الأخبار

واشنطن .. تلقي بثقلها في الشرق الأوسط

تحليل من كتاب الحرب النفسية وسائلها واساليبها الملتوية لمؤلفه العميد الدكتور حسن حسين الرصابي .

واشنطن .. تلقي بثقلها في الشرق الأوسط

يبدو أن المنطقة على صفيح ساخن , وأن تطورات عسكرية ربما تشتعل في أي لحظة ولاسيما بعد أن استفحل الموقف الأمريكي في إرسال قوات جديدة وإعلان مواقف شديدة التطرف والتدخل وهذه التطورات خطيرة واستيعابها أمر يجب أن تدرك إن المنطقة مقبلة على عواصف راسخة من المواجهات, ومن المؤكد أن صنعاء تدرك حقيقة المخاطر المحيطة بهذه المنطقة .. وإذا ما عدنا إلى قراءة تاريخ هذه المرحلة فأننا يجب أن نقرأ جيداً مواقف أمريكا التي ميزت قيادة ترامب وما فرضته من مواقف على المنطقة وعلى الإدارة الأمريكية ..  ما أن حاولت بعض الادارات الامريكية أن تلجأ إلى الانكماش السياسي والعسكري في الشرق الأوسط , حتى اتجهت المنطقة إلى بدائل اخرى في العلاقات وتحديداً الأنظمة العربية الكرتونية التي كانت ومازالت تعتمد على حمايتها على الذراع الامريكية والأوروبية .. ولم تشعر أمريكا وتحديداً الدولة العميقة وأجهزتها المهمة مثل اجهزة المخابرات إلا والتحركات الصينية قد اتجهت لملء الفراغ الذي تركته أمريكا .. وتحديداً بعد مجيء ادارة ترامب التي مارست عنجهية راعي البقر وكشفت عن ابتزازات في العلاقات القائمة معها وتحديداً علاقات الشراكة القديمة حيث وصل الأمر إلى الاعلان أن الحماية الأمريكية مدفوعة الثمن وآن أوان ذبحها ..     ما سبب حرجاً كبيراً لأنظمة وقيادة إقليمية لم تعتد مثل هذه الوقاحة العلنية من واشنطن ومن إدارة ترامب بالذات ..

ذلك الانكماش الامريكي من التواجد والتأثير في منطقة الشرق الاوسط جاء على خلفية التوجه الامريكي لاستثمار النفط الصخري الأمريكي مما يعني ان النفط الشرق أوسطي لم يعد الخيار الأوحد .. وعليه فالمواقف السياسية والجيوسياسية لأمريكا قد شهدت متغيرات خطيرة لم تتوقف مع شراكاتها وعلاقاتها مع الأنظمة القائمة في المنطقة ..  فيما تنامى الدور الصيني وتو سع وامتد ليصل إلى الأبعاد العسكرية والأمنية والمخابراتية التي تقوم على تطورات الموقف الاقتصادي ..

لذا نجد ان الصين ذهبت الى انشاء قاعدة عسكرية صينية في جيبوتي على بعد أميال معدودة من باب المندب وخليج عدن , فيما كانت هذه المنطقة نفوذ للناتو (( أمريكا وفرنسا وبريطانيا )) .. وهذا الموقف يثير الدهشة إذ كيف تقبلت أمريكا تواجداً عسكرياً صينياً في جنوب البحر الأحمر وبقرب باب المندب .. وهذا معناه أن أمريكا لم تعد القوة الوحيدة النافذة في هذه المنطقة , بل انها قبلت على مضض التواجد العسكري الصيني , وظلت ترصد عن بعد تنامي النفوذ الصيني عسكرياً وجيوسياسياً ولم تكتف بكين بالتواجد العسكري , بل امتد النفوذ الصيني إلى بناء شراكة استراتيجية مع الرياض ومع القيادات السعودية الشابة الجديدة .. وسبقتها اتفاقية صينية إيرانية وهذه وسائل ثقيلة كتب على واشنطن أن تتقبلها وأن تفرض عليها قبول تنامي النفوذ الصيني الجيوسياسي .. ناهيك عن الدور الروسي الذي بدأ يعصف بالنفوذ الأمريكي بدءاً من التحرر من سيطرة الدولار الأمريكي , وتقوية " بريكس " وتعزيز منظمة شنغهاي .. وهذا يفسر اندفاع أمريكا إلى توريط روسيا في حرب استنزاف كبرى مع أو كرانيا وإلى قيادة حصار وحرب اقتصادية تتمثل في مقاطعة روسيا والسعي الى خنقها اقتصادياً وتجارياً وتنموياً .. ورغم ذلك ان الخسائر الغربية قد ارتفع مؤشرها إلى درجات مخيفة , لان الروس استعاضوا عن ذلك في اللجوء إلى الصين وإلى امريكا اللاتينية وإلى افريقيا .. ولم تقف روسيا مكتوفة الايدي فقد حركت اذرعها في الوسط الافريقي الذي بدأ يتحرك ضد النفوذ الغربي الاوروبي الامريكي في مقابل توسع النفوذ الروسي والصيني في أفريقيا.. ولهذا ازاء تطورات عديدة كان على واشنطن أن تدرك جيداً مخاطر ان تبقى بعيدة عن دور مؤثر في الشرق الأوسط , ومخاوفها من دخول صيني روسي إلى هذه المنطقة الحساسة في الشرق الأوسط , لذلك اهتدت الاستراتيجية الامريكية إلى وجود ضالتها في البحرين العربي والأحمر ضالتها فدفعت بأكثر من ثلاثة الاف وخمسمائة جندي الى المنطقة واندفعت ليكون لها صوت غالب وقرار جديد عسكرياً ومخا براتياً وهذه الخطوة أثارت شكوكاً عديدة لدى الأنظمة في المنطقة العربية وخاصة للمهام الغير معلنة لهذه القوة الأمريكية الجديدة .. رغم أن القواعد العسكرية الامريكية في المنطقة قائمة وتفي بالغرض ..

ومن المهم هنا أن نؤكد أن كافة الاحتمالات ستظل مفتوحة على اسئلة شتى حول الاندفاع الامريكي الأخير..

ويبقى الانتظار سيد الموقف ..بجانب النشاط المخابراتي الجاري في هذه المنطقة وتحديداً المخابرات الدولية .. سواء للصين أو الروس أو قوى إقليمية اخرى ترى نفسها معنية بهذه التحركات العسكرية الامريكية .

تقييمات
(1)

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا