كتابات | آراء

القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد«29»

القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد«29»

الممتلكات القبلية في غرب اليمن السفلي تظهر في التاريخ فقط مناطق المدرجات على سفوح الجبال حيث تمثل هذه المناطق النسبة الكبرى من الأراضي الزراعية التي تعتمد على مياه الإمطار

وتزرع فيها بعض أنواع قليلة من المحاصيل لكنها ذات أهمية واضحة وهي المصدر الوحيد المهم للفائض الزراعي وعلى النقيض من ذلك ، فإن أراضي القبائل نفسها شبه قاحلة وقد تنتج ما يكفي للعيش ولكنها نادرًا ما تنتج أكثر من ذلك بكثير لنأخذ مثالا واضحا حتى العقد الماضي أو نحو ذلك كان رجال القبائل في كثير من الأحيان يشترون ثيران الجر أو الأبقار الحلوب من الغرب مرة واحدة في السنة ويعيدون بيعها بخسارة فادحة بسبب نقص العلف وحتى الحبوب غالبًا ما تكون نادرة على الهضبة القاحلة ، الرجال الذين كان بإمكانهم توفير ثروة أكثر من ذلك هم زعماء القبائل الذين يظهرون في التاريخ كأباطرة حرب وامتلكوا ثروات كبيرة من الاستيلاء على الأراضي وكان علي قاسم احد هؤلاء وقت وفاته برفقة أحمد محمد حبيش الذي يبدو أنه قد عاش إلى سن متقدمة جدا شاهد قبره في المدقّة في سفيان ويؤرخ وفاته بشعبان 1179هـ/ فبراير 1766م ويصفه بموالي الأئمة مرة أخرى مثل قبر الأحمر يشكل هذا جزءًا من تقليد غير واسع النطاق وقليل من الناس خارج المدقة يعرفون بوجوده وعلى بعد ياردات قليلة يوجد قبر قريب أحمد محمد ومعاصره هادي بن علي حبيش (ت ذو القعدة ١١٧٤/ يونيو ١٧٦١) الذي يعطي شاهد قبره المنحوت بشكل جميل بعض الأدلة حول الكيفية التي ربما كان هؤلاء الرجال ينظرون بها إلى أنفسهم ومكتوب على شاهد قبره الأتي : القائد النبيل والكريم الذي لا لوم فيه في جهوده من أجل السادة والعرب أي رجال القبائل كان ملاذًا آمنًا للشخص المحمي في أوقات المجاعة، لم يكن يبخل على أحد، هو الذي كانت المعارك تراه دائمًا في المقدمة في المعارك القائد والزعيم العظيم الجليل عظيم القوة والنفوذ مؤيد الملوك رحيم بالفقراء والمعوزين.
إن مصادر هذا الكرم خاصة في أوقات المجاعة بالتأكيد يمكن استخلاصها ممن عنده الأراضي القبلية يجب عليهم، لقد أتوا من ممتلكات شخصية في الغرب أو الجنوب ومن الدولة التي سيطرت على هذه المناطق الأكثر ثراءً على وجه التحديد بمساعدة رجال مثل حبيش كان هيكل المدفوعات هو هيكل الدولة نفسها ومن زمن الأتراك 1636م) إلى زمن المهدي صاحب المواهب (1687) كان من المفترض أن اليمن قد نجت من الجوع والفتن وتم ألأخذ من تلك الثروة بما يسمح به القانون حيث قام ذو المواهب بأخذ ما يحل من المال وما لا يحل صلح حاله وعظمت هيبته وتوسعت قوته وتزايد عدد قواته وأصبح أشبه بالملك منه بالخليفة ومع ذلك فإن المحافظة على مثل هذه الثروة من خلال الضرائب كانت بالتأكيد أمرًا حيويًا حيث كانت القاعدة الزراعية للبلاد ضعيفة للغاية كما حدث في (1724- 1723م) على سبيل المثال عندما ضرب الجفاف صنعاء ومعظم جبال اليمن مات معظم الناس من الجوع وأفرغت القرى من سكانها وارتفع سعر الحبوب كلها وبلغ القضاء ثمانية ريالات وتصدق الأثرياء بما عندهم وأخرج المتوكل قيم بن الحصين كل ما كان صالحا للأكل من مخازنه ووزعه على الناس الفقراء في أزقة صنعاء ثم كانت الوفرة في بداية العام التالي من أواخر صيف 1714م واستمرت حتى وصلت الأسعار إلى أربعة أقداح من القمح بريال واحد فقط..
وكان دور مخازن الأئمة العامة تخفيف مثل هذه التقلبات موضوعًا مثيرًا للاهتمام ولكن المهم بالنسبة لهذا الهدف هو مفهوم الكرم العامل هنا إذا نظرنا إلى الوراء من أوائل القرن العشرين إلى أيام القاسميين العظيمة يرسم مؤرخ مجهول صورة للرعاية الصالحة من قبل الأئمة للشعب وكانت الأرزاق توزع على الجميع عند الحاجة، ابتسم الزمن لأهل ذلك العصر والسبب هو أن كان اليمن كله في يد الدولة حتى أن العلف نما في أراضي ما وراء بارات والأمر الأول أن الإمام اتبع الشريعة المطهرة حتى أنه يؤثر على نفسه وما يملكه ثم كان محترماً في تنفيذ الأمور على كتاب الله والسنة النبوية ولم يتهمه أحد بالمحاباة او الرشوة من أطراف الدعوى والسبب في ذلك أنه كان لديه ما يكفيه ويغنيه عن المال الحرام حيث كان يمتلك إقطاعية تجلب له حوالي 1000 قدح، هذا غير الحيمة التي كان واردها حوالي 100 قطع فضية شهريًا وكما هو معروف للكل في زمانه انه لم يدخر هو لنفسه شيئًا مما كان يأتي إليه من ثروات بل كان يدفع الكثير منها للفقراء والمحتاجين ومن بعده جاء السادة من آل الإمام وكانوا يهتمون بالمظاهر كثيرا حيث نجد ان كل واحد منهم لديه عدد من الوزراء خمسة أو ستة إضافة إلى الكثير من التابعين ممن كانوا يعيشون معه في القصر وكل هؤلاء مسؤولين من قبل الإمام ويتكفل بمعيشتهم وهكذا من خلال الرتب نزولاً عبر الخدم من فوقهم إلى قوائم الإحسان العظيم للفقراء يتم الإنفاق بسخاء في العديد من المناسبات، مصادر الدخل والإنفاق الشخصي للإمام لم يتم تناوله بالتفصيل في أي مكان أو زمان وفيما يتعلق بالقبائل لا ينبغي أن يفاجئنا هذا إن المساواة الإقطاعية هي في كثير من الأحيان هبة من الله والتي بالتالي لا تتطلب المعاملة بالمثل؛ في الواقع فإن وضع القادة الأثرياء في نظام المساواة نادرًا ما يكون ممكنًا بدون هذا ولكن هنا تغلغلت أخلاقيات السخاء في مجمل وظائف الدولة وتنطبق بالتساوي على سكان المدن والتجار والفلاحين ورجال القبائل وعلى كل من يمتلك الثروة وخطوط الدفع كانت جميعها تسير بشكل طبيعي على محور الخريطة الدقيقة التي تحدد القبائل أو الأقسام مع جيرانها وكان خط المخازن موازيا للآخرين وترتيبهم في سلسلة منظمة وكان اليمن كله في يد الدولة كانت تعتمد فقط على هيبة الإمام ومع ذلك مع أو بدون هذه التبعية استمرت خطوط الدعم المحلية لهذه القبيلة أو تلك ومن الناحية العملية كانت هذه الفترة التي تم فيها التمييز بوضوح بين ما لا يزال المرء يجده في وثائق وثيقة الصلة بزمننا هذا: تلك التي كانت بين رجال القبائل الإقطاعيين والفلاحين الرعايا الأشخاص الذين يدفعون الضرائب وكان المشايخ البارزين هم الذين شكلوا حلقة الوصل بين الاثنين وهؤلاء المشايخ ليسوا موضوعاً للتاريخ الإمامي وعلى الرغم من أن الإمامة لم يكن من الممكن أن تؤدي عملها بدونهم وعلى الرغم من أن منح الإقطاعيات لهم استمر لعدة قرون إلا أن تفاصيل وضعهم المالي والإداري لم يتم توضيحها في أي مكان ولم يتم الكشف عن الوثائق المحلية وإلى أن يحدث ذلك يجب علينا أن نتوصل إلى ما نستطيع من تقديرات من خلال النظر إلى دور المشايخ الكبير في دعم الدولة.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا