كتابات | آراء

القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد»49«

القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد»49«

شكلت السنوات الخمس الأولى من حكم الرئيس السلال من عام 1962م إلى عام 1967م الفصل الأول في تاريخ اليمن الشمالي وقد تميزت هذه الفترة بالثورة التي بدأتها وشهدت حرباً أهلية طويلة بين القوات الجمهورية اليمنية المتمركزة في المدن والمدعومة من مصر وأنصار الإمام المخلوع المدعومين من المملكة العربية السعودية والأردن،

في عام 1965م التقى الرئيس المصري جمال عبد الناصر مع الملك فيصل ملك المملكة العربية السعودية للنظر في تسوية محتملة للحرب الأهلية وأسفر الاجتماع عن اتفاق تعهدت بموجبه الدولتان بإنهاء مشاركتهما والسماح لشعب اليمن الشمالي باختيار حكومته ومع ذلك كانت مؤتمرات السلام اللاحقة غير فعالة واندلع القتال مرة أخرى في عام 1966م وبحلول عام 1967م وصلت الحرب إلى طريق مسدود وانقسم الجمهوريون إلى فصائل متعارضة فيما يتعلق بالعلاقات مع مصر والمملكة العربية السعودية وفي أواخر عام 1967م أُطيح بحكومة السلال وحل محله عبد الرحمن الإرياني واستمر القتال حتى عام 1970م عندما أوقفت المملكة العربية السعودية مساعدتها للملكيين وأقامت علاقات دبلوماسية مع شمال اليمن نفّذ الإرياني الهدنة التي طال انتظارها بين القوات الجمهورية والملكية وأشرف على اعتماد دستور ديمقراطي في عام 1970م وفي يونيو 1974م قام ضباط عسكريون بقيادة العقيد إبراهيم الحمدي بانقلاب غير دموي زاعمين أن الإرياني أصبح غير فعال وتم تعليق الدستور وأُسندت السلطة التنفيذية إلى مجلس قيادة يهيمن عليه الجيش وترأس الحمدي المجلس وحاول تعزيز وإعادة هيكلة السياسة في شمال اليمن واغتيل الحمدي عام 1977م ثم اغتيل خليفته رئيس الأركان السابق أحمد حسين الغشمي في يونيو/حزيران 1978م وكانت فترة ولاية الرئيس علي عبد الله صالح الطويلة التي حكم اليمن الشمالي منذ عام 1978م حتى اندماجه مع جنوب اليمن في عام 1990 وأثبت أنه أكثر استقراراً وعزز صالح النظام السياسي في حين أدى تدفق المساعدات الخارجية واكتشاف النفط في شمال اليمن إلى ظهور آفاق التوسع الاقتصادي والتنمية.. لقد أدى الحجم الهائل للدعم الأجنبي إلى تضاؤل الاستفادة من الأوقاف الدينية وحيازة الأراضي خارج القبيلة والضرائب وتقسيم الغنائم وفي خلال هذه الفترة بقيت مجاميع من الموالين للإمامة في عدة جيوب في اليمن وخصوصا في العزل يلجأون إلى هناك ويدعمونهم ثم يشكلون قوة تهاجم الجمهوريين وفي المقابل يتعرض السادة الموالين للملكية لهجمات الجمهوريين على الهجرة بسبب لجوئهم لكن الموارد التي كان في السابق يتم القتال من أجلها قد أصبحت تأتي من حكومات أجنبية ولم يتم الحفاظ على خصوصية موقف السادة القديم ولم يعودوا مجرد علماء فحسب بل بدأوا يبدون للكثيرين طبقة لها أهميتها السياسية وتأثيرها الكبير في مستقبل اليمن يمكن الحكم عليها بمعايير الدول الأخرى ولم يتم تعريف الفصائل بمصطلحات يمنية فقط وأجبرت الحرب الجميع تقريباً على المقارنة والتعميم حقيقة أن أنصار الإمام كانوا على استعداد لتسمية أنفسهم ملكيين وكان البعض يطلق عليهم لقب أنصار الحق لقد أصبحت نقطة هذه المقارنة والتعميم أكثر حدة بسبب وجود مجموعة اجتماعية جديدة داخل البلاد: العمال اليمنيون الذين عادوا من الخارج بعد وقت قصير من الانقلاب ويقيمون في المدن يعلقون الآن آمالهم على حياة أفضل على العرب القومية والوعد بالاشتراكية حسب وعود الحكومة الانقلابية الجديدة ولكن بدا المشايخ ورجال القبائل سواء كانوا ملكيين أو جمهوريين بمثابة عودة إلى العصر الإقطاعي على الرغم من أن رجال القبائل هم الذين كانوا يتقاتلون من أجل تقرير مصير الجمهورية عندما يختار الشيخ وطائفته أو قبيلته طرفين متعارضين يبدو في أغلب الأحيان أن الشيخ متمسك بالجمهورية ولكن في نفس الوقت هو إقطاعي ولم يتغير شيء في سلوكه بعد الانقلاب .

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا