أخبار وتقارير

لماذا يحتفل اليمنيون بالمولد النبوي؟

لماذا يحتفل اليمنيون بالمولد النبوي؟

أ.د. محمد الحيفي #/

ذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبه أفضل الصلاة وأزكى التسليم محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم,

التي تأتي في الثاني عشر من ربيع الأول, الذي كان له تأثيره العظيم في مسيرة حياة البشرية لأكثر من أربعة عشر قرنا وسيظل مشرقا على الكون إلى أن يرث الله الأرض وما عليها, أنها ذكرى العطاء المتجدد والزاد الباقي إلى يوم الدين.
وهي ذكرى من أحبه الوجود وألفته الظبى وأنست له الدنيا بأسرها، وحن إليه الجذع حنين الثكلى، فعشقته النفوس وتعلقت به الأفئدة حتى فدوه بالغالي والنفيس، وضحوا من أجله بالمال والولد وهم يرددون: "نفسي لنفسك يا رسول الله فداء"..
 وتعتبر أهم حدث في تاريخ البشرية منذ أن خلق الله الكون ببعثه صلى الله عليه وآله وسلم هاديا إلى الحق ومبشرا بالخير والعدل بين الناس ونذيرا بزوال الشرك والجاهلية.
والحديث عن المولد الشريف وذكراه العطرة وما مثلته للبشرية من إعلان مرحلة حياة جديدة اتجهت فيها البشرية إلى طريق الخلاص والإنعتاق من ربقة العبودية لغير الله وتسلط الطواغيت والتردي في غياهب الظلمات والشقاء والجهل واليأس والفوضى العارمة في أرجاء الأرض وفي كل وجوه الحياة.

وقد قال شاعر الثورة معاذ الجنيد
الله بالفتح المبين يحُفُّنا
ومن الرسول تشُدُّ أيدينا .. يَد
الكون أشرقَ ، والخلائقُ شُرِّفت
وسناهُ من رحم المشيئة يولد
لولاه ما كرُمت مكانةُ آدمٍ
أو قال ربكَ للملائكة اسجدوا
سجدوا ، فأُرسلَ رحمةً ، وهدايةً
وسراجَ نورٍ إن تُطيعوا تهتدوا
لتُعزروهُ ، تُوقروهُ ، تُسبحوهُ
تُقدسوه ، تُعظموه ، تُمجدوا
فلتحتفي الدنيا بيوم قدومه
إن اليمانيين فيه تفردوا
ثرنا وحكّمنا النبيَّ ، ولم نجِد
حرَجاً ، وسلّمنا وربُّكَ يشهدُ
ويمكن الحديث عن مولده صلى الله عليه وآله وسلم بما مثله من مرحلة تغيير وتحول هامة وضعت حدا لضياع
البشرية على مر القرون وإنهيار منظومة القيم الإنسانية والدينية المنظمة لعلاقات الناس ببعضهم وعلاقتهم بالخالق عز وجل.
ان الصورة المزرية التي كانت عليها الأمة قبل ميلاد الرسول الأعظم وبعثته الشريفة وما كانت تعيشه من مآسي وفساد العقيدة والحياة الإجتماعية، ومخاوف جمة تلف الدنيا بأسرها وتغلق الأفاق أمام العيون الباحثة عن الضياء ونور الأمل والعقول والنفوس المتطلعة لفجر الخلاص والحياة الكريمة في ظلال من العدل والسماحة والمساواة والمحبة والقيم العليا التي تتزن بها العلاقات وتصان بها كرامة  الإنسان وعرضه وحقوقه.
إن مولد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم مثل مولدا للأمة وللبشرية انطلق بها في رحاب النور والحب والتآخي والتآلف وسار بها في معارج الرقي والتحضر وأعاد لحياة الإنسان اعتبارها كأقدس شيء وللإنسان قيمته الحقيقية كخليفة لله في الأرض , وحفز العقول على الفكر والإبداع والبحث عن الحقائق وهذب النفوس والسلوك الفردي والجماعي بما جاءت به الرسالة المحمدية المطهرة وحظت عليه وألزمت به من مكارم الأخلاق ومحامد الصفات وفضائل الآثار  والأعمال فانتظم سلك الحياة على خير مثال واستقام أمرها وصلحت كل شؤونها.
ونذكر أخلاقه صلى الله عليه وآله وسلم وما تحلى به في سيرته العطرة وحياته الكريمة من الشمائل والسجايا العالية وما قامت عليه من مكارم ومبادئ عظيمة جعلت منه النموذج الأكمل والأنصع للإنسان الكامل والمثال الأعلى لأجل مظاهر وصور الرحمة ، أهله الله بها لحمل رسالته فجسدتها حياته كأروع وأفضل ما يجب أن تكون عليه حياة الإنسان من بذل للخير والمعروف والعطاء ورحمة بالإنسانية وحرص على سلامتها وصلاحها ونفعها والأخذ بيدها إلى سبل الرشاد وشواطئ النجاة والأمان.
 أن الاحتفال بالمناسبة محاولة للوصول إلى هذه القمة الشامخة والتأمل في فضائل رجل استطاع أن يصنع أمة ويخرجها من الظلمات إلى النور والتأمل بحياة صاحبها وإنجازاته باعتباره رجل أسس أمة وفرضها على العالم بلغتها وقراءتها..  إن ذكرى المولد النبوي الشريف سيظل الرصيد التاريخي الأول الذي تستمد منه الأجيال القادمة زاد مسيرها، ومشعل هدايتها وعناصر بقائها وأصول امتدادها وأنها ذكرى العطاء المتجدد والزاد الباقي إلى يوم الدين.

# رئيس جامعة ذمار

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا