفمبر 1969م الخاص بإنشاء الجهاز الاقتصادي للقطاع الحكومي والخطط الاقتصادية خطوة هامة على طريق إقامة الرقابة على الاقتصاد وكانت الاهداف الرئيسية لهذا القانون هي تحرير الاقتصاد الوطني من قيود الرأسمال الأجنبي وتوطيد موقع الدولة في اهم فروع الاقتصاد الوطني ونص القانون على تأميم 8 بنوك و اثنى عشر شركة ووكالة تأمين انجليزية وأمريكية وفرنسية اهمها خمس وكالات لتسويق النفط ومشتقاته مملوكة لشركات انجليزية وامريكية .

 

العدوان السافر

 

وحتي مطلع السبعينات كانت السعودية هي الدولة الوحيدة من بين البلدان العربية الأعضاء في جامعة الدول العربية التي رفضت الاعتراف بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية كدولة مستقلة فحولت السعودية أراضيها وكذلك المناطق الحدودية الجنوبية لليمن الشمالي إلى قاعدة استفزاز مسلح ضد اليمن الجنوبي تنفذها الفئات الموغلة في الرجعية من المهاجرين والمغتربين اليمنيين الجنوبيين. وأخذت التدابير والاجراءات العدائية للسعودية الموجهة ضد اليمن الجنوبي شكل العدوان السافر ففي 1969م قام النازحون من اليمن الجنوبي والمتمركزون في معسكرات داخل أراضي اليمن الشمالية وبالقرب من الحدود اليمنية الجنوبية قام هؤلاء مستخدمين مساعدات السعودية بشن العمليات المسلحة ضد جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في منطقة شروره . وفي نهاية عام 1969م وقع صدام مسلح بين اليمن الجنوبي والسعودية من اجل نقطة الوديعة الحدودية والتي كان السعوديون قد استولوا عليها وجعلوها قاعدة عدوان ضد اليمن الجنوبي وشيدوا فيها معسكرا لقوى الثورة المضادة من اليمنيين الجنوبيين . وخلال شهري اكتوبر - نوفمبر 1970م حدثت اشتباكات كبيرة على الحدود السعودية اليمنية الجنوبية بين القوات الجنوبية اليمنية وجيش (تحرير حضرموت والمهرة ) المشكل بدعم من قبل السعودية ومن بين اليمنيين الجنوبيين النازحين من اليمن الديمقراطية والمناهضين للنظام الجديد في عدن .

 

سيناريو يتجدد

 

 وبمقدار ترسيخ وتعزيز علاقات الجمهورية العربية اليمنية مع السعودية وتزايد تأثير ونفوذ السعودية على مختلف جوانب الحياة في اليمن الشمالي وتزايد نطاق المواجهة بين السعودية واليمن الجنوبي شهدت العلاقات بين الشطرين توترا حادا فقطعت اليمن الديمقراطية علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية وكثفت صلاتها ببلدان المنظومة الاشتراكية وعلى عكس ذلك كان نهج اليمن الشمالي مغايرا إذ استأنف علاقته مع المانيا الاتحادية وبعض البلدان الرأسمالية وركز كل قواه على استعادة علاقاته مع الولايات المتحدة الامريكية واقترب أكثر من السعودية وغيرها من الأنظمة العربية المحافظة . وأدت ضغوطات الأوساط الحاكمة في السعودية على القيادة في اليمن الشمالي بهدف إرغامها على الانتقال من المواقف السلبية إلى المواجهة المفتوحة مع اليمن الديمقراطية وأدي ذلك إلى توتر العلاقات بين الشطرين ونظرا لأن قيادة اليمن الشمالي لم تكن راغبة بالمواجهة المفتوحة مع اليمن الجنوبي ركزت كل قواها للحيلولة دون قيام القبائل اليمنية بالصدامات المسلحة مع جيش اليمن الجنوبي إذ كانت القبائل قد حصلت على السلاح والمبالغ المالية الضخمة من السعودية كما كانت القبائل تتفق مع السعودية بوجهات النظر ولذلك فقد طالبت القبائل حكومة صنعاء ببدء العمليات المسلحة ضد عدن . وفي الأشهر الأولى من عام 1972م اشتعلت وسائل الدعاية الجماهيرية في كل من الشطرين بحملات واسعة من الهجمات المتبادلة واستخدم احداث  بيحان في شهر فبراير 1972م  والمتمثلة في مقتل الشيخ الغادر مع العديد من مشايخ خولان كمدخل لإشعال وتأجيج الميل المعادي لليمن الجنوبي في الأوساط القبلية الاقطاعية وتصعيد عمليات الإعداد والتحضير العسكري ضد اليمن الجنوبي . وأدى تدهور العلاقات بين الشطرين في مارس 1972م إلى إغلاق الحدود البرية بين الدولتين . وأعلن بعض مشايخ القبائل الشمالية بعد مقتل الشيخ الغادر الحرب على اليمن الجنوبي بإيعاز من السعودية والتي كانت تسعى لتحقيق اهدافها الخفية في اشعال تلك الحرب لتسيطر على حضرموت والمهرة وتفصلهما عن اليمن بمباركة أمريكية  .

 

المشروع الأمريكي

 

وقد استفادت قوى الثورة المضادة لجمهورية اليمن الديمقراطية  من دعم ومساعدات الأوساط الامبريالية إذ أظهرت شركات النفط العالمية عناية واهتماما كبيرين في جنوب اليمن بل إن الأمريكيين هددوا بالتدخل العسكري المباشر في حضرموت والمهرة وجزيرة سقطرى . فعلاقات عدن بالبلدان الغربية عامة وأمريكا خاصة اتسمت بطابع عدواني عنيف وبذلت أجهزة المخابرات المركزية الأمريكية جهودا جبارة عبر شبكات تجسسيه واسعة في جنوب اليمن كما شجعت قوى المعارضة في اليمن الجنوبي على الوقوف ضد النظام الوطني في عدن الذى اقام  روابط سياسية وعسكرية واقتصادية  وعقد معاهدات متعددة وتعاون مشترك مع الاتحاد السوفيتي ففي مارس 1972م نفذت في حضرموت عملية مسح طبوغرافي – جيولوجي . وفي مايو 1972م نشرت صحيفة الثوري خبرا مفاده قيام شركات النفط الأجنبية وقوى الرجعية بتكوين ما يسمى (بجيش الانقاذ الوطني) والذي يقوم بتدريبه ضباط أمريكيون والهدف من تشكيل هذا الجيش هو احتلال حضرموت والمهرة وفصلهما عن اليمن الديمقراطية باعتبار أن هاتين المنطقتين كما لو أنهما ليستا من أراضي اليمن  ومن ثم تحويل هاتين المنطقتين إلى قاعدة انطلاق لتوجيه الضربات ضد النظام القائم في جنوب الوطن وفي مواجهة خطر الزحف السوفيتي في المنطقة وإلى جانب ما تمتلكه حضرموت والمهرة وجزيرة سقطرى من مخزون نفطي ومعادن و بالإضافة إلى موقعهما الاستراتيجي .  وكان للصدى الغاضب في اوساط التجمعات والرأي العام العربي إزاء ممارسات السعودية ومن خلفها الامبريالية الامريكية في مطامعهما في اليمن  دور في إجبار السعودية على تغيير سياستها مع اليمن الجنوبي ومحاولتها القضاء على النظام التقدمي في اليمن الجنوبي بدفعها لليمن الشمالي إلى التصادم والمواجهة العسكرية مع اليمن الجنوبي وتفجر كحرب بين الشطرين في سبتمبر 1972م .

 

النفط

 

عمل المحتل الإنجليزي دراسات جيولوجية اكد وجود الزيت المعدني في عدة اماكن من حضرموت والمهرة وسقطرى وهذا ما يفسر إسراع الشركات الأنجلو – أمريكية لطلب الانفراد بالتفتيش والاستخراج .  فحضرموت وحدها تمتلك خمسين مركز يتواجد فيها معادن متعددة غير النفط . ومنحت أربعة امتيازات بين عام 1938- 1961م امتيازان لشركات انجليزية وامتيازان لشركة امريكية . لذلك  بدأ الاهتمام باليمن الجنوبي كمصدر ممكن للنفط سنة 1937م  حيث حصلت شركة بريطانية ( البتروليوم كونسسيون ليمتد ) وهي فرع لشركة نفط العراق  على ترخيص بالأبحاث في كل مناطق اليمن الجنوبي . وفي عام 1938م اعلن عن وجود بترول في شبوة ومع توقفهم خلال قيام الحرب العالمية الثانية ليعلنوا سنة 1954م عن دلائل مشجعة بخصوص الابحاث في جزيرة سقطرى وفي سنة 1955م أعلنوا اكتشاف مراكز معدنية جديدة في ثمود شمالي حضرموت . ومنذ ذلك الحين بات من المؤكد أن مناطق شبوة وثمود بحضرموت بالإضافة إلى جزيرة سقطرى تخفي أضمن الوعود النفطية في البلد . ومع انسحاب شركة البتروليوم الانجليزية قرر الأمريكيون الذين كانوا يتابعون باهتمام المفاوضات بين  تلك الشركة وسلاطين حضرموت والمهرة أن يتدخلوا في منطقة النفوذ الانجليزي واخذت شركة (البان امريكان ) التفاوض مع سلطنات حضرموت والمهرة وانتهت بانتزاع امتيازات ابحاث منجميه ونفطية من السلطنات بعد أن ضمن الأمريكان للإنجليز حفظ مصالحهم في المنطقة عبر اتفاقا سريا . فحصلت شركة البان أمريكان على امتيازين يشملان 200 ألف كم2 أي كل المحمية الشرقية وقد عقد أول اتفاق مع سلاطين حضرموت في 5 نوفمبر عام 1961م وعقد اتفاق ثان مع سلطات المهرة في 4 يوليو 1962م وكذلك أوجدت الشركة الأم فرعيين متميزين لتضمن التنقيبات شركة البان امريكان حضرموت أويل  76ألف ميل مربع وشركة البان امريكان أويل (سقطرى 2000 ميل مربع ) و  كلا الاتفاقين يحتويان على 34 شرطا من اهم بنودها تتناول الاتفاقيات مرحلة أبحاث مدتها عشر سنوات (خمس سنوات فقط بالنسبة لجزيرة سقطرى) مع إمكانية تمديد لخمس سنوات ومرحلة استثمار مدتها ثلاثون سنة بالنسبة لكل حقل نفطي مكتشف .

تقييمات
(0)

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا