كتابات | آراء

هل يعتبر الغزاة الجدد؟

هل يعتبر الغزاة الجدد؟

منذ غابر الأزمان عرف اليمانيون بشجاعتهم وتصديهم للمحتلين والغزاة وخوض معارك شرسة مقدمين بذلك اروع الصور في البسالة للدفاع عن الوطن..

تاريخ اليمن بحقبه ومراحله المختلفة حافل بمآثر شهدت بها النقوش وتناقلها الرواة والمؤرخون والتي تتحدث عن بأس وقوة اليمنيين في قتال الأعداء ومشاركاتهم الواسعة في نصرة الاسلام والاسهام في نشره إلى أرجاء المعمورة.. قادة عظماء ورفعوا راية الإسلام وناصروا وآووا الرسول محمد صلى الله عليه وعلى آله..
هذا الإرث التاريخي المجيد الذي اصبح جزءاً من ثقافة شعب بما خلده الاوائل منهم في صفحات التاريخ وهم يجسدون بمعاملاتهم الطيبة والسيرة والقدوة الحسنة أخلاق اليمنيين وأصالتهم وعروبتهم.. وبشجاعتهم وإقدامهم ونصرتهم للحق رسموا أيضاً صورة عن المقاتل اليمني القوي الذي لم ولن يتراجع او يسمح للغزاة تدنيس أرضه أو ينالوا منه مهما كان حجم قواتهم وعدتهم وعتادهم.. وهب الله اليمنيين أرضاً محصنة طبيعياً بجبالها الشاهقة الارتفاع وخلق عليها رجالاً هم أشد منها ثباتا وقوة لن تثنيهم الصعاب مهما تعاظمت، ولن ترهبهم قوى المعتدين مهما بلغت وأوغلت في القتل والتدمير.
شعب يمتلك تاريخاً عريقاً كتب بأحرف من نور في سفر النضال الوطني.. مواقف خالدة للمناضلين الأحرار الذين خاضوا معارك الدفاع عن الوطن في ميادين القتال في الجبال والسهول والأودية والبحار والصحارى.. تاريخ يستحق القراءة والتأمل كيف كان مصير كل من غزا اليمن؟ وكيف كان حال جحافله ومرتزقته؟.. منذ ما قبل الميلاد غزا الرومان اليمن طمعا في خيراته وموقعه الجغرافي الهام وكذلك البرتغال والأحباش والفرس والأتراك والبريطانيون الذين تمكنوا من الوصول الى بعض المدن والمناطق اليمنية.. لكن كيف كانت المواجهات هل تمكنوا من العودة الى بلدانهم مرة أخرى؟!..
طبعا التاريخ يجيب على ذلك بأن كل  اولئك الغزاة واجهوا أقسى الهزائم ولقى الكثير منهم حتفه في المعارك الشرسة التي وجه فرسان اليمن بسيوفهم  اليمانية الأصيلة ضربات قاصمة مزقت أجساد المستعمرين الى أشلاء متناثرة في بطون الأودية وعلى جبال وسهول اليمن الواسعة.. لم يعرف أي غاز أنه استقر بل تأكد له بأنه دخل في ورطة كبيرة وأنه أرسل  لليمن للتخلص منه بسبب جريمة كان قد اقترفها في بلده وهذا حال كثير ممن كانوا يجلبونهم للموت في اليمن وقد ذكر المؤرخون في كتاباتهم عن الأتراك الذين كانوا يخرجونهم من السجون ويرسلونهم إلى اليمن للتخلص منهم لثقة قيادتهم بأنهم لن يعودوا فكانوا يرسلونهم ليلاقوا حتفهم في معاركهم مع اليمنيين.. و لكثرة  قتلى الأتراك في اليمن سميت بمقبرة الأناضول.
تلك الحملات المتعددة التي حاولت غزو اليمن كلها كسرت وخسرت كل قواها في المناطق التي وصلوا إليها لماذا؟ لان اليمنيين بطبيعتهم وفطرتهم رجال أباة يرفضون الضيم ولا يقبلون أبدا أن يظلم أيضاً أحد منهم فتراهم كالصقور الجارحة والوحوش الكاسرة في ميادين النزال لملاقاة كل من اعتدى عليهم.
من العبارات الشهيرة التي كان يطلقها قادة الجيوش الغازية ما ذكره قطب الدين النهر والمؤرخ الاحتلال العثماني الأول لليمن (1538- 1635م) يقول في كتابه المسمى (البرق اليماني في الفتح العثماني) ما نصه:
 (ولقد سمعت المرحوم أحمد جلبي المقتول- دفتر دار مصر- يفاوض المرحوم داوود باشا فقال:
ما رأينا مسبقاً مثل اليمن لعسكرنا كما جهزنا إليه عسكراً ذاب ذوبان الملح لا يعود منه إلا الفرد النادر، ولقد راجعنا الدفاتر في ديوان مصر من زمن ابراهيم باشا وإلى الآن فرأينا قد جهز من مصر إلى اليمن في هذه المدة ثمانون ألفاً من العسكر لم يبق منهم في اليمن إلا سبعة ألف نفر).
وأيضاً ما قاله عزت باشا بقولته المشهورة حول شجاعة المقاتلين اليمنيين (لو كان للدولة ألف رجل من هؤلاء الرجال لأخذنا أوروبا بأسرها)..
لن يعود سالما كل من غزا بلادنا.. هل قرأ الغزاة الجدد تاريخ اليمن العسكري، هل يعتبرون مما حل بأسلافهم من الغزاة القدماء.. هل يعتبرون مما لحق بهم خلال ثماني سنوات الهزائم النكراء وخسارتهم الفادحة, أم أن منيتهم ساقتهم للنهاية المحتومة بالهلاك لتتسع مقبرة الغزاة.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا