ملف الأسبوع

في حضرة المصطفى.. حريصون على إحياء السمات الإيمانية للرسول الأعظم

في حضرة المصطفى.. حريصون على إحياء السمات الإيمانية للرسول الأعظم

العميد دكتور:عباس نجم الدين */

إن احتفالات شعبنا بذكرى المولد النبوي الشريف له دلالاته ومعانيه وقيمه تجاه الرسول الأعظم صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله أجمعين 

فالارتباط الوثيق لشعبنا اليمني بالنبي صل الله عليه وعلى آله وسلم هو ارتباط بالمنهج الإلهي وعندما يحتفل الشعب اليمني بالمولد النبوي الشريف فإنه يهدف بذلك إلى أهداف رئيسية هامــــــــة:-
إظهار حبه وعمق إيمانه بالرسول الأعظم محمد صل الله عليه وعلى آله وسلم وذلك من خلال مظاهر عملية تجسد عمق هذا الحب مثل اللقاءات والتجمعات في المساجد وفي الميادين العامة وإلقاء الخطب والقصائد والاحتفالات المملوءة بالسعادة لذكرى ميلاده صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وسلم ، إضافة إلى توزيع الهدايا وتبادل الهدايا بينهم وكذلك وضع الزينة الخضراء والبيضاء في المباني وعلى أسطح البيوت والمساجد والشوارع ابتهاجاً بقدوم هذه الذكرى .
فالهدف من هذه المناسبة يتمثل في إظهار الفرحة الواسعة الكبيرة بذكرى قدوم خير البشر " محمد " صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله  المنتجبين .
وكذلك احتفالات شعبنا بذكرى المولد النبوي الشريف تتمثل في إحياء صفات وسمات رسولنا الأعظم في واقع حياتنا المعاش قال تعالى{وَمَآ أَرسَلنَاكَ إِلَّا رَحمَةً لِلعالِمينَ} صدق الله العظيم
فالشعب اليمني المناضل الصامد يحرص كل الحرص على إحياء الصفات والسمات الإيمانية التي تحلى بها سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله مستمداً ذلك من القرآن الكريم قال تعالى { لَقَد جَآءَكُم رَسُولٌ مِن أَنفُسِكُم عَزِيزٌ عَلَيهِ مَا عَنِتُّم حَرِيصٌ عَلَيكُم بِالمُؤمِنيِن رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } صدق الله العظيم " سورة التوبة – أية 128" .
فمن خلال هذه الاحتفالات نعيد إحياء وبعث صفات إيمانية عظيمة تحلى بها رسولنا الأعظم ، فهو الإنسان الكامل شخصيته وهو الشخص الذي علمه وأدبه ربه فكان عظيماً ، كريماً ، حليماً ، عفواً ، رحيماً، صادقاً ،أميناً ، مجاهداً ، صابراً ، ثابتاً ، مؤمناً ، متوكلاً على ربه في جميع حياته آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر مصداقاً لقوله صلى الله عليه وآله وسلم "أدبني ربي فأحسن تأديبي".
فحري بنا أن نستلهم من رسولنا صفات وسمات الشخصية الحريصة على رضاء الله فنقتدي به ونحرص على أن نسير وفق سيرته قال تعالى{محمد رسولُ اللّهِ والذينَ معهُ أشدَّاءُ على الكفارِ رحمآءُ بينهم تَراهم ركعاً سجداً يبتغونَ فَضلاً مَّنَ اللهِ ورِضواناً سِيماهُم في وُجُوهِهِم مِّن أثَرِ السُّجُود ذلكَ مَثلهُم في التوراةِ ومَثَلهُم في الإنجيلِ كزرعً أخرجَ شَطئهُ فَازَرَهُ فَاستَغلَظَ فاستَوىَ عَلى سُوقِهِ يُعجِبُ الزرَّاعَ لِيغيظَ بِهمُ الكفَّارَ  وَعَدَ اللّه الذِينَ آمنُوا وعَمِلواُ الصَّالِحَاتِ مِنهُم مَّغفِرة وَأجراً عَظِيماً}
صدق الله العظيم "الفتح – آية 9 ".
وعندما يحتفل الشعب اليمني بذكرى المولد النبوي الشريف تجد من يندد ويهتف بالأبواق الشيطانية بعدم جواز هذه الاحتفالات ، تجد المنافقين يخرجون من كل حدب وصوب ليوقفوا مثل هذه الاحتفالات  محاولين إيجاد مبررات واهية ودسائس شيطانية ، يستحوذ عليهم الشيطان ويجعلهم في أقوالهم وأفعالهم كأنهم دواب شيطانية تردد عبارات جوفاء وفارغة مثل نفسياتهم وعقولهم الفارغة من حب رسولنا الأعظم ، فهم لا ينكرون ابداً ان يحتفل العالم كله بما في ذلك اليهود والنصارى والمسلمون بأعياد دنيوية عديدة كعيد الأم وعيد الشجرة وعيد الربيع وعيد الميلاد و رأس السنة الميلادية بل ويقرونها كأعياد ومناسبات في حين أنهم يصابون بالطامة الكبرى إذا احتفل المسلمون بذكرى ميلاد خير البشر، وهم بذلك بعيدون كل البعد عن قوله تعالى{فَالذِينَ أَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَأتَّبَعوُا النُورَ الذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ} صدق الله العظيم "الأعـــــراف– أية 157".
فلا خير في أمة تدعي الإسلام، وهي بعيدة عن تعاليم الإسلام وبعيدة عن رسولها الأعظم فلا تنصره ولا تعزره وليس له في قلبها موطئ قدم ، لا خير في أمة لا يملأ أسم (محمد) أرواح وقلوب أبنائها .
وبهذا يكون الاحتفال بذكرى مولد الرسول الأعظم مقياساً ومعياراً من خلاله يتحدد موقفان لا ثالث لهما :
الأول: أن تمجد وتقدس وتعظم رسولك الأعظم، ويكون له مكانة كبيرة في نفسك وفي  حياتك وتكون من المفلحين.
الآخر: أن تبتعد عن تقديس وتعظيم الرسول الأعظم، وأن يسيطر عليك الشيطان فتكون مرتعاً لكل ما يسيء للإسلام والمسلمين .
فلا يمكن أن يجمع الإنسان بين ولائه لرسول الله وولائه لأعدائه .
في حين يظهر الهدف الرئيسـي الثالث من احتفالات شعبنا اليمني بذكرى المولد النبوي الشريف في إظهار أعظم وأهم سمة من السمات الشخصية لرسولنا الأعظم محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم، وهي صفة تظم جميع الصفات الإيمانية السابقة وتتمثل في صفة "القيادة الإيمانية" .
فرسول الله هو أعظم شخصية قيادية عرفتها البشرية فخلال العشرين سنة التي تلت هجرته صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله المنتجبين استطاع إقامة دولة إسلامية قوية وحد فيها جميع قبائل العرب والمسلمين تحت راية واحدة هي راية التوحيد ، كما استطاع القضاء على جميع النعرات التي كانت سائدة في الجاهلية والقضاء على جميع الضلالات والعادات السيئة في هذا المجتمع، وذلك بأقل كلفة وبأقل خسائر في الأرواح والممتلكات.
استطاع بحنكته وذكائه وشخصيته الكاملة أن يوحد بين قبائل لم يكن لأي قائد آخر أن يؤلف بينهم ابداً ، لقد كان رسولنا الأعظم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم قائداً ربانياً يعمل وفق تعليمات وتوجيهات الله سبحانه وتعالى  ولم يكن له الخيرة إلا فيما اختاره الله له ولهذا الأمة قال تعالى:
{وَلَو تَقَوَّلَ عَليناَ بَعضَ الأقَاوِيلِ لأخَذنَا مِنهُ بِاليَمِيِن ثُمَّ لَقَطعنَا مِنهُ الوَتِينَ} صدق الله العظيم    " الحاقــة – أية 46" .
فخلال العشرون السنة التي أعقبت هجرته صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله المنتجبين استطاع تكوين دولة إسلامية قوية، كما استطاع القضاء على اليهود المتواجدين في المدينة المنورة على هامش حربه ضد الكفار وقوى الشر والظلام، إضافة إلى أنه استطاع نشر الإسلام في أصداء الدول الكبرى مثل الفرس والروم .
والشعب اليمني عندما يحتفل بذكرى مولده صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله أجمعين إنما يحيي في نفوسنا ذكرى ميلاد خير البشر وقائدهم وهاديهم قال تعالى { إنَّا أرسَلنَاكَ شاهِداً ومُبَشراً ونَذِيراً } صدق الله العظيم " الفتح – أية 8 " .
وهذه الاحتفالات تُعيد إلى الأذهان ضرورة أن يكون قائدنا ومثلنا الأعلى هو رسولنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلا نتخذ قدوات مزيفة يصنعها لنا الغرب وعلى رأسهم أمريكا وإسرائيل، بل نعود إلى تاريخنا الإسلامي لنجد فيه أعظم القدوات وأعظم الرجال الذين يقودنا إلى النجاح في ديننا ودنيانا وآخرتنا .
وهنا تتجلى شخصية رسولنا الأعظم كقائد إنساني ورباني قد أوضح لنا جميع أسباب النصر، وما علينا إلا الاقتداء به فتعظيم رسول الله هو أحد أهم عوامل العزة والنصر .
إن تعظيمنا لرسول الله صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله المنتجبين ولحياته ولسيرته هي عامل هام جداً في إعادة بناء الأمة الإسلامية ، وهو عامل هام أيضاً في نصرة هذه الأمة وفي وحدتها وإعادة مكانتها بين الأمم الأخرى ، فذكرى المولد النبوي الشريف أساس مهم ونواة أولى للوحدة الإسلامية فحياته وسيرته تمدنا بعوامل النجاح والارتقاء بالأمة الإسلامية ، هذه الأمة التي أصبحت متشرذمة  ومقطعة أوصالها يفعل بها  الغرب الكافر ما يريد  ويسيرها وفق ما يريد ليس لها مثقال ولا كيان ولا وجود لأنها ابتعدت عن منهج الإسلام.. ابتعدت عن منهجها القرآني.. وابتعدت عن رسولها الأعظم.
لقد كانت الأمة الإسلامية عندما التزمت بمنهاجها القرآني وقدست وعزرت وعظمت رسولها كانت خير أمة أُخرجت للناس ، قال تعالى { كُنتُم خَير أمة أُخرجَت لِلناسِ تَأمرُونَ بِالمعرُوفِ وَتَنَهونَ عنِ المُنكرِ وَتُؤمنٌونَ بِاللّه وَلو ءَامنَ أهلُ الكِتابِ لَكَانَ خَيراً لهُم مِّنهمُ المُؤمِنُونَ وَأكثرُهُمُ الفاسِقونَ}..
صدق الله العظيم" آل عمران– أية 110".
ولكن بعد أن أصاب هذه الأمة التهاون وركنوا إلى الغرب الكافر وسلموا مقاليد أمورهم لأمريكا وإسرائيل أصابهم الخذلان والفشل وابتعدوا عن تأييد الله ونصره، فأصبحت أمة لا تمثل أي رقم بالنسبة لأعدائها.
ولن تعود هذه الأمة إلى الصدارة إلا إذا عادت إلى كتاب الله، وعادت إلى رسولها وإلى قائدها تستلهم منهما الحل لخروجها من الدائرة السوداء التي رسمها أعداؤها لهذه الأمة.
*مدير عام المستشفى العسكري المركزي بصنعاء

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا