
على هامش خطاب نتنياهو المفلس أمام الكونغرس
ليس غريبًا على الغرب الصهيوصليبي الإمبريالي الحافل تأريخه بتمجيد القتلة والمجرمين لا سيما أولئك الذين أسرفوا في الولوغ المشين في دماء الأبرياء من المسلمين أن يفتح ذراعيه للمجرم «نتنياهو» ويستقبله استقبال الفاتحين ويمنحه فرصة الخطابة أمام مئات المشرعين الأمريكيين والتفاخر بقتل عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين.
فبعد 10 شهور من ارتكابه المجازر الوحشية بواسطة الأسلحة والذخائر الأمريكية {الغبية منها والذكية} وصل -الإثنين الـ22 من يوليو الراهن- المجرم الآسن «بنيامين النتن» إلى العاصمة الأمريكية «واشنطن»، ووقف -بعد وصوله إلى عاصمة الاستكبار العالمي- خطيبًا أمام أعضاء «الكونغرس الأمريكي»، ومع أنَّ خطابه انعكاس لما قد وصل إليه من الإفلاس، فقد تضمن سردية تأريخية عن وحشية الأمريكان، واتهم المتظاهرين المنددين بما تمارسه قواته من انتهاكات لحقوق الإنسان بالتبعية لـ«إيران».
تعريضه المباشر بما ارتكبته «أمريكا» من مجازر
لا يمكن لأيِّ متمعن في مضمون خطاب هذا الـ«نتن» أن يشكَّ في حقيقة أنَّ الرجل قد أعدَّ خطابه وهو مطمئن إلى ما يتسم به أعضاء المجلس التشريعي الأمريكي من تصهيُن، فعلى الرغم من أنَّ الخطاب سرد جرائم أمريكا بدءًا من مرحلة التأسيس على جماجم ملايين الهنود الحمر، مرورًا بمجازرها الكثيرة في حقِّ الإنسانية خلال الحرب العالمية الثانية وقتلها ما لا يقل عن 220 ألف ياباني ويابانية وانتهاءً بما شنته من عدوان على العراق وأفغانستان مؤكدًا أنَّ تلك الجرائم كانت مصدر إلهام لجيش «الكيان» لارتكاب ما يرتكبه من فظائع في حق سكان «قطاع غزة» الآن، قابل سرده أعضاء ذلك «المجلس العريق» بالكثير من التصفيق، فقد أورد الإعلامي التونسي «محمد كريشان» في سياق ما نشره في صحيفة القدس العربي تحت عنوان [خطاب نتنياهو السريالي أمام الكونغرس] في الـ23 من يوليو الجاري من ترجمة نصِّ الخطاب ما يلي: (أيها السيدات والسادة.. دعونا لا ننسى أنَّ هذا البلد العظيم والصديق، الولايات المتحدة الأمريكية، ما كان له أن يُولد ويتسيّد هذا العالم، لولا ما قام به من عمل جبار لم يعبأ فيه بأحد، كما نفعل نحن اليوم، لا أقصد فقط تصفية ملايين الهنود الحمر بلا شفقة، ولكن أيضًا لأنه البلد الذي لم يتجرأ أحد على الدعوة لمحاكمته بزعم ارتكابه جرائم حرب بعد ما جرى في ألمانيا مثلا خلال الحرب العالمية الثانية مع قصف مدينة «دريسدن» حين تجاوز عدد القتلى 34 ألف مواطن، وهو رقم ليس بعيدًا عمَّا يروجه الدجالون عن غزة اليوم.
أيها السيدات والسادة.. لا ننسى كذلك ما فعلتموه في اليابان وإلقاء قنابل ذرية على «هيروشيما» و«ناجازاكي» بأمر من الرئيس هاري ترومان، وهو نفس ما كان بإمكاننا أن نفعله في غزة لولا أنَّ جيشنا هو الأكثر أخلاقيةً في العالم. أما حربكم في فيتنام التي استمرت عشرين عامًا من 1955 إلى 1975 والتي أودت بثلاثة ملايين فيتنامي فما أبعد ويلاتها عن حربنا المشروعة في غزة.
ولا ننسى كذلك حربكم في كوريا التي وقفت فيها بلادكم العظيمة مع من تصدى للهمجية والتطرف، كما نحن اليوم، مع أننا لم نصل إلى رقم ملايين الكوريين من مدنيين وعسكريين الذين سقطوا على يد قواتكم الباسلة، من بينهم عشرات آلاف اللاجئين قبل 74 عامًا بالضبط بين 26 و29 يوليو 1950، في قرية «نو غون ري». أما ما جرى في أفغانستان والعراق فمعلوم لدى الجميع ولا فائدة في التذكير به، فما بالعهدِ من قِدَمِ.
كم يعزُّ عليَّ أن أشير إلى الكثير من نقاط التشابه بين حربنا في غزة وحربكم في فيتنام حيث عجزتم عن فصل الأعداء المسلحين عن عامة السكان، فكان أن تصرّفتم كما ينبغي رغم كل الانتقادات التي تعرّضتم لها، مثلما نحن الآن، وقد قال وقتها الجنرال «وليام ويستمورلاند» قائد القوات الأمريكية في فيتنام -أثناء الحرب- إنَّ الوفيات العرضية بين المدنيين «مشكلة كبرى»، لكن ذلك لم يمنعه بكل شجاعة من تحميل مسلحي الـ«فيتكونغ» وزر ذلك، كما نفعل نحن الآن مع كتائب «حماس» الإرهابية).
اتهامه ملايين الشبان بالتبعية لـ«إيران»
وللتقليل من أهمية ومن شأن المظاهرات التي باتت تغطي معظم حواضر وجامعات العالم وفي مقدمتها الحواضر والجامعات الأمريكية استنكارًا لما ترتكبه دولته العنصرية من مجازر وحشية في حق المدنيين الفلسطينيين اتهم ملايين الشابات والشبان الذين يتجمهرون في كل ميدان بـ«معاداة السامية» وبالانحياز لـ«حماس» وبالتبعية والارتزاق لـ«إيران» المتحالفتين -على حدِّ زعمه- للنيل من «الدولة الصهيونية» ومن «الولايات المتحدة» في آن، وذلك ما يفهم من اشتمال خطابه الذي وصفه «كريشان» بـ«السريالي» علي ما يلي: (على حدِّ علمنا، فإنَّ إيران تمول الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل التي تجري الآن خارج هذا المبنى، وبالنسبة لإيران، «إسرائيل» هي الهدف الأول، و«أمريكا» هي الهدف التالي)، زاعمًا أنَّ كيانه -بما يشنه ضدَّ «قطاع غزة» من حرب إبادة وحشية وتدميرية- يدافع عن المصالح الأمريكية وقِيَمِها التي يعتبرها حضارية.