كتابات | آراء

الأعراس.. فرحةٌ بين أنياب البذخ والتباهي..!!

الأعراس.. فرحةٌ بين أنياب البذخ والتباهي..!!

العرس محطة مناسباتية وإجتماعية ؛ إذ هو حلمٌ يطمح إليه كل شاب وشابة بأمنيات من ذهب الغيم وأنداء السعادة الزوجية ، ويعتبر إحدى طرق إشهار الزواج وله أسسه وضوابطه السامية ، وفق عادات وتقاليد وقيم مجتمعنا الإسلامي ، لما للزواج من دور في تحصين الشباب، والحفاظ على النسيج الإجتماعي.

غير أن العرس أو حفلات الأعراس أصبحت تخرج عن إطارها الجميل ورونقها المشروع.. المعروف بالبساطة واليسر والبهجة , إلى دوامة التمظهر والبهرجة الزائفة ،بتكاليف وتشعبات تدفعها موجةٌ محمومةٌ نحو مظاهر البذخ والإسراف والتفاخر؛ تقضي على الأخضر واليابس لميزانية الأسرة، وتهدد العش الزوجي الجديد بمشكلات وديون مالية وتبعات لا مناص ولا مفر من تداعياتها وانعكاساتها المرهقة على مستقبل الحياة الزوجية.
تعتقد بعض الأسر أن التعبير عن الفرح يكمن في جعل طقوس العرس أكثر ترفاً ورفاهية، من خلال المبالغة والتوسع في مستلزمات العرس ومشتقاته ، بدءاً بنوعية بطاقات الدعوة وانتهاءً بإيجار الصالة ، وموكب الزفاف ،والصوتيات والملابس والذهب والمشروبات وأصناف الطعام ، والذبائح وكثرة المدعويين ووووو... وما إلى ذلك من الكماليات والإضافات التي أكثرها عادات مستوردة وتقاليد دخيلة، تُصدّع الرأس وتُنهك الجيب ، وتفرغ الفرح من مضمونه ومعانيه السامية والحميمة...وما بهكذا طريقة يكون التعبير عن الفرحة العرائسية ، ولا تشير إطلاقاً إلى صوابية التصرف لمن يحسبون أنهم يحسنون صُنعاً .. وليست مقياساً لمستوى الرقي الإجتماعي والثراء المادي ؛ بقدر ما هي تصرفات شيطانية للتبذير والعبث والإسراف؛ طمعاً في السمعة والمباهاة ، والله سبحانه وتعالى يحذرنا في كتابه الكريم من الدخول في صنف المبذرين حيث يقول : { .....وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا • إِنَّ الْـمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا } « الفرقان الآية26_ 27».
وعلى هذا المنحنى أصبح الكثير _ للأسف_ يسعى لإقامة حفلات الزفاف بأساليب شكلية تسرق سعادة الفرد والأسرة في جحيم الاستنزاف والمحاكاة للآخر .. فصالاتٍ ضخمة هي الأخرى لها أسعارها المحمومة_ التي تضيف عبئاً على كاهل العريس ،مع إطالة أيام العرس إلى أكثر من يوم ،فيوم للحناء والكوافير له نفقاته وميزانيته العبثية ، وأيام أُخر من المطمطة والفشخرة الفارغة ، وقد تجد البعض ممن يشح جيبه على الفقراء، كيف يغدق على الفنانين المركوضين حتى صار الواحد منهم يشترط مبالغ طائلة تصل إلى ال700 ألف ريال يالها من جريمة ومحرقة للمال وصورة مقززة تشوه جماليات الزواج !!
ألا يدرك بعض الميسورين أنهم بهذا يصعبون الطريق على الآخرين من المقبلين على الزواج؛ لينصدموا بحاجز التكاليف الكمالية ، والنفقات اللاعقلانية ؛ مما يضطرهم للغرق في الديون، والالتزامات المالية ومضاعفاتها من الهموم والشقاوة والقلق ،بدلاً من السعادة وتجليات الفرح,أو يعزفون عن الزواج؟!!
المضحك المبكي أن من يبعثر المال ؛ ويسرف ويبالغ في نفقات العرس ؛ينسىى أنه يبيع بقية الأيام بيوم واحد من الفرح المزعوم والمشحون بالضجيج, ثم يتجرع بقية أيامه في دهاليز الهموم والمتاعب المالية ، وقد يلجأ إلى الإغتراب في غضون أشهر ما بعد الزواج ؛ لتسديد ديوانه المتراكمة ، أو لتوفير متطلبات الأسرة .
لا أجمل ولا أعظم من البساطة والتواضع والاحتفال بطريقة سهلة وميسرة!! «وعلى قدر فراشك مديت» كما يقول المثل الشعبي _ولا ننسى أن شعبنا يمر بحصار اقتصادي عدواني أمريكي .
صفوة القول:تبقى الحلول الناجعة والأكثر جدوى هي إقامة الأعراس الجماعية ؛ لما لها من أهمية في تعميق الأواصر وتحقيق التكافل الإجتماعي وبث الروح التعاونية، وتخفيف العبء والحد من البذخ والاستنزاف .. وبهذا تكتمل فرحة الأعراس بعيداً عن مخالب البذخ والتباهي وكابوس المغالاة والتطاول.. أدام اللّٰهُ سرور الجميع.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا