الأخيرة

أمريكا ما بعد ترمب.. الحكم على الوقائع

أمريكا ما بعد ترمب.. الحكم على الوقائع

تابع العالم مجريات الانتخابات الأمريكية وما رافقها من سباق محموم بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، والتي نتج عنها فوز غير مسبوق لمرشح الحزب الديمقراطي، الأمريكي "جو بايدن" الذي يعتبر الرئيس الـ 46 للولايات المتحدة الأمريكية ونائبته كملايا هيارس، صحيح أن كل الانتخابات الأمريكية تشغل العالم لكن ليس بهذه الصورة التي جرت بها الانتخابات الأمريكية الأخيرة،

والتي واضح فيها أن الزمن الأمريكي في طريقه للتلاشي وظهور زمن جديد.. وهذا ليس هو ما يعنينا هنا، بل أن ما يعنينا الزخم الذي حظيت به هذه الانتخابات.. السبب واضح هو أن هناك نخبة أمريكية لا تريد أن ترى قبح نظامها كما هو، وتحاول أن تستعيد مكياجها الذي يغطي ملامحها الشمطاوية القبيحة..
ترمب كان هو التجسيد الحقيقي لأمريكا في وقاحته وعنجهيته وغبائه واستكباره وحماقته، وبايدن هو الصورة التقليدية المجملة لمساحيق الديمقراطية وحقوق الإنسان، بينما الحقيقة أن كل جريمة وكل نظام ديكتاتوري وفاسد محمي من أمريكا، والدليل على هذا في منطقتنا فقط.. النظام السعودي وأشباهه من الأنظمة الإجرامية القذرة في العالم..
ليس هذا ما يهمنا، بل ما يهمنا هو إمكانية حدوث تغيير في سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه منطقتنا التي عانت طويلاً من حروب أمريكا وعملاء أمريكا، وفي مقدمة ذلك الحرب على اليمن التي أعلنت في عهد الرئيس الديمقراطي باراك أوباما من واشنطن، وكان حينها نائبه الرئيس المنتخب بايدن، والذي نتمنى أن يكون قد تعلم من فترة ترمب الى أي مدى يمكن أن تصل أمريكا بسبب سياستها، وبالتالي سيكون موقف الرئيس الجديد من قيادة أمريكا وأدواتها في المنطقة للحرب على بلادنا مؤشراً أن درس ترمب قد تم استيعابه أم لا، فإذا اتخذ موقفاً يعبر عما قاله في حملته الانتخابية حول وقف الحرب المستمرة على الشعب اليمني للعام السادس على التوالي، فيمكن هنا القول أن هناك تغييراً في السياسة الأمريكية.. وبالنسبة للقضية الفلسطينية كل الآراء تجمع على أن ما قام به ترمب لن يغيره بايدن وعلى رأس هذا كله بكل تأكيد قرار نقل السفارة الأمريكية الى القدس، بأن كيان العدو الصهيوني محل إجماع النخبة السياسية الحاكمة بواشنطن، وإذا حصل عكس هذا فيمكننا اعتبار أن أمريكا المعروفة لم تعد كذلك، ونحن أمام تحول كبير في طبيعة النظام الامبريالي الأمريكي، وعلينا أن ننسى بأن "بايدن" سيعيد تكرار حل الدولتين وفقاً للمنطق الذي ساد ما بعد "أوسلو" وحتى صعود "ترمب"، ولكن على ما يبدو سيكون ذلك بدون وقائع على الأرض كما كان واقع الحال من عام 94 وحتى 2016م.. ولكن تبقى الأمور مرتبطة بتغير الوضع الفلسطيني باتجاه تحقيق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية وجمع القيادة الفلسطينية بين أشكال المقاومة الشعبية والمقاومة المسلحة.. أما ما يخص الاتفاقية النووية الدولية الإيرانية واتفاقية المناخ أو ما يسمى باتفاقية باريس فهذه يمكن العودة إليها ليس بفضل رغبة بايدن في السلام، بل بصمود إيران وحاجة أمريكا لاستعادة علاقتها مع حلفائها الأوروبيين، والى حاجتها لمثل هذه الاتفاقيات.. عموماً علينا أن لا نستبق الأحداث ولا نتفاءل كثيراً ونحكم على أمريكا ما بعد ترمب من خلال الوقائع على الأرض.. فتجاربنا مع أمريكا تجعلنا حذرين جداً كأمة مستهدفة من أمريكا وحليفتها إسرائيل وبقية أدواتها في المنطقة، لا سيما وأننا نعرف أن أمريكا لن تغير مواقفها تجاه المطبعين مع كيان العدو الصهيوني إلا في الحدود التي تخدم الهيمنة الصهيونية على منطقتنا.. وأخيراً نتمنى أن يكون تشاؤمنا غير صحيح..
*مدير دائرة العلاقات العامة بوزارة الدفاع

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا