كتابات | آراء

أعاصير الإرهاب الفكري المؤدلج

أعاصير الإرهاب الفكري المؤدلج

تدور دورات التاريخ وتظل الشعوب العربية بين شاهر سيفه وقاتل من أجل مفاهيم منحرفة وقيم زائفة ومعتقدات فاسدة ومن أكبر الأخطاء التي ارتكبتها الكثير من الدول في المنطقة انزلاق العراق في الصراعات المذهبية والطائفية والجهوية

التي مزقت وحدة الأمة وتبين لها بعد فوات الأوان أن المستفيد الوحيد من هذا الصراع هو أمريكا وبعض الدول الجارة التي كانت ترفع شعار الإسلام هو الحل علماً بأن المستفيد الأخير من غزو العراق هو دويلة الكيان الصهيوني وبعض دول الجوار لأن هناك مصالح مشتركة وأجندات متقاربة أيديولوجياً وفكرياً ومذهبيا ً ..
إذا تساءلنا أين يذهب مردود النفط العراقي ..؟ أليس إلى أمريكا وحلفائها وهناك فوبيا داخلية باتت واضحةً وضوح الشمس في كبد السماء تعمل لصالح أجندات إقليمية ودولية , هذا الواقع المؤلم الذي يعيشه العراق اليوم بسبب الغزو الأمريكي والتدخلات العربية والإقليمية.. فالامبريالية العالمية هدفها الأساس امتصاص ثروات الدول العربية النفطية والمعدنية عن طريق التدخلات البرتوكولية والدبلوماسية والعسكرية أو ما يسمى بالحرب الناعمة التي من أهم أدواتها بث الصراعات المذهبية والطائفية بين فئات الشعب والدول العربية لأجل تمزيقها وتفكيكها وإشعال الحرب الأهلية بين أبنائها.
وفي ظل غياب العمل العربي المشترك والإفراط في ممارسة القطرية والمذهبية والتقوقع الفكري والإيديولوجي تعيش الشعوب حالة الوهن والتمزق والصراع, وتنسى بناء الوطن.. فهل آن الأوان لنتعلم من الآخرين كيف شادوا أوطانهم وارتقوا بشعوبهم في حين الكثير من الدول العربية مازالت ترزح تحت أقدام أسيادهم وكبرائهم بالرغم من الأوضاع الاقتصادية المأساوية والاجتماعية الكارثية ..
لذا علينا أن نعي أن الإرهاب الفكري سلاح ذو حدين قد يكون معولاً لتمزيق الأمة أو هدم وتدمير موروثاتها الثقافية والحضارية .
لا أظن أن أي مراقب أو محلل سياسي يخفى عليه ما تقوم به أمريكا تجاه دول المنطقة وشعوبها ليس من أجل سواد عيونها, بل من أجل مصالح استراتيجية ولوجستية تخدم في المقام الأول أمريكا والكيان الصهيوني الذي يعتبر الطفل المدلل لها.. لذا علينا أن ندرك أن أمريكا تمر بمرحلة مخاض عسير في تاريخها السياسي والاقتصادي والعسكري وهذا يتضح لنا من خلال تخبطها السياسي والعسكري والاستراتيجي في دول المنطقة فما يحدث في العراق ولبنان وسوريا والسودان واليمن كلها إفرازات الدبلوماسية الأمريكية الفاشلة, وخير شاهد على ذلك ما يحدث الآن في أرض غزة من إبادة جماعية على مرأى ومسمع من دول العالم أجمع, وتحت أشراف أممي وعالمي وإمبريالي , لقد أكلت غزة حين أكل الثور الأبيض ومليار المليار من العرب والمسلمين في سبات عميق .
صفوة القول :
ليكن في الحسبان أن الحضارات تشيخ كما تشيخ الكائنات والمخلوقات, وكذلك الدول والمجتمعات والثقافات, ويظل عنصر المفاجأة الكونية سراً من الأسرار المبهمة وما تشهده دول المنطقة من احترابات ومناوئات قد تؤدي في المستقبل إلى تمزيق الدول والبلدان وقد يصبح الوطن العربي عبارة عن دويلات وسلطنات ومشيخات متناحرة, وهذا ما سيتحقق في الأيام المقبلة فالقادم خطير ويحمل مفاجآت كارثية وسيكون من الأصوب أن تعمل جميع الأطراف المعنية بالاستثمار في الوطن العربي في اتجاه إقامة تكتل اقتصادي عربي يحميها من التكتلات الاقتصادية العالمية التي تفشت في الآونة الأخيرة بصورة مذهلة, وفي مقدمتها منظمة التجارة العالمية ..
يكفي هذه الشعوب ما تعيشه اليوم من ظلم وقمع وكبت, وهذا درس لكل من تخلف عن الركب وأصبح يقبع في آخر الصفوف لذا لا داعي للتنصل من تحمل المسؤولية ومن كل السلبيات التي حدثت ولا تزال .
إن غياب العمل العربي المشترك والإفراط في ممارسة القمع والكبت والبطش لا يجدي, وهو الذي أوصل الأمة العربية على ما هي عليه من شتات وتمزق وصراع, أما المؤشر الأخطر فهو زيادة النفوذ الإقليمي صاحب الإستراتيجية المناطقية والمذهبية وما حدث بالعراق ليس ببعيد, فالحرب القادمة في المنطقة ذات طابع عقائدي مذهبي وهذا ما تسعى إليه أمريكا وليس لها خيار سوى التورط العسكري في د ول المنطقة.. فالقضية الكبرى التي تواجه الأمة اليوم كما لخصها عميد الأدب الدكتور طه حسين تكمن في كلمتين : ( الثقافة والتعليم ) لأن الدكتور طه حسين كان يدرك إدراكاً واعياً وشاملاً بخطورة الجهل واستبداده على حياة الأمم والشعوب التي فقدت حريتها وكرامتها لأن الثقافة والتعليم هما أساس كل مشروع تنموي واقتصادي واجتماعي شريطة أن يتم وفق برامج مدروسة وخطط وأبحاث ودراسات فاحصة تبني الوجدان وتصلح الأفكار وتبعث على الحوار والنقاش الهادف البناء, وهي أمور مهمة قد أغفلها القائمون على شؤون التعليم في معظم البلاد العربية, وكانت النتيجة مخرجات هشة غير قادرة على تحمل المسؤولية, فالأوطان لم ولن تُبنى إلا بالتعليم وبدون التعليم تصبح الحياة بائسة وقاتمة وقاحلة وعديمة الجدوى ..

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا