كتابات | آراء

بوح اليراع: حكومة (طالبان) في الميزان

بوح اليراع: حكومة (طالبان) في الميزان

منذ أن استولت حركة "طالبان" الأفغانية على العاصمة "كابُل" -في الـ15 من أغسطس الماضي- والحركة تطلق خطابًا تصالحيًّا مع الداخل الأفغاني بما في ذلك الأحزاب والشخصيات التي والت الاحتلال الأمريكي،

ومع العالم الخارجي بما في ذلك أمريكا التي عُرض عليها -أثناء إجلاء قواتها- إمكانية استبقاء تمثيلٍ دبلوماسي.
بيد أن أهم جزئيةٍ كانت تتخلل الخطاب وحظيت بقدرٍ كبيرٍ من الارتقاب هي تلك المتعلقة بتشكيل الحكومة الانتقالية، إذ كان قادة "طالبان" يؤكدون حرصهم على تشكيل حكومةٍ وطنيةٍ تشارُكية تضم كافَّة ألوان الطيف العرقي والسياسي الأفغاني بمن في ذلك أركان نظام الرئيس الفار "أشرف غني".
لكنهم بعد مُضي أسبوعين من تحمل مسئولية البلاد -بينما لم يزالوا في غاية الانشغال عن التشاور الموسع حول ما ينتظر بلدهم من مآل- شعروا -على ما يبدو- بضرورة الاستعجال في تشكيل "حكومة تصريف أعمال" تخدُم وتسيطر على الفوضى التي أوشكت أن تعُم.
ولأن كل استعجال ينجُم عنه قدرٌ من الاختلال، فقد نجم عن الاستعجال في تشكيل هذه الحكومة التي اقتصرت على شخصيات "طالبانية" اختلال الافتقار إلى الحدِّ الأدنى من التنوُّع، وهو اختلال عرَّض الحركة للانتقاد الحاد غير الآخذ في الاعتبار اقتصار مهمتها على تصريف الأعمال التي غالبًا ما تكون قصيرة الآجال، ولم يلتفت من الأطراف إلى ما ساقته "طالبان" من تعليل إلا القليل، وسنستعرض هنا بنماذجَ من المواقف المتخذة منها.

مسعود "الابن" يحرض ضدها
لعل "أحمد أحمد شاه مسعود" الذي اشتهر -منذ أن ظهر- بـ"مسعود الابن" الذي أعلن التمرد في إقليم "بنجشير" حتى تمكنت "طالبان" من إسقاطه في الأخير هو أبرز الأصوات الداخلية اعتراضًا عليها ومطالبةٌ بعدم الاعتراف بها، فقد ورد ضمن أخبار "CNN ARAB" في 9 سبتمبر: (ودعا مسعود الأفغان إلى القيام بانتفاضة ضد حكم طالبان في مختلف أنحاء البلاد، كما دعا المجتمع الدولي إلى عدم الاعتراف بحكومة طالبان التي تم الإعلان عنها).. وهو ردُّ فعلٍ تشنجي يعكس حداثة عهد ما مُني به "مسعود" علي أيدي قوات "طالبان" من انهزام عسكري.

اضطلاع الاتحاد الأوروبي برفضٍ غبي
بالرغم من أن الإدارة الأمريكية أولى بالوقوف من هذه الحكومة موقف الخصومة، أوكلت -كعادتها- إلى الاتحاد الأوروبي تبنِّي الموقف الذي يعبر عن إرادتها، فقد ورد في سياق أخبار "وكالة الصحافة الفرنسية أ ف ب" بتأريخ 8 سبتمبر هذا الخبر: (وانتقد الاتحاد الأوروبي اليوم الأربعاء بشدة الحكومة المؤقتة التي شكلتها حركة طالبان في أفغانستان، معتبرًا أنها غير "جامعة" ولا ذات صفة "تمثيلية" للتنوع الإثني والديني في البلاد).

حذر أمريكي مراوغ
مع أن إعلان موقف الاتحاد الأوروبي وموقف أمريكا قد جاء بعد اجتماع لهما ترأسه وزير خارجيتها، جاء موقفها أهدأ نبرة من موقف الاتحاد، فقد جاء ضمن أخبار موقع "فرنس 24" في الـ8 من سبتمبر الحالي ما يلي: (وأعرب "بلينكين" وزير الخارجية الأمريكي عن حذر بلاده من رغبة طالبان في الحصول على الشرعية والدعم الدولي، مضيفّا في الوقت نفسه أن متطلبات الحركة يجب أن تكون "مكتسبة").

ترحيب صيني واختفاء نكاية بأمريكا
لأن الصين داخلة مع أمريكا في صراع نفوذٍ قوي وبالذات على المجال الحيوي الآسيوي، جاء موقف الصين من تشكيل حكومة "طالبان" الأفغانية متضادًّا مع رغبة الأمريكان، وبحسب ما نشرت "وكالة الصحافة الفرنسية أ ف ب" في الـ8 من سبتمبر فقد (رحبت الصين من جانبها -وهي إحدى الدول القليلة التي أبقت سفارتها مفتوحة في كابول- بتشكيل حكومة أفغانية تضع حدًّا "لأكثر من ثلاثة أسابيع من الفوضى).

إعلانها قُوبِل من ألمانيا بالتفاؤل
ما من شك أنَّ ألمانيا تحتل المرتبة الأولى بين دول أوروبا في استقلال القرار عن هيمنة أمريكا، لذا جاء موقفها من هذه الحكومة مغايرًا بشكل جذري لموقف الاتحاد الأوروبي، فقد ذهب موقع "فرنس 24" في خبر مختصر يوم 9 سبتمبر إلى أن (ألمانيا أعربت عن تفاؤلها بإعلان الحركة لتشكيل الحكومة).. وباستثناء هذا التفاؤل الوحيد لم يطرأ على أنظمة أوروبا -بسبب دورانها في فلك أمريكا- أيُّ جديد.

إعراب فرنسا عن خيبة أملها
بينما جاء موقف فرنسا مجرد صدى لصوت أمريكا، فقد عبر موقع "اسكاي نيوز عربية" عن الموقف الفرنسي في رصد إخباري نشر يوم الثلاثاء الـ8 سبتمبر بالتالي: (وعبرت باريس عن خيبة أملها في حكومة طالبان الجديدة، وقالت الخارجية الفرنسية اليوم الأربعاء، إن تشكيلة الحركة الوزارية "لا تلبي متطلباتنا).

تحمُّس "بوتين" شماتةً بالأمريكيين
أما موقف روسيا فقد قابل تشكيلها بالكثير من الحماس بهدف إغاظة عدوها التقليدي أمريكا التي تجرعت في أفغانستان هزيمة أشد من هزيمتها وأنكى، فقد أختُتِمَ الخبر المختصر الذي نشره موقع "فرنس 24" في الـ9 من سبتمبر الحالي بالتالي: (أما روسيا، فقد أكدت، من جانبها، أنها بصدد إرسال سفراء للمشاركة في مراسم تنصيب الحكومة الأفغانية الجديدة).

تبنِّي "قطر،باكستان،تركيا" تأييدًا ضمنيّا
وإذا كانت معظم دول العالم قد التزمت موقف الصمت المبهم، فإن الأدوار التي تلعبها "قطر وتركيا وباكستان" لمحاولة إصلاح ما أفسده الدهر بين المجتمع الدولي وبين "طالبان" تعكس تأييدها الضمني لتشكيل حكومة مؤقتة، لما من شأنه السيطرة على الأوضاع الأمنية المنفلتة.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا