كتابات | آراء

الشأن الفلسطيني في المشهدين الانتخابيين الفرنسي والبريطاني

الشأن الفلسطيني في المشهدين الانتخابيين الفرنسي والبريطاني

مع أنَّ قضية فلسطين كانت قضية جميع العرب والمسلمين، فقد حجمها تواطؤ أنظمتنا العربية، فغدت -مع توالي السنين- خاصة بالفلسطينيين، إلَّا أنها عادت -منذ الـ9 من أكتوبر- قضية الإنسانية الأولى، حتى أوشكت أن تطغى -بعد أن كادت تنسى- على انتخابات بريطانيا وفرنسا، والفضل -بعد الله- لـ«طوفان الأقصى».

انحياز الناخب البريطاني إلى الحق الفلسطيني

بالرغم من أنَّ بريطانيا هي -تأريخيًّا المتسبب الأول في زراعة دولة «الكيان الصهيوني» في ثرى فلسطين العربية على حساب الحقوق التأريخية للشعب العربي الفلسطيني، وأنها هي المساهم الأبرز في دعمه -بصورة مباشرة أو غير مباشرة- في تنفيذ خططه الاستيطانيّة التوسعية، مثلما ظلت ماكينتها الإعلامية حاضرة ومستبسلة في تشتيت انتباه أبناء المعمورة عمَّا يُرتكب في حق أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل -على مدى العقود الزمنية الغابرة- من مجازر وحشية ومن ممارسات عنصرية جائرة، فقد جاءت عملية «طوفان الأقصى» لتكشف لشريحة الشباب ما كانت تمارسه النخب السياسية البريطانية من دعمٍ لا محدود للوحشية والعنصرية والإرهاب، فلم تترد تلك الشريحة المجتمعية الفتية النابضة قلوبها بالحيوية والمبادئ الإنسانية السوية عن تنظيم المسيرات وإقامة الاعتصامات المنددة بما يشنه الكيان الصهيوني على أبناء الشعب الفلسطيني من حرب إبادة جماعية، ولم تلبث تلك المسيرات والاعتصامات والوقفات الجماعية أن تركت أثرها واضحًا في مجريات العملية الانتخابية، وذلك ما يمكن أن يستشف من استهلال الإعلامي «أيوب الريمي» استطلاعه الصحفي المعنون [دعم فلسطين هو المعيار.. مبادرات لمحاسبة ساسة بريطانيا في الانتخابات] الذي نشره في «الجزيرة نت» في الـ14 من يونيو الفائت بالتوطئة الاستهلالية التالية: (يبدو أن إصرار عشرات الآلاف من البريطانيين على مواصلة التظاهر منذ نحو 9 أشهر تضامنًا مع أهالي «قطاع غزة» تحوّل من مجرد حراك شعبي غاضب يثير حفيظة الطبقة السياسية البريطانية الداعمة لإسرائيل، ليصبح محددًا سياسيًّا يُتوقع أن يُسهم في رسم ملامح المشهد السياسي البريطاني الذي ستفرزه الانتخابات التشريعية في الرابع من يوليو المقبل.
فبعد أن أظهرت نتائج الانتخابات المحلية في أبريل الماضي أنَّ موقف المرشحين من الحرب على «غزة» شكّل أحد العوامل التي وجهت خيارات الناخبين، خصوصًا في المناطق التي تقطنها الجاليات العربية والمسلمة، تحاول حملات دعم القضية الفلسطينية تأطير هذا التوجه واستثماره من أجل تعزيز حضور القضية على أجندة الطبقة السياسية البريطانية).
ومن المؤكد أنَّ ما تحقق لـ«حزب العمال» من فوز كاسح على «حزب المحافظين» له علاقة وطيدة بموقفه المساند -ولو في أدنى حدّ- لإقامة «دولة فلسطين».

هيمنة القضية الفلسطينية على الانتخابات الفرنسية

لم تكن ألوان الطيف السياسي الفرنسي بدعًا في التأثر بما يُرتكب في «قطاع غزة» -منذ 9 أشهر أو أكثر- من مجازر، فعلى العكس من هيمنة قضية التخفف من أعباء الالتزامات الاتحادية لصالح الاستقلال بقرارات الدولة الوطنية على مجريات انتخابات البرلمان الأوروبي التي حقق اليمين -في ضوء الاهتمام بها- فوزًا غير متوقع على جميع المنافسين، هيمنت على مجريات الانتخابات التشريعية  الفرنسية «قضية فلسطين» التي يتبناها «اتحاد اليسار» ممثلًا بـ{حركة "فرنسا الأبية" التي يقودها النائب «جان لوك ميلانشو»، والحزب الاشتراكي، والحزب الشيوعي، والخضر، والحزب اليساري المعادي الجديد للاستعمار، وهي الأطراف الأكثر مشاركة في التعبئة للتوصل إلى وقف إطلاق النار}، والتي تحظى بدعم الناخبين العرب والمسلمين، وذلك ما ألمحت إليه الصُّحفية «محجوبة كرم» في مستهل الخبر المختصر المعنون [القضية الفلسطينية: الدافع الأول لتصويت الفرنسيين المسلمين لليسار] الذي نشر في موقع «فرانس 24» في الـ19 من يونيو الفائت بقولها: ( كشف استطلاع رأي أنجزه معهد "إفوب" ونشرته -اليوم- صحيفة ”ليبراسيون“ أنَّ نسبة 74% من الفرنسيين من ذوي الديانة الإسلامية قد صوتوا لليسار في آخر انتخابات تشريعية ، وأنَّ دافعهم الأول هو تعاطف أحزاب اليسار مع القضية الفلسطينية).
ولم تلقَ «القضية الفلسطينية» -في ما مضي- أية أصداء في أي مشهد انتخابي في فرنسا كما تتردد أصداؤها في جنبات الانتخابات التشريعية  الفرنسية الوطنية التي تعتبر الأولى منذ حدوث «طوفان الأقصى» الذي طفا بالقضية إلى أعلى مستوى وبعث على التضامن معها من جوانب شتى، وذلك ما يُفهم من احتواء تقرير «حسان البلعاوي» المعنون [الانتخابات التشريعية الفرنسية وفلسطين] الذي نشرته منصة «مسار» مساء الأحد الموافق 30 حزيران الماضي على ما يلي: (قضية فلسطين -وتحديدًا حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي في «غزة»- حاضرة في الانتخابات الفرنسية، وقد قامت جمعية التضامن الفرنسية الفلسطينية بتحليل أعمال والتزامات وبرامج الائتلافات الرئيسية الثلاثة التي تقدم مرشحيها في هذه الانتخابات، من أجل تقييم مواقف كل منها فيما يتعلق باحترام القانون الدولي وحقوق الإنسان في فلسطين ضمن 13 بندًا) تمحورت حول إدانة المجازر الجماعية ومحاكمة مرتكبيها، وضرورة وقف إطلاق النار، وإطلاق آلاف المعتقلين الفلسطينيين، وفك الحصار، وحق شعب فلسطين في الحرية وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا