كتابات | آراء

قطاع غزة .. ماذا بعد العدوان..؟

قطاع غزة .. ماذا بعد العدوان..؟

لم يحقق العدوان الإسرائيلي الصهيوني في عدوانه الأخير على قطاع غزة شيئاً من الانتصار العسكري سوى تدمير منازل المواطنين المدنيين؟

وصفة المراقبين بالعدوان الوحشي والهمجي حين أستهدف بصواريخه ليلاً ونهاراً منازل المواطنين العزل من بينها " منزل آل نبهان أنتهت العائلة بأكملها وقتل فيها تسعة معاقين حركياً، وغير ذلك منزل آخر كان يسكن به 140 بني آدم من شباب وأطفال وشيوخ ونساء وبنات مقعدات مكسحات على الكراسي.. لا شك أن حال هؤلاء الـ140 ومعهم عائلة نبهان تعدان كارثة إنسانية وتنطبق عليهما 120 عائلة أخُرى دمرت منازلها بشكل كلي، و120 عائلة أخرى تضررت منازلها بشكل بليغ ولم تعد قابلة للسكن". "المكتب الإعلامي الحكومي بغزة"..
وضع مأساوي تطلب من المجتمع الدولي الإسراع لكشف حقيقة العدو الإسرائيلي الصهيوني القاتل حيث وصل قبل ايام وفد سفراء وقناصل من الاتحاد الأوروبي لقطاع غزة بعد شهر ونصف على انتهاء العدوان الإسرائيلي على القطاع بهدف إطلاع ممثلي الوفد على المنازل المدمرة بفعل صواريخ الاحتلال الإسرائيلي.. هذا الوفد الذي لم يقدم شيئاً يذكر سوى أن كبيرهم صرح بالقول: "جئنا إليكم لكي نعلم ما الذي حدث هنا ولنبين تعاطفنا وتضامننا مع ضحايا هذه الحرب، وقد تبين لنا بعد الاستماع إليكم أن الضحايا في الأساس هم المدنيين، وسنعمل جاهدين من أجل عمل التقرير اللازم لتوضيح ما الذي حدث".
قد يحلل البعض الزيارة لممثلي الوفد الأوروبي بأنها عمل إيجابي في إطار التضامن الأوروبي مع قضية الشعب الفلسطيني، لكن الأهالي الذين كانوا منتظرين لمثل هكذا زيارة لم يكونوا راضيين بالقدر الكافي قولهم: "بأن التضامن لا يكفي بل المطلوب هو إعادة إعمار ما دمره الاحتلال الإسرائيلي بأقصى سرعة، فالأهالي مشتتين وبحاجة إلى منازل لإيوائهم".. هذه هي الحصيلة قتل وتدمير وخراب حصلت من قبل هذا الجيش غير المحترم وغير المؤهل بأن يكون ذا قيم وهوية فهو بجرائمه هذه يكون قد عرى نفسه وأفصح عن مكنونات حقده أمام الرأي العام حيث الجميع مطلع على مثل هكذا أعمال وإجرام قام بها مرات ومرات على شعب فلسطين المقاوم.
لكن معركة غزة الأخيرة كشفت المستور وأسقطت الأقنعة ليس عن العدو الإسرائيلي وجيشه فحسب, بل وعن جميع المتواطئين معه، فلا قرارات ولا توصيات أممية نفعت، فإسرائيل لم تحترم يوماً هذه المنظمة الدولية المسماة (الأمم المتحدة)، وهي المنظمة الدولية التي سبق وأن وافقت على إدخال هذا الكيان عضواً فيه، حتى أن هذا الكيان الإسرائيلي لم يكترث لحظة بالقرارات الدولية والمناشدات متكئاً على دعم دولي ومحاور نافذة ظلت ولا تزال حريصة على تحقيق كل مطالب هذا العدو الهمجي، حتى أن هذه الدول والمحاور قد جعلت نفسها وصية على إسرائيلي ومصالح إسرائيل الاستراتيجية حرصاً عليها.. ومع أن العالم تابع وأدان وأستنكر العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة والذي سبقه عدوان في الأعوام (2021م، 2022 م)، إلا أن المشهد السياسي بين أن ثمة محاور دولية متمسكة بدفاعها عن هذه الدولة اللقيطة رغم الجرائم التي أرتكبها ويرتكبها باستمرار في حق أبناء غزة المقاومة- وهو تحدي سافر من العدو المحتل للمنظمات الدولية رغم انتقاد وإدانة الأمين العام للأمم المتحدة للكيان الصهيوني الذي لم يع ما تمليه عليه تصريحات وإدانات قادة الأمم المتحدة.. في تدليل سافر على مدى استهتار هذا الكيان بكل قرارات الأمم المتحدة وعدم اكتراثه بها وبما يصدر عنها؟! ومع كل يظل السؤال: هو ماذا حقق الكيان الصهيوني جراء عدوانه هذا؟
واقع الحال يقول: أنه دمر منازل آهلة بالسكان وقتل ضحايا مدنيين عزل من نساء وأطفال وشيوخ.. والحقيقة الساطعة في هذا العدوان أن جيش إسرائيل بأعماله الشنيعة هذه يكون قد حقق في ثقافة الحروب العسكرية "الهزيمة والفضيحة والعار" وقد أثبت بتصرفاته غير السوية أنه بكل عدته وعتاده وقدراته وإمكانياته ومكونات الدعم اللوجستي والغطاء السياسي الذي يمنح  له شرعية دولية لم يحقق أياً من أهدافه المعلنة فقط في قتل المدنيين العزل وتدمير المساكن الآهلة بالسكان، حيث تشير قناة الغد الفضائية التقديرات المالية: "أن إعادة إعمار المنازل المدمرة في اعتداءات مايو 2023م يتطلب تسعة ملايين دولار، غير المنازل المدمرة في الأعوام (2021م، 2022م) والتي لم يعاد أعمارها حتى اللحظة".
وما يشرفنا كعرب مسلمين إننا لسنا كذلك، ولن نقدم على أفعال مثل أفعال الصهاينة ، فهم بأفعالهم وجرائمهم المشينة قد فضحوا أنفسهم بل خدموا قضية فلسطين حيث وضعوا القضية في واجهة الأحداث الدولية وفي دائرة الاهتمام الدولي.. وبحسب المحللين السياسيين بأن ما جرى من أحداث تصب في تفعيل عملية السلام المزعوم.. وأن كان الواقع لا يشير إلى ذلك، فالعدو الإسرائيلي- الصهيوني لا يرى في السلام إلا المزيد من الأكاذيب وبناء المستوطنات والتوسع فيها وأسر وقتل المزيد من أبناء الشعب الفلسطيني والتنكر لكل إتفاق تم، فما يمارسه الكيان الصهيوني يومياً وعلى الأرض يتناقض مع كل خطاباتهم وادعاءاتهم نحو السلام الشامل، بعكس القادة الفلسطينيين ومعهم القادة العرب الذين راهنوا وما زالوا يراهنون على فكرة السلام المنشود بين الدولتين.
طرح عادل قدمه الفلسطينيون وهو الخيار الذي أرتضاه العرب للعيش مع اليهود بسلام بعيداً عن الحروب والدمار والقتل ضد الإنسانية التي طالما أرتكبها الكيان الصهيوني في حق العرب والفلسطينيين خاصة، ولا نظن وهذا المفهوم يعيه كافة العرب وأحرار العالم الداعمين للقضية الفلسطينية: أن الصهاينة الإسرائيليون يسخَرون من فكرة السلام بدليل أن الإعلام الصهيوني وفي كل حرب ضد أبناء فلسطين يدعون لتوسعة الحرب وإشعال الفتن لما من شأنه تمزيق الجسد الفلسطيني والعربي بطريقة مفضوحة.
موقف وبُعد سلوكي قذر بشع يوحي بأن إسرائيل دولة معادية هدفها احتلال الأرض العربية رغم ما يعانيه الجيش الإسرائيلي من تفكك وإحباط في صفوف ونفسيات الجنود ومن خسائر في العدد والعتاد والهزائم المتتالية الجادة التي يقع فيها الجيش ونظامه الصهيوني في مدن فلسطين وبقطاع غزة خاصة.. وأكيد لن يحسب لهم الحصار الجائر وقتل النساء والشيوخ والأطفال وتدمير المنازل على رؤوس السكان انتصاراً، بل انتكاسة وهزيمة لقادة الجيش وكذلك للقادة السياسيين أحفاد" زئيف جابوتينسكي اليهودي- مؤسس اليمين المتطرف، وبن جوربون وجولدا مائير وموشي ديان، ومناحيم بيغن وغيرهم من القادة الأولين ومن بعدهم الذين ارتكبوا بقواتهم اللعينة الكثير من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني وبحق الإنسانية والقيم والهوية.
وتبقى مأساة الشعب الفلسطيني بحاجة لتضامن أمة العرب الذي بإمكانهم رفع السلاح العربي في وجه العدوان الإسرائيلي وحلفائه، إلى جانب سلاح النفط والمقاطعة الاقتصادية وقطع العلاقات الدبلوماسية بإرادة سياسية فاعلة، ذلك هو الطريق الأسلم والأجدى لمجابهة هذا العدو المتغطرس الذي تقف وراءه قوى الاستعمار والهيمنة.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا