كتابات | آراء

السّلام العدوانيّ والحرب العادلة

السّلام العدوانيّ والحرب العادلة

خلال ما يقارب ثماني سنواتٍ من العدوان على اليمن استنفد فيها التّحالف العدوانيّ الأمريكي السّعودي الإماراتي كلّ طاقته وترساناته العسكريّة وتكتيكاته وتحشيده للمرتزقة المتعدّدة الجنسيّات

دون تحقيق أيّ هدفٍ من أهدافه المعلنة للعدوان، خرج اليمن منتصراً بعد عجز الرياض وأبو ظبي عن منع هجمات الصّواريخ البالستيّة والطّائرات المسيّرة ضدّ أرامكو ومنصّات النّفط وأهدافٍ حسّاسة على أراضيهما أو الحدّ منها بالرّغم من امتلاكهما لأحدث المنظومات الدّفاعيّة المتطوّرة، ومع إعلان الهدنة في اليمن في نيسان الماضي وتوقّف العدوان العسكريّ تكشّفت أوهام المعتدين مع تسارع الأحداث بتغيير الأساليب والتكتيكات للتّحالف العدواني نفسه وتطوير آلياته متعدّياً حدود اليمن ليشمل العديد من دول المنطقة في محاولةٍ لتغيير الجغرافيا السّياسيّة في المنطقة وإضعاف دول محور المقاومة وفقاً لما يلي:
1 – تحويل الهدنة في اليمن إلى أداة حصارٍ وحربٍ اقتصاديّةٍ بعد الهزيمة المدوية لدول العدوان في محاولةٍ لتحقيق ما عجز العدوان عن تحقيقه عسكريّاً.
2 – فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على لبنان وسوريا والعراق بعد هزيمة المشروع الأمريكيّ المتمثّل بإمارة داعش الإرهابيّة
3 – فرض المزيد من الحصار والعقوبات الاقتصاديّة ردّاً على رفض إيران القبول بحلولٍ جزئيّةٍ للملف النوويّ والانصياع لأمريكا.
4 – استهداف إيران أمنيّاً من خلال دعم (ربيع إيرانيّ) مشابه (للرّبيع العربي) كونها تشكّل رأس الحربة في مواجهة المشاريع الأمريكيّة الاسرائيليّة في المنطقة ولما تشكّله من قاعدة دعمٍ لحركات المقاومة في المنطقة
على مدى سنوات العدوان في اليمن والمواجهة وما شهدته دول محور المقاومة أثبتت السّياسة الأمريكيّة فشلها الذّريع من لبنان إلى سوريا والعراق وإيران واليمن.
حيث نجحت استراتيجيّة دول المحور في تحويل الأزمات إلى فرصٍ حقّقت لها المزيد من التقدّم والثبات وصولاً إلى الانتصار أو على الأقل التصدّي للعدوان عليها ففي اليمن الذي عانى العدوان طوال ثماني سنوات مترافقة بحصارٍ مطبق حول اليمنيّون الحصار إلى فرصةٍ على كافّة المستويات الزّراعيّة والصّناعيّة والصّناعات العسكريّة ممّا أنتج صموداً مروعاً وتصدّياً للعدوان وأثمر انتصاراً على أعتى تحالفٍ شيطانيٍّ أمريكيٍّ سعوديٍّ إماراتيٍّ دوليٍّ. أمّا في لبنان وسوريا والعراق حيث تمّ دحر مشروع القوى العدوانيّة ذاتها المتمثّلة بداعش وغيرها من المنظمات الإرهابيّة بإدارةٍ أمريكيّةٍ وتمويلٍ سعودي؟ٍ وخليجي ودعم اسرائيليّ منذ العام 2011 حيث أسقط المشروع الإرهابيّ ببسالة الجيش العربي السّوري واللّجان الشّعبيّة في سوريا وإقدام حزب الله وبأس فصائل الحشد الشّعبي والجمهورية الاسلامية الايرانية التي كان لها الدّور الأبرز في إدارة المعركة بقيادة الجنرال الشهيد قاسم سليماني إضافةً إلى دورها في دعم فصائل المقاومة في فلسطين وإعطائه الاولويّة في المعركة بل تبنى القضية كقضيةٍ عقائديّةٍ. ومع إدراك كيان العدوّ الصّهيوني المؤقت وإعلانه عن صعوبة المواجهة في الضّفة الغربيّة في ظلّ ارتفاع وتيرة العمليّات العسكريّة للمقاومين ضدّ جنوده وقطعان مستوطنيه  في الضّفة أدرك العدوّ وباعترافه أنّ ايران نجحت في نقل المعركة إلى الداخل ومواجهته في ظلّ تنامي قدرات إيران العسكريّة واستمرارها في برنامجها النّووي وعدم الرّضوخ للشّروط الأمريكيّة وبعد إنجاز عدّة اتفاقيّاتٍ عسكريّة بين موسكو وطهران التي زوّدتها بالطّائرات المسيّرة التي حقّقت إنجازاتٍ متقدّمةً في الحرب الرّوسية الأوكرانيّة.
وإذا ما أحصينا مجموع تراكم الانتصارات لمحور المقاومة في المنطقة بدأ من التّحرير الأوّل في جنوب لبنان عام 1985م إضافة إلى تحرير عام 2000م واندحار جيش العدو الصّهيوني على يد المقاومة اللّبنانيّة التي شكّل حزب الله مدعوماً من الجمهورية الإسلاميّة الإيرانيّة رأس الحربة في المواجهة  إضافة إلى ما تقدّم من إسقاط مشروع الولايات الإرهابيّة الدّاعشية وصولاً إلى الهزيمة التاريخيّة لدول العدوان في اليمن كلّ تلك التراكمات من الانتصارات أفقدت واشنطن والرّياض والكيان الصّهيوني صوابها. فالولايات المتحدة الأمريكيّة التي ما اعتادت الانكسار في منطقتنا باتت عاجزةً عن حماية الأنظمة والكيانات التي أوجدتها في الخليج وفي مقدّمتها النظامين السّعودي والإماراتي وهي باتت تدرك تماماً أنّ قيامة اليمن بعد ثماني سنوات من العدوان شكّل تهديداً حقيقيّاً على تلك الكيانات وعلى كيان العدوّ المؤقّت تهديد أشبه ما يكون بالتهديد الذي أحدثه انتصار الثورة الإسلاميّة في إيران بقيادة آية الله روح الله الموسوي الخميني تهديد أقرّت به قيادات العدوّ الصّهيوني التي عبّرت عن مخاوفها من تنامي القدرات العسكريّة لا سيّما على مستوى الصّواريخ البالستيّة والطّائرات المسيّرة التي اعتبروها تهديداً حقيقيّاً ومرعباً للكيان. أمّا بالنسبة إلى الكيان السّعودي المرعوب تاريخيّاً من اليمن ودوره فلا يقلّ قلقه عن قلق كيان العدوّ المؤقّت من التهديد اليمنيّ لا سيّما بعد العروض العسكريّة التي جرت في صنعاء في الأشهر الماضية رغم تلظي دول العدوان خلف الهدنة التي حوّلوها إلى أداة حرب أثبتت أنّ سلامهم حتّى هو عدوان. فاليمنيون الذين حوّلوا الأزمة إلى فرصةٍ خلال العدوان عليهم لسنوات طوال وخاضوا معركة الدّفاع عن الأمّة بأكملها أثبتوا أنّهم قادرون على اجتياز هذه المرحلة وفرض معادلاتهم مجدّداً بقوّتهم وتثبيت قواعد اشتباكٍ جديدةٍ.
فأيّ عدوانٍ عسكريٍّ جديدٍ على اليمن سيتحوّل هذه المرة الى معركة اسقاط للنظام السعودي الحليف الأكبر في المنطقة لكيان العدوّ الصّهيوني المؤقّت. وعلى دول العدوان أن تعيد قراءة تلك المعادلات التي انتصرت في اليمن وسوريا ولبنان والعراق وأن تستخلص من تلك المعادلات العبرة التي تقول إنّ العدوان الذي أذلته قبضات رجال الله في اليمن وسوريا ولبنان والعراق سيسحق هو وأدواته في إيران وإنّ ما عجز التحالف الشيطاني عن تحقيقه في دول المحور في (خريفه العبري) لن يكون إلّا ربيع انتصارات ومواسم هزائم للشّيطان الأمريكي وحلفائه ووعد الله كفيل بذلك.

# كاتب واعلامي لبناني

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا