الصفحة الإقتصادية

البن اليمنـي ..  حـراك الحاضـر لاستعادة أمجاد الماضي

البن اليمنـي .. حـراك الحاضـر لاستعادة أمجاد الماضي

 تعد اليمن أول بلد في العالم ابتكر مشروب القهوة، وعبر ميناء المخاء صدر إلى جميع انحاء العالم، ليكون بذلك السلعة الثانية بعد البترول في التبادل التجاري العالمي.

اقترن اسم اليمن باسم البن والقهوة، فلا يمكن أن تُذّكر شجرة البن او القهوة بدون ذكر« موكا كافية» او اربيكا، ولكن رغم كل تلك فقدت شجرة البن مكانتها الزراعية، واصبحت اليوم تقاوم من أجل البقاء في ظل متغيرات عالمية، وتحديات  تحاول أن تعصف بها، فهل حأن الوقت لحماية ودعم شجرة البن لتستعيد مكانتها وامجادها التاريخية؟

محمد صالح حاتم
مسؤول وحدة البن باللجنة الزراعية والسمكية العليا الأستاذ محمد القاسمي يشير أن  محصول البن من أهم المحاصيل النقدية الإستراتيجية اليمنية، والتي يعود تاريخها لأكثر من ثمانية قرون، موضحا ً أن شجرت البن تعرضت للإهمال طيلة العقود الأربعة الماضية، وهو ما قلص من المساحات المزروعة وكميات الإنتاج، حتى كادت أن تفقد مكانتها،  لولا اهتمام القيادة الثورية والسياسية التي حثت على رعايتها والاهتمام بها، لاستعادة امجادها وتاريخها العريق.

 تنمية البن
وعن طرق تنمية البن يقول القاسمي: أن التنمية تكون من خلال دعم المزارعين وتشجيعهم وتوفير الشتلات المناسبة، وفتح أسواق  خارجية جديدة، وتشجيع الصادرات والمصدرين، ورعاية القطاع الخاص، وتنمية وتأهيل وبناء الجمعيات والعمل المجتمعي والتعاوني، وتدريب  وارشاد المزارعين بالطرق الصحيحة والممارسات المرتبطة بعمليات ما قبل وما بعد الحصاد، ويضيف أن من أساليب الحماية هي حماية الجينات والاصول الجينية اليمنية، والتي لايزال بعض المهربين وبعض المزارعين سرقة الاصول الوراثية للبن اليمني.

قطاع اقتصادي واعد
ويقول القاسمي أن البن اليمني يواجه العديد من التحديات منها البن الخارجي، وانتشار شجرة القات، وشحة المياه في بعض المناطق.
ويشير مسؤول وحدة البن أن قرار منع وحضر استيراد البن، كان له دور كبير وفعال فيما تحقق من نتائج في المساحات المزروعة وكميات الإنتاج، ويؤكد محمد القاسمي أن قطاع البن قطاع اقتصادي مهم، يشغل الإيادي العاملة  مبينا أن من يعملون في هذا القطاع أكثر من مليون شخص،و أكثر من  250 الف مزارع يعملون في زراعة البن والذي يعد مصدر رزقهم الوحيد، وتقدر مبيعاتهم بأكثر من 105 مليار ريال في العام،  بالإضافة أن هذا القطاع يستثمر فيه  125 شركة تجارية، ويرفد الاقتصاد الوطني بالعملة الصعبة قد تصل إلى نصف مليار دولار بحلول العام 2027م.  

تاريخ القهوة اليمنية
الباحث في البن الاستاذ عادل رسام يشير أن اليمنيين هم اول من ابتكر مشروب القهوة وصدروها عبر ميناء المخاء في القرن الخامس عشر الميلادي إلى أوروبا، منوها أن العرب والدول الاسلامية كانت قد عرفت القهوة قبل هذا التاريخ، حيث كانت القهوة قد انتشرت في مكة والقاهرة، وفارس والهند واسطنبول والذي من المحتمل أنها وصلت إلى ايطاليا عبر تركيا، قبل أن يكتشفها الرحالة الأوربيّ نيبور  الذي كان أول اوربي يكتشف القهوة حيث ارسل إلى ملك السويد يخبره بوجود محصول تجاري سيكون فيه تجارة عظيمة لبلاد أوروبا، واوصى ملك السويد أن يتم استغلال هذا المحصول والمتاجرة به..
ويضيف الباحث عادل رسام أن البن زرع في عهد الدولة الحميرية وهي أخر دولة من دول ممالك اليمن القديمة.
و يؤكد رسام أن البن زُرعَ في المزارع التي كانت تزرع العنب، والذي كان من أهم محاصيل اليمن القديم.
ويقول عادل رسام: أن البن ارتبط بتاريخ وهوية وحضارة وعادات وتقاليد وثقافة اليمنيين والتي لا تخلو مناسبة دينية او اجتماعية إلا ويحضر فيها القهوة اليمنية.
   سلالات البن
ويوضح الاستاذ عادل رسام أن البن اليمني ينتج من سلالات عريقة واصناف فريدة غير موجودة في العالم، ويضيف أن البن اليمني له خصائص فريدة فهو  منتج طبيعي خالي من الاسمدة والمبيدات الكيماوية، ويعتمد على مياه الأمطار، ويشير رسام أن خبرات ومهارات المزارع اليمني في زراعة وتربية شجرة البن، التي توارثها جيلا بعد جيل، إلى جانب البيئة والمناخ اليمني المميز والفريد هو ما اكسب البن اليمني جودته ونكهته الفريد والتي لا يضاهيها أي بن او قهوة في العالم، والتي يشتهر بها البن اليمني، مشددا على ضرورة استغلال هذه الميزة في تصدير البن اليمني  للخارج والذي سيمثل مورد اقتصادي قومي مهما، وأن يتم حماية البن اليمني من خطر الاستيراد..

ثورة البن
رئيس اتحاد جمعيات منتجي البن الاستاذ محمد حسن عثمان يشير أن البن اليمني تعرض للإهمال والتهميش طيلة العقود الماضية وهو ما تسبب في تقليص المساحات المزروعة، وانخفاض كميات الإنتاج، بل أن اسواقنا اصبحت مفتوحة على مصراعيها للبن الخارجي  المستورد، وهو ما كاد ان يقضي على شجرة البن.
ويؤكد محمد حسن عثمان أن ثورة 21 من سبتمبر 2014م، وموجهات القيادة الحكيمة الداعية إلى تخفيض فاتورة الاستيراد، وزيادة الإنتاج محليا ً، كانت هي المنطلق الذي على اساسة انبثقت ثورة البن، والتي اعادة للبن مكانته وسمعته مبيناً أن من نتائج هذه الثورة هو انشاء وتأسيس اتحاد جمعيات منتجي البن والذي ينظوي تحته 24 جمعية متخصصة في زراعة وانتاج البن، ويضيف أن كميات الإنتاج زادت بما نسبته 140% حيث كانت قبل ثورة البن (17000) طن، وصلت العام الماضي إلى (41000) طن، وزادت كميات التصدير بنسبة% 400 حيث كانت (2500) طن، وصلت العام الماضي إلى (12000) طن، ويقول رئيس اتحاد البن أن ما تحقق يعود بعد الله إلى موجهات القيادة الثورية، وإلى القرارات التي اتخذت فيما يخص قطاع البن ومنها القرار رقم 70 لسنة2019م والذي قضى بحضر استيراد البن الخارجي وغلاته وقشوره، والقرار رقم 8 لسنة 2022م والقاضي بمنع استيراد وتداول البن الاجنبي وغلاتة وقشوره، واعتماد البن اليمني هو المشروب الرئيسي في كل مؤسسات الحكومة، بالإضافة إلى الاهتمام والرعاية الذي حضي بها البن اليمني من قبل رئيس المجلس السياسي الاعلى وحكومة الانقاذ الوطني واللجنة الزراعية والسمكية العليا والمتمثل في رعاية المهرجانات الوطنية للبن خلال السنوات الثلاث الماضية، وهو ما عزز وشجع روح المبادرة والعمل لدى مزارعي البن، الذين بادروا بقلع اشجار القات واستبدالها بشجرة البن، وهو ما زاد من المساحات المزروعة وكميات الإنتاج.
وحذر رئيس اتحاد منتجي البن من اتخاذ أي قرار من شأنه أن يهدم  كلما تم بناؤه خلال السنوات الماضية، او يقوض الجهود التي تبذلها اللجنة الزراعية والسمكية العليا الرامية إلى استعادة امجاد شجرة البن.

الجمعيات الزراعية
الاستاذ محمدعبدالله  الجابري  رئيس جمعية النمو لمنتجي البن بمديرية الحيمة الخارجية يستعرض دور الجمعيات  في تنمية وحماية شجرة البن، ومنها تشجيع التوسع في زراعة البن، وتوفير الشتلات بأسعار رمزية، وتسويق البن، بالإضافة إلى البحث عن مشاريع مستدامة، وتوحيد جهود المزارعين وتوعيتهم بهدف تحسين جودة البن، وارشادهم بالطرق الصحيحة والممارسات المرتبطة بعمليات ما قبل وما بعد الحصاد.
واشتكى الجابري من انتشار الأمراض والآفات التي تصيب اشجار وثمار البن، ومنها الخارز، داعيا وزارة الزراعة والري القيام بعمل ابحاث ودراسات حول انتشار الأمراض والآفات التي تصيب اشجار وثمار البن والقيام بمكافحة هذه الأمراض.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا