
تاريخ اليمن الحديث.. بول دريش جامعة أكسفورد (49)
في مذكرة حول التطور السياسي لليمن قال روبرت ستوكي بشكل واضح في عام 1982 أن نصيحته الموسعة للأمراء حول أفضل السبل لإدارة موارد النفط في جنوب اليمن
أصبحت بلا جدوى بسبب الفشل في اكتشاف أي منها لأن النفط في الشمال والجنوب على حد سواء كان بمثابة عقيدة لدى اليمنيين وكان يتم الحديث عنه بين الناس بمثابة الكنز المدفون جعلت مركزية اليمن في التاريخ القديم حقيقة أنه في العصر الحديث فقط اليمن من دون بقية الجزيرة العربية تفتقر إلى الثروة البترولية تبدو في أحسن الأحوال مفارقة وقد فسر البعض ان عدم اكتشاف نفط تُعزى على نطاق واسع إلى مؤامرات أجنبية ولكن في الواقع تم تشجيع المسوحات النفطية في كل اليمن من قبل المانحين الأجانب وصناديق البنك الدولي التي دفعت مبالغ طائلة لبعثات التنقيب عن النفط وبذلت جهد كبير في الجنوب بين عامي (1977-1980 ) وجدت مجموعة روسية علامات مشجعة بالقرب من شبوة تتمثل في اكتشاف مخزون نفطي و قامت شركة إيطالية باكتشاف صغير في البحر بالقرب من المكلا في عام 1982 وأيضا شركة أمريكية تدعى هانت أويل وقعت اتفاقية للعمل في الشمال بالقرب من مأرب في عام 1981 و في نهاية عام 1983 وقع اشتباك حدودي بين الشماليين والسعوديين والذي نسبه البعض إلى استكشاف النفط على الرغم من احتمال أن يكون التهريب هو المشكلة في مارس 1984 حوالي 60 كيلومترًا من مأرب كان اول اكتشاف للنفط والغاز بكميات تجارية من قبل شركة هنت الأمريكية .
في يناير 1985 كان الشماليون والسعوديون على خلاف مرة أخرى وأدى ذلك إلى تحرك الحكومة للقوات لقمع القبائل والتزم السعوديون بقوات في مكان قريب على الرغم من أن معظم التفاهمات تقع داخل أراضي اليمن ثم انخرط الجنوب ليس فقط في استفزاز السعوديون لكن شيوخ الشمال حشدوا رجالهم للدفاع عن النفط اليمني الذي كانوا يتهمون السعوديين بسرقته كانت هذه هي المرة الأولى منذ عام 1934 التي تكون فيها الحدود محل نزاع بين السعوديين واليمن الشمالي وقد رأى الجنوبيون أن منطقة الوديعة قد خسرت في عام 1969 لصالح السعودية بدون اي داعي كانت المشاكل الحدودية في الشمال على أية حال عادة ما يتم التقليل من شأنها من قبل الجميع باستثناء حكومة الجنوب التي أثارت في بعض الأحيان مسألة نجران التي خسرها اليمن لصالح السعودية للمرة الأولى منذ أواخر الستينيات كان من المحتمل أن يكون شمال وجنوب اليمن في نفس الجانب للمطالبة بالمناطق المسلوية من اليمن والتي كانت غنية بالموارد الطبيعية ولكن الخلافات حالت دون ذلك وعلى الرغم من إبرام اتفاق وإن لم يتم العمل به بين صنعاء وعدن على أن تمتد حقول النفط والغاز على حوض شبوة - مأرب بأكمله في المنطقة نفسها التي تنافس فيها علي ناصر القردعي مع البريطانيين في الثلاثينيات من القرن الماضي وبحلول أوائل عام 1986 كانت الخطط قد تقدمت جيدًا لإنشاء مصفاة صغيرة في الشمال لكن الجنوب لم يحرز تقدمًا يذكر .
الدخل السنوي المتوقع قريبًا للشمال فقط من التحويلات المالية كان بين 600-700 مليون دولار قبل بدء تدفق النفط والغاز وتشير الميزانية العمومية إلى التأثير الهيكلي للواردات حيث كانت الحكومة المركزية في السابق تعتمد على دعم الدول الأخرى والآن جاءت الثروة في اليد إلى حد كبير من خلال استخراجها وأصبحت الثروة تاتي مباشرة إلى الحكومة المركزية وعليه فقد توسعت رعاية الدولة وفي التحضير للانتخابات المحلية عام 1985 قيل في وقت كان من المفترض أن تواجه فيه البلاد الإفلاس أن عددًا كبيرًا من السيارات الخاصة تم شحنهامن قبل مكتب الرئيس لتكون بمثابة هدايا للأعيان المحليين اتسع نطاق المحسوبية والرشوة وكذلك الامتداد الفعال للدولة وفي عام 1982 قبل اكتشاف النفط والغاز قدم الشيخ زايد من أبو ظبي أموالًا لتطوير سد في مأرب وبالتالي إحياء سورة من القرآن الكريم في مشروع هندسي ضخم "لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور“
تم افتتاح السد عام 1986م لكن القبائل سرعان ما اشتكت من فقدان أراضيها لمن لهم صلات رئاسية والتي استحوذت في النهاية على حوالي 20000 هكتار حول مأرب والجوف مما أدى إلى تقزيم معظم حيازات الأراضي في تلك المنطقة ولم يستفد السكان المحليون من ذلك التطوير للسد ولم يستفيدو مباشرة من النفط في منطقتهم وقد تم طرح أسئلة حول أين ذهبت اموال النفط وأموال المنح لتطوير سد مأرب .