أخبار وتقارير

ازدراء الأديان ومآلها

ازدراء الأديان ومآلها

د. إبراهيم اللوزي /


ان موضوع ازدراء الأديان والاعتداء على المقدسات الدينية موضوع حساس في حياة المجتمعات والأمم والأفراد ويشكل الاعتداء عليها او التجريح فيها خطرا كبيرا على الأمن والسلم العالميين ..

وهنا احاول ان اشير الى مخاطر هذه الاعتداءات الصارخة على الرموز والمقدسات الدينية وازدراء الأديان في العالم حيث تشكل هذه الاعتداءات بالرغم من جدلية المفهوم لدى كثير من المجتمعات والاختلاف في تأطيرها الا ان ما ينتج عنها من عواقب وخيمة قد تصل الى جرائم القتل واستهداف المصالح سواء للدول المستهدفة من جرائم الازدراء او الدول الراعية او المصرحة بهذه الأفعال غير المسؤولة فهذا كله يستدعي بالضرورة الى ملاحقة المسيئين للمعتقدات والرموز الدينية لتكون في تقييمنا ضمن الجرائم الدولية وضروري ان نسعى الى استصدار قانون دولي يجرم الإساءة للمقدسات الدينية ويبسط العقوبات المناسبة لها نظرا لما ينتج عنها من عواقب وخيمة كل هذا يحفظ الشعور النفسي بالمؤمنين بهذه المعتقدات ويجنب العالم الكثير من الويلات والأزمات والحروب التي قد تنشب جراء مثل هذه الجرائم العقدية ومن ابرز هذه المخاطر التي تنتج عن جرائم ازدراء الأديان.. مثل هذه الجرائم العقدية ممكن ان نقيمها في جانبين الجانب الأول مخاطر اجتماعية والجانب الثاني مخاطر امنية ففي جانب المخاطر الاجتماعية نقيم بأن ازدراء الأديان والمقدسات والرموز الوطنية في حقيقته يدمر جمال المناخ الفريد للتعدد الثقافي والديني داخل المجتمعات وخصوصا تلك التي تفتح ابوابها للافتراض واللجوء منذ فترات  طويلة وتقبلت هذه الأنظمة التعددية الثقافية والدينية هذا يشكل تهديداً للمناخات الجميلة التي كانت سايدة في هذه المجتمعات ايضا ازدراء الاديان واستهداف الرموز الدينية او المقدسات لطائفة معينة وخصوصا عند تكرارها واستمرارها يخلق جدار كراهية كبير بين الديانات داخل المجتمع الواحد ايضا استهداف المقدسات والرموز الدينية ينزع روح التسامح والتعايش بين الأفراد والشعوب.. كافة الأعمال والاستهدافات للمقدسات الدينية تعتبر انتهاكاً واضحاً وصريحاً لمبادئ التعايش السلمي ومهددات حقيقية من السلم العالمي في حال تطورها واستمرارها. وغض الطرف عنها كما ان هذه الأعمال ايضا تعتبر  خرقا للعادات والتقاليد والخصوصيات الثقافية لدى كثير من الدول والمجتمعات كما  نقيم بان ضرب الرموز والمقدسات الدينية و تعمد الإساءة لها وموافقة الحكومات على ذلك والتصريح بها يعتبر تمهيدا لتمرير مشاريع تخريبية اخرى داخل المجتمعات لطالما حافظت هذه المقدسات والمبادئ الدينية عليها ومن ذلك ما نشهده اليوم من محاولات تمرير مشاريع ثقافية مغلوطة لفتح الأبواب امام الشذوذ الجنسي والمثلية وما يسمى بالكلاب البشرية وغيرهم وفيما يتعلق بالمخاطر  الاجتماعية قد ينعكس على الجانب الأمني ويشكل مخاطر امنية كبيرة.
تعتبر افعال ازدراء الأديان واستهداف الرموز والمقدسات الدينية افضل مادة خصبة لتجنيد المتطرفين الدينيين من جميع الديانات خصوصا اطراف القضية المنفذ والمستهدف وهذه تعتبر احدى المراحل الاولى لتشكيل التنظيمات الدينية المتطرفة التي لا يخفى على الجميع حجم وجرم اعمالها الاجرامية والتخريبية داخل الدول المستهدفة للأفراد والمجتمعات.
فحدوث هذه الأفعال داخل المجتمع الأوروبي تحديدا يعتبر نسجا محكما لتهديدات امنية بالغة الخطورة داخل اوروبا في المنظور القريب والمستقبلي.. بهذه الأفعال لها ردود افعال اكبر مستقبلا و من قبل جميع اطراف القضية سواء المنفذ لهذه الأفعال او المستهدفين من هذه الأفعال ولدينا امثلة  حية وواقعية في هذا الجانب مثلا حادثة جامع النور في نيوزلندا التي اتت ردود افعال لتنظيمات متطرفة.. ايضا ما يحصل من
جرائم دينية متطرفة في دولة الهند و التي دائما ما نسمع عنها بين حين واخر ..ايضا نقيم بان مثل هذه الأفعال تعين التنظيمات الإرهابية على نشر  فكرها  المتطرف وفرصة لهذه التنظيمات لتبرير الكثير من العمليات الإرهابية التي قد تنفذ ضد مصالح هذه الدول  في خارج او حتى في داخل هذه الدول والمجتمعات التي تتبنى وتسمح بمثل هذه الافعال
كما نقيم ازدراء الأديان واستهداف المقدسات والرموز الدينية وما ينتج عنها من ردود افعال انتقامية على مستوى الحكومات كالمقاطعة الاقتصادية للمنتجات والسلع لعدد من الدول الأوروبية يشكل عبئا اقتصاديا جديدا عليها فى الوقت الذى تعاني فيه اوروبا اصلا من مشاكل اقتصادية حقيقية وهذا يشكل في حقيقته تهديدا امنيا كبيرا بالأمن الاقتصادي الأوروبي ..فعلى سبيل المثال اذا قمنا بحصر صادرات السويد وجدنا انها تقوم بتصدير بضائع مايقارب التسعة مليار دولار فاذا ما تمت المقاطعة الجدية في هذا الاتجاه قد تخسر السويد موردا اقتصاديا مهما يصعب عليها في هذا الوقت ان تتحمل مثل هذه الأعباء.. ايضا من المهددات الأمنية ان الأمن الفكري يعتبر احد ركائز الأمن القومي لكثير من الدول والمجتمعات ومحاولات النيل من الأمن الفكري من قبل دولة او مجتمع يعتبر بمثابة شرارة استهداف امني ولن تقف الدول والمجتمعات مكتوفة الايدي امام محاولة استهداف امنها الفكري خصوصا في حال استمرار مثل هذه الأفعال وما ردود افعال مجلس النواب العربي او منظمة العالم الإسلامي تجاه ذلك الا نتيجة الإحساس بخطورة التهديد للامن الفكري الإسلامي.
كذلك نقيم افعال الإساءة للرموز والمقدسات الدينية تعتبر تنمية لظاهرة عنصرية بين الأفراد والشعوب بجميع اشكالها وفي الوقت الذي تحاول معظم الدول الأوروبية ان تصرح علنا بانها تكافح جميع الأعمال العنصرية فتأتي مثل هذه التصرفات المصرح لها داخل المجتمع الأوروبي لتذكي هذه الرائحة رائحة العنصرية النتنة وتضرب مصداقية هذه الدول في مكافحتها للعنصرية داخل المجتمع الأوروبي وهذه الأمور تحتاج الى مراجعة كبيرة من قبل المجتمع الأوروبي لان كل ما ذكرناه من مخاطر اجتماعية وأمنية هو في حقيقته يشكل عليهم الخطر الأمني الحقيقي قبل ان يشكل مخاطر امنية واجتماعية على غيرها من الدول.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا