كتابات | آراء

المأزومون.. والمخاض العسير..!!

المأزومون.. والمخاض العسير..!!

المؤسف المشين ما يحدث الآن من مجازر نكراء.. وجرائم إبادة جماعية بحق شعب ونساء وشيوخ وأطفال غزة يشيب له الولدان، شعب يباد عن بكرة أبيه، وزعماء وملوك وأمراء وشعوب ودول تقف موقف المتفرج..

ما يحدث في غزة فوق الخيال، مؤامرة قذرة برعاية ومساندة غربية- أوروبية، وتحت تأييد وصمت وموافقة أممية ودولية، في زمنٍ انقلبت فيه كل موازين القيم والمبادئ الإنسانية رأساً على عقب، وهذا ما سيخلق شروخاً دامية في جسد الأمة العربية والإسلامية، بل في عقول الأجيال القادمة، تظل تفاصيل وروايات، وحكايات عن حرب عالمية ثالثة نعيش أحداثها الدامية دون أن نطلق عليها التسمية بعد..
حريات الشعوب والدفاع عن حقوقها ذاك الحدث التاريخي النادر الحدوث في زمنٍ ملئ بالتناقضات والصراعات، وفي عالمٍ مشحون بالنزعات والولاءات الضيقة، التي أوجدتها قوى اجتماعية سلبت حقوقها، وديست كرامتها، ومقدراتها، فقررت تغييرها بتقديم أغلى ما تملك، وقدمت أرواحها فداءً وتضحيةً لوطنٍ أثخنته الجراح والدماء، وآهات الثكالى..
مهما تكن الخلافات العقدية أو المذهبية أو الجهوية تظل رابطة الدم والعروبة والإسلام هي الرابط المحوري، والمرتكز الأساس ه والشأن المجتمعي والإنساني والأخلاقي وفي ظل التردي المعنوي، والفراغ العقائدي الذي أوصل تلك المجتمعات والشعوب الى حافة الهاوية، وأفرغ تلك الحضارات من محتواها القيمي والأخلاقي والإنساني، لذا لم يكن الساسة والمفكرون العرب ومنذ مطلع القرن العشرين بعيدين عن هواجس المأزومين بل التزم هؤلاء بقضايا شعوبهم التزاماً كبيراً، ودافعوا عنها بكل غالٍ وثمين..
فليكن في علمنا أن المجتمعات والشعوب مهما كانت محافظة ومتمسكة بقيمها وموروثها الثقافي والحضاري والعقدي إلا أن هناك عاملين أساسيين مطبقين عليها من قبل سلطتين نافذتين هما:
الأولى: السلطة السياسية التي تقوم بتكميم الأفواه وتقييد الحريات، وتكبيل الأفكار حتى تساق الشعوب كقطعان السوائم..
الثانية: السلطة الدينية: التي تقود الشعوب كالقطان دون وعي أو إدراك، وأمسكت على وعي الأجيال وعقولها، وتم تجريف قيمها ومبادئها وموروثها الثقافي والديني، فالزمن هو الزمن.. ولكن الحركات الاجتماعية، والأزمات السياسية هي التي تحدث التغيير، وتحرك أشرعة المراكب المركونة نحو شواطئ الأمن والسلام..
من هناك ندرك أن لا سبيل إلى الرقي الفكري والثقافي والاجتماعي إلا بإزالة تلك القاذورات المتراكمة عبر عهود خلت، ويظل الحدث التاريخي الفاعل، العلاقة الفارقة نحو المدى المفتوح، وحركة المعاصرة المتجددة..
فالحركة حياة وتجدد.. والسكون موت وفناء.. من القضايا المعقدة والشائكة، التي تعاني منها الكثير من المجتمعات والشعوب، قضيته غياب الوعي، تهميش الموروث الثقافي، فالناس الآن ليسوا قبل عشرين سنة، أو أربعين سنة، فالدنيا تغيرت، والموروثات تبدلت، والعادات تلونت وكل شيء يتغير ويتجدد حتى الفكر والسلوك والعادات والثقافة والتقاليد.. فكل جيل من الأجيال له سلوكياته وقيمه وعاداته، وبان التقدم والرقي بدون علم مستحيل، وكذلك الإيمان بالحرية، كالإيمان بالهواء لذلك دون هواء مستحيل الحياة, وكذلك الحرية لا تكون ولا تتم دون تقدم ورقي حضاري وثقافي وأخلاقي..
صفوة القول:
المؤسف المعيب: أن الأمة العربية والإسلامية تعيش اليوم مرحلة الاحتراب الفكري والديني الذي طغى على سطح الوعي الجمعي، مما دفعها الى الشقاق والفراق، والاختراق، واستقواء طرف على آخر..
وهذا ما أدى إلى ضعف الثقة، وغياب أجواء الأمن والأمان بين أبناء الأمة الواحدة، لذا تلاشت ثقافة السلم، ونمت ثقافة الكراهية والاحتراب بين الشعوب والأمم..
كلمات مضيئة:
علينا أن ندرك أن المجتمعات الذكية الواعية تحرص دائماً على وضع خمائر التغيير في عجينة التكوين، وقديماً قال حكماء العرب: "ربوا أولادكم على غير أخلاقكم، فقد خُلقوا لزمانٍ غير زمانكم"..
من هنا ندرك أهمية الخطورة في عصرٍ شهد فيه الكثير من التقدم والرقي والنهوض العلمي والثقافي والفكري في شتى العلوم والمعارف والآداب والفنون..
لذا لا يوجد أدنى اختلاف أو تناقض بين القيم الأساسية الكبرى كالحق في العيش والحياة، وكرامة الإنسان، والحرية والمساواة والعدل..
لذا لابد من تصحيح التصورات الخاطئة والمفاهيم المنحرفة.. ولن يكون هذا إلا بثقافة السلم والمحبة والتسامح حتى ننأى بسفينة الوطن عن شاطئ الأمواج المتلاطمة، والأعاصير الهوجاء..!!.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا