أخبار وتقارير

13 يونيو .. التصحيح الذي لامس تطلعات اليمنيين

13 يونيو .. التصحيح الذي لامس تطلعات اليمنيين

جاءت حركة الثالث عشر من يونيو، 1974، بعد ثورتين مهمتين في محطات التاريخ اليمني والعربي هما: ثورة 26 سبتمبر وثورة 14 أكتوبر،

وهما الثورتان اللتان كان من الواجب قيام الدولة المدنية في اليمن على إثرهما ولكن ذلك لم يحدث، إذ إن عوامل متعددة داخلية وخارجية حالت دون تمكين اليمن من بناء دولته المحقِّقة لطموح الشعب والمُتَّخِذة من المنهج التقدمي سبيلاً إلى منافسة دول الجوار والمنطقة، علاوةً عن كونها ستعيد التفاعل الشعبي مع أهداف ثورة السادس والعشرين من سبتمبر وأختها ثورة الرابع عشر من أكتوبر.
اتجه قادة حركة الثالث عشر من يونيو 1974، وعلى رأسهم الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي إلى وضع تصورات ورؤى لبناء دولة اليمن الحديثة المدنية مع مراعاة جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الماثلة، وتمَّ عرض فكرة بناء الدولة في تجربة الثالث عشر من يونيو 1974، وآليات تنفيذها، وبيان أهدافها السياسية في غضون أيام قلائل بعد انقلاب أبيض على الرئيس عبدالرحمن الإرياني، ولم يحتج الحمدي إلى ثلاثين عاماً لتنفيذ رؤيته، بل حكم منذ ذلك التاريخ إلى تاريخ 11 أكتوبر 1978 وكانت أفضل أعوام اليمن، بحسب كلِّ من زامن تلك الفترة لحكم الرئيس الشهيد.. قبل حركة 13 يونيو 1974م عانى شمال اليمن منذ قيام الثورة في عام 1962 وحتى1967م من تردي الوضعين السياسي والاقتصادي، والصراعات الداخلية نتيجة سيطرة القوى الإقليمية الرجعية والإمبريالية، مع أن فترة المصالحة في العام 1970م ربما كانت ستساهم نوعاً ما في تثبيت دعائم الدولة الحديثة لا سيما وأن الأوضاع كانت مستقرة نسبياً، لكنها لمْ تفعل.. فجاءت حركة الـ13 من يونيو 1974، بقيادة الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي ورفاقه من شرفاء القوات المسلحة لتصحيح الوضع السابق.. ودعم الحمدي حركته بوثيقة المسار السياسي الخاص بوحدة الشمال والجنوب، والخط السياسي العام للسياسة الخارجية، وفق تبني سياسة عدم الانحياز، مع سياسة الانفتاح والاعتدال مع القوى الإقليمية المحيطة باليمن.
ورغم كل ما سبق، واجهت حركة 13يونيو 1974، التحديات والمعوقات في طريق بناء الدولة منها تحديات محلية وإقليمية ودولية، إلاِّ أنَّ الحركة استطاعت -عبر قائدها الرئيس الحمدي- أن تُحدِّد ملامح الدولة في محورين هما: التغيير الجذري للأوضاع السياسية السائدة، والبناء الشامل للدولة الحديثة والمعاصرة.. واستطاع الرئيس الحمدي ببساطته وقربه من المواطن أن يكسب ثقة شعبه ويجعل اليمني شامخاً في أي بلد، لدرجة أن المغتربين اليمنيين حصلوا على كل امتيازاتهم التي ضمنتها لهم اتفاقية الطائف، وألزم الحمدي نظيره الملك فيصل بن عبدالعزيز بها، ولكن هذا الأمر لم يرُق للسعوديين الذين اعتادوا ارتهان الحكومات اليمنية للقرار السعودي.
تدخَّلت السعودية عبر سفيرها “الهديان” بقوة في اليمن -منذ منتصف حكم الحمدي- واشترت ولاءات قوى قبَلية على رأسها مشايخ قبيلة حاشد، وكان الحمدي ضحية تجاذبات إقليمية وخيانات محلية، كما يقول مؤرِّخون.
ولأن فترة حكم الشهيد الحمدي الزمنية لم تطُل؛ فقد تحوَّل مشروع الدولة الناجحة الذي تبناه إلى مجرد حلم، لا سيما مع غياب رؤية واضحة لدى الشركاء القوميين وفي طليعتهم الناصريون.. مع ذلك، يذهب مراقبون إلى أن إقامة الدولة اليمنية الحديثة أمر غير مستحيل، في حال وجود تنظيم ثوري يسعى إلى ذلك، وهذا الأمر كاد أن يحدث في رأيهم بالفعل لو استمر حكم سالم ربيع علي (سالمين) في الجنوب وتمَّت مشاريع الوحدة الفيدرالية التي وضع مع الحمدي مداميكها، قبل أن يتم اغتيالهما، واغتيال المشروع الوحدوي الفيدرالي، الذي يرى المراقبون أنه كان سيظل أفضل من الوحدة الاندماجية التي وقعها علي سالم البيض مع علي عبدالله صالح عام 1990، ولحقتها معارك وأزمات وانتكاسات.. وبالعودة إلى المرحلة الثانية للحركة التصحيحية الناصرية عقب اغتيال الحمدي، سنجد أن أهم محدِّدات تلك الحركة قد فُقِدت اليوم، وهي التحرر من أشكال الارتهان الخارجي، إذ نجد الناصريين بكل أطيافهم ارتموا في أحضان خصوم جمال عبدالناصر بالأمس، من ملوك السعودية، فضلاً عن عملهم ضمن تشكيلات حكومة “هادي”، إلى جانب عدم ممانعتهم التحالف مع القوى القبَلية الداخلية.. وتحوَّل الناصريون اليوم من كونهم (الظاهرة السياسية) التصحيحية إلى كونهم ظاهرة صوتية، لا تسمع لهم عندما يتعلق الأمر بالمظلومية السياسية أو بالمشاكل الاقتصادية التي تعصف باليمن.
وهنا يرى الكثير من المتابعين والسياسيين أن ثورة 21 سبتمبر المجيدة جاءت كامتداد طبيعي لنضالات الشعب اليمني من أجل التحرر والتقدم، من خلال تبني القضايا الوطنية في مواجهة الامبريالية والصهيونية وتحرير اليمن من كل أشكال الوصاية والارتهان للخارج كهدف من أهداف الثورة.
فمنذ الأيام الأولى لثورة 21 من سبتمبر، أكد قائد الثورة السيد العلم /عبدالملك بدر الدين الحوثي أهمية إنصاف الحركة الوطنية وكل رموزها وتخليد ذكراهم، خصوصاً الشهيد الحمدي ورفاقه وغيرهم من المناضلين.. وكذلك الخطوات العظيمة غير المسبوقة  التي جرت من بعد ثورة 21 سبتمبر من خلال الثبات على الموقف الوطني والانحياز الاجتماعي للمستضعفين والكادحين وتحقيق الأهداف والآمال الشعبية والتطلعات التي حملتها فصائل الحركة الوطنية تاريخياً، في بناء يمن حر ديمقراطي موحد وهو ما جسدته الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة كمشروع وطني انطلق من شعار الرئيس الشهيد صالح الصماد" يد تحمي ويد تبني" وتجسد اليوم بخطط وطنية للبناء المؤسسي والاقتصادي والخدمي في مختلف المجالات.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا