كتابات | آراء

اليمن بين ضرورة الحوار وعبقرية الانتصار

اليمن بين ضرورة الحوار وعبقرية الانتصار

قد يسأل سائل: هل الأوضاع اليمنية وما تعيشه اليمن اليوم من أزمات وحروب وتحديات له علاقة بما يجري إقليمياً وعالمياً، أم هناك أمور وسيناريوهات تحاك وراء الكواليس ؟!

لا أخفيكم سراً بأنه لا مجال للتفاوض والحوار بين كافة الأطراف في ظل فقدان الثقة واستمرار الرشقات الصاروخية من هنا وهناك  .. مادامت القوة العسكرية هي سيدة الموقف.. ومن يسخرها لخدمة أجندة ذاتية و أهداف ما ورائية الخاسر الوحيد فيها هو الوطن أرضاَ وإنسانا ووحدة وهوية وهو من يدفع الثمن باهظاَ في نهاية المطاف, نحن نعيش اليوم في عالم زاخر بالأحداث والأزمات تشابكت فيه المصالح, وتداخلت فيه المنافع وتعقدت فيه القضايا والمشاكل, لهذا وذاك أصبح البحث عن  حلول ومعالجات أمراً حتمياً قد يكون الحوار محلياً أو إقليمياً أو دولياً , بحسب طبيعة القضايا والأزمات .. وعلى كافة المستويات سياسياً, واقتصادياً, واجتماعياً, وعسكرياً .. من هناك ندرك بأن الحوار قد أصبح ضرورة من ضرورات العصر للتغلب على تلك المشكلات والأزمات وقد يكون من أهم القضايا المعقدة قضية الدين بمعنى ان الأمة الإسلامية اليوم في عراك وصراع وتناحر وهذا بسبب المسائل الخلافية في الانتماء لمذهب ما أو جماعة ما أو فكر ما.. إذا استسلم المسلمون لما يساورهم من أفكار خاطئة وأوهام ضالة وأقاويل باطلة ودخل الشك في رسالتهم في الحياة فلابد أن تتضاءل قوتهم وتوهن عزائمهم وتسقط هيبتهم من نفوس أعدائهم مصداقاً لقول رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام وآله  :( يوشك أن تتداعى عليكم الامم كما تتداعى الأكلة إلى قصاعها, فقال قائل أمن قلة نحن يا رسول الله ؟ قال لا بل أنتم يومئذ كثير, ولكنكم غثاء كغثاء السيل . ولينزعن الله المهابة من صدور عدوكم وليقذفن في قلوبكم الوهن قالوا وما الوهن ؟ قال : حب الدنيا وكراهية الموت)..
ومتى ما دب الحرص والوجل والوهن في الامة فشا فيها الخنوع والذل والهوان .. فالحوار المسؤول الجاد يعد جزءاً لا يتجزأ من الحوار الحضاري الديني فالحضارات في كل بقاع الارض قامت أساساً على قاعدة من الدين ومن هنا فإن الحوار الحضاري لا يمكن عزله عن الدين لانه يتشابك معها بطريقة أو بأخرى أردنا أم لم نرد ..
إذن من باب أولى ينبغي أن يكون هناك حوار على مستوى كافة الطوائف والمذاهب حتى يخرجوا بفكرة موحدة تجاه أعدائهم الحقيقيين لن يكون هناك أمن واستقرار في المنطقة بدون توافق وسلام بين كافة القوى الوطنية بشتى ألوانها وأشكالها وأطيافها إذا كنا في الماضي قد شهدنا حروباً صليبية دامية فنحن اليوم نشهد حروباً ضروساً ضد أبناء الأمة الواحدة تحت مسميات حزبية وطائفية ومذهبية وعرقية يقف وراءها الأعداء أياً كانوا على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي, بل تعد القضايا الدينية في كثير من الأحيان بمثابة الحديقة الخلفية لمعظم القضايا والمشكلات لما للدين من تأثير عمييق وقوي في نفوس الكثير من أبناء الأمة .
من هنا ندرك أهمية تحديد أهداف الحور حتى تكون هذه الأهداف دليلاً للمتحاورين فلا يحيد عنها طرف من الأطراف .. إذ بدون تلك الأهداف يظل الوضع مرتبكاً وكل طرف يغنى على ليلاه , أضف الى ذلك ضرورة أن يكون هناك مناخ مناسب للحوار ينأى عن الأحكام والشروط المسبقة أو المفاهيم المعولبة بعيداً عن روح الانتقام والعقد النفسية فالنظرات الاستعلائية أو الغرور خطره في أي حوار لا يقل عن خطر الشعور بالدونية ..
وهكذا نجد أن أي حوار لم ولن يكتب له النجاح إذا حاول أحد الأطراف إلغاء الآخر او التقليل من شأنه أو الاحتكار بحقوق مسبقة دون الاخر لذا
لابد من احترام آراء وأفكار الآخر مهما كانت.. فالتنابذ وعدم التسليم بحق أي طرف قد يؤدي إلى اتساع الفجوة وتعميق الجفوة بين الطرفين فلا داعي لنبش الماضي وخلط الأوراق وإدعاء الحق دون الاخر.
إذا كان القرآن الكريم قد دعا إلى الحوار مع أهل الكتاب في قوله تبارك وتعالى ( قل يأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله )  سورة آل عمران (64).
فهذه دعوة قرآنية صريحة الى طرف ديني آخر فما بالنا ونحن أمة واحدة إلهنا واحد ونبينا واحد وقرآننا واحد وقبلتنا واحدة ..
لا يكتفي القرآن الكريم بمجرد المبادرة بل يرسم أيضا أسلوب الحوار, فالحوار الجاد سيؤدي إلى مناقشات ومجادلات ورؤى متباينة , ولكنها في الأخير ستؤدي إلى آداب الحوار (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن) سورة العنكبوت (46).
هذا حوار مع أهل الكتاب فما بالنا ونحن أبناء وطن واحد وعقيدة واحدة .. ينبغي بل يجب علينا أن يكون الحوار أكثر عقلانية وشفافية ومصداقية ومن آجل ان يكون هناك حوار مثمر وجاد وتعاون وثيق قد دعا القرآن الكريم الى ضرورة تعرف كل طرف على الآخر وتفهم مواقفه وشروطه دون تذمر أو تشدد أو اجحاف ..
صفوة القول : فلنترك ما يستحيل الاتفاق عليه ولنتجه إلى ما يمكن الإجماع عليه دون استعلاء أو  غرور من أجل الالتقاء على مبادئ  ورؤى توافقية وصولاً إلى نتائج مثمرة لما فيه خير الوطن أرضا وإنسانا ووحدة وهوية وانتماء ..
أما عبقرية الانتصار مهما حققت من انتصارات على الواقع الميداني ستظل هناك تحديات محورية لم تكتمل إلا بحل كافة القضايا العالقة على مستوى الساحة اليمنية.
كلمات مضيئة :
إذا أردنا أن نعود إلى مجدنا وسيادتنا فما علينا إلا ان نتحلى بالشمائل التي أوجدت هذه القوة وأنشأت تلك السيادة فإن أمر هذه الأمة لا يصلح إلا بما صلح به أولها ما علينا إلا ان نتجمل بأخلاق أسلافنا الميامين ونتذرع  بالوسائل التي مكنت لهذا الدين ان يسود وهيأت لتك الأمة التمكين في الأرض إنه الإيمان الراسخ في القلوب فالإيمان هو قوة الأمة فإذا فتر الإيمان فترت الأمة ..
ماذا نقول حين نجد علماء الأمة الأجلاء قد أصابهم عمى القلوب فتخلفوا عن الركب وأصبحوا يلتمسون خطى الأعداء والعملاء .. عكفوا على عبادة الظالم بعد أن فروا من عبادة الواحد القهار ومن تمرد على الله وكله الله الى أشر الناس ولنا في قصص القرون السابقة آيات وعظات وعبر!!

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا