محليات

ريمة.. سحر الطبيعة وفرص الاستثمار اللامحدود

ريمة.. سحر الطبيعة وفرص الاستثمار اللامحدود

تفاجئك جبالها بلوحات فنية بديعة في الجمال.. تزدان بتشابك مكسو بأنواع لا حصر لها من الأعشاب الطبية والعطرية والأشجار المحملة بثمار البن والمانجو والخرمش والموز

ومختلف الفواكه وغابات من أشجار أخشاب البناء والنجارة في مدرجات ووديان وسهول بديعة في الجمال في لوحة تدعوك لتعانق السحاب حيث تتناغم البيئة مع موسيقى الطيور كهديل البلابل وزقزقة العصافير وخرير الينابيع الدافئة ودعابة النسيم العليل.

استطلاع: يحيى الربيعي
وتكتمل اللمسة الفنية البديعة فيما تنفرد به قراها الجميلة المتناثرة على قمم الجبال من الطابع المعماري التقليدي المتناسق مع أصالة الإنسان اليمني البسيط والمتجانس مع الطبيعة الخلابة، وحيث تكتمل اللوحة الفنية.
وأجمل ما تراه في هذه اللوحة المتفردة بجمالها هم أهلها الطيبون الذين لايزالون يمارسون زراعة مختلف أصناف الحبوب من الشعير والذرة الرفيعة بأنواعها والدخن والذرة الشامية وأصناف البقوليات من الفاصوليا والفول والعدس والبلس والمحاصيل النقدية من البن بأنواعه اليمنية الأصيلة والزنجبيل والتمر الهندي والكركم.
ريمة هي المحافظة الـ21 في الهيكل الإداري للجمهورية اليمنية، الواقعة في وسط سلسلة الجبال الغربية، وتبعد عن العاصمة صنعاء بحوالي (200) كيلو متر.. تحدها محافظة صنعاء وجزء من محافظة الحديدة من الشمال، محافظة الحديدة من الغرب، محافظة ذمار من الجنوب، محافظة ذمار وجزء من محافظة صنعاء من الشرق، تبلغ مساحة محافظة ريمة حوالي (1,915) كم² بدون مديرية مزهر.. ويسكنها- وفقاً لنتائج التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت لعام 2004م (394.448) نسمة بمعدل نمو سنوي (3.04%)، سميت ريمة اشتقاقاً من "ريم" – وهو اسم للغزال – نظراً لوداعة ساكنيها وجمال طبيعتها، ووفرة مائها.
وتتميز ريمة بطبيعة وعرة وجبال شاهقة في الارتفاع، ومن أهم مدنها الجبين عاصمة المحافظة.. مناخ المحافظة بالبرودة في فصل الشتاء والاعتدال في فصل الصيف، ولها تضاريس جبلية غربية متوسطة الارتفاع كثيرة الصخور قليلة السهول، ووسطى عالية شديدة الانحدار متنوعة المحاصيل، وشرقية متباعدة وقليلة الارتفاع تتخللها الوديان الواسعة والسهول الزراعية الخصبة التي تصب في المناطق المقابلة لها من أراضي تهامة، ومعظم أودية ريمة الشمالية تصب إلى وادي سهام في باب كحلان إلى تهامة ماراً بالمراوعة ومـن ثم إلى البحر الأحمر، أما أوديتها الجنوبية فتصب إلى وادي رماع.
يوميات
يتعايش المجتمع الريفي الريمي مع وطأة ظروف قاسية؛ طبيعة جبلية شاهقة ووديان وعرة، وتجمعات قروية متباعدة وموارد دخل شحيحة ووسائل إنتاج بدائية ووعي استثماري بفرص استغلال الموارد الطبيعية شبه منعدم خاصة فيما يخص الاستثمار الأمثل للثروة الهائلة من التنوع في الغطاء النباتي والغابات والوديان.
وتعد الهجرة الداخلية والخارجية المصدر الرئيس والأكبر لغالبية أبناء المحافظة، فقد تجد أن 70% من سكان قرية واحدة مغتربون في الخارج، وفي المدن اليمنية كأمانة العاصمة وتعز وعدن وحضرموت وصعدة والحديدة وغيرها.
فيما تعتمد النسبة الكبيرة من المجتمع المستقر في الأرياف على زراعة الوديان والمدرجات الجبلية وفي مواسم الزراعة المطرية، وزراعة مستدامة في الوديان الجارية وحول الغيول والعيون والآبار الطبيعية، وحيثما أبدع الإنسان الريمي العصري والقديم لنفسه من كرفانات وحواجز وبرك حصاد مياه الأمطار.
وتشارك المرأة الريفية في ريمة بدور كبير في معظم العمليات الزراعية التقليدية وخاصة مراحل الحصاد وما بعد الحصاد، علاوة على حش ولف وتجميع حشائش وقصب الأعلاف في قوالب جافة بغرض الحفظ لمواسم الشتاء والجفاف، وبالإضافة إلى واجبها المقدس في التدبير المنزلي، نجدها- أيضا- قائمة بشؤون الحيوانات من تربية ونظافة وحلب واستخلاص السمن والزبدة والزبادي.
وفي المجتمع الريفي الريمي لاتزال الأثوار وسيلة الحراثة الوحيدة، والحمير والجمال وسائل نقل وركوب سائدة بشكل رئيسي لدى غالبية السكان المستقرين فيما تحتل الدراجات النارية المرتبة الثانية، والشاصات والهيلوكاسات الدبل مقتصرة على الميسورين المرتبة الثالثة، تليها وسائل النقل المتنوعة من سيارات ودينات وقلابات بالمرتبة الرابعة.
أنماط عرفية
يحتكم المجتمع الريفي في ريمة إلى النظام المشيخي المتميز بالولاء المطلق للشيخ الذي بدوره يقوم بتمثيله أمام سلطات الدولة المركزية وفي المحافظة بالإضافة إلى تصريف أمور الرعية وإدارة شؤون حياتهم عبر مجلس قروي يتكون من الأعيان والشخصيات الاجتماعية والأمناء الشرعيين والوجاهات الذين يتوزعون فيما بينهم أدوارا اجتماعية وشرعية وعرفية تتناسب وقدرات كل منهم.
أروع ما تجد في أخلاقيات التعامل عند الإنسان الريمي هي الحكمة المبسطة المحوجة ببهارات من اللطافة والنكتة الظريفة الهادفة؛ فهو يجادل بنفس طويل وهادئ؛ يعدد خلاله التبريرات التي يحاول بها تعزيز موقفه، بل ويتهرب بذرائع كثيرة لا تحصى، وقد يراوغ ويلف ويدور من كل الاتجاهات، لكنه- ورغم أميته- يدرك جيدا أن للأمور مفاصل وللمفاصل أحكام يقف عندها ويمتثل.
وأقوى ما في عرف الإنسان الريمي هو ما يسمى بـ"غرم الضيف"؛ وله طقوس استضافة فريدة من نوعها، إذ لا يمكن أن تمر من أمام ريمي في قارعة طريق عام راكبا كنت أو راجلا، وأنت غريب عن المنطقة- وخصوصا في أوقات وجبات الطعام ودنو الليل- إلا باشرك السؤال: هل طعمت؟ وأين المبيت؟ متبوعا بقرار: إن لم تكن ضيف أحد، فأنت ضيفي! (المصدر: بائع الآيس كريم)، وسئلت شخصيا أثناء مروري بعدة قرى وتجمعات سكانية على متن دراجتي النارية قرب المغرب من مفرق رأس يامن إلى مركز مديرية كسمة، وعلى طريق العودة إلى مركز المحافظة في الجبين.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا