كتابات | آراء

القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد »30«

القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد »30«

في الفترة من عام 1748- 1775م كان المهدي العباس إلى حد كبير إماماً صنعانياً وكان مقيماً في المدينة طوال فترة حُكمه وقد احتفظ بسمعة طيبة بين العلماء الصنعانيين لكن من الواضح أن كل شيء لم يكن على ما يرام في أماكن أخرى من اليمن

وقد سبق ذكر صعود أبو علامة عام 1751م في الشمال الغربي وقبل ذلك بعامين اندلعت حملة في اليمن السفلي ضد ساحر وعد أتباعه بالحصانة ضد جروح السيوف وطلقات الرصاص وفي العام السابق لذلك حسن العكام من عائلة القاضي من بارات كان يقود رجال القبائل وكان على خلاف مع الإمام الجديد في اليمن السفلي، في كل من الغرب والجنوب لم يتم استيعاب توغل رجال القبائل على الجيل السابق بهدوء ولم يتم استيعاب شؤون القبائل في الشرق وانخرطت قبائل بارات على وجه الخصوص ذو محمد وذو الحسين مع قبائل عاصمة الإمام في صنعاء، إن روابط التعلم التي كانت في كثير من الأحيان مهمة في صعود الإمام إلى السلطة يمكن أيضًا أن تعمم بسهولة تهديدًا لتلك السلطة إذا ظهر أحدهم ولغة المساواة والعدالة والاستقامة الدينية ربطت العلماء برجال القبائل أيضاً .
في عام 1768م على سبيل المثال كتب علماء بارات وخاصة بيت العنسي إلى المراكز الزيدية مثل حوث وذمار مطالبين بطرد المهدي العباس وأقاربه القاسميين لأسباب عقائدية على الرغم من أن غزوات قبائل بارات في السنوات السابقة تُشير إلى أن التفاصيل العقائدية لم تكن القوة الدافعة الرئيسية لقد اتُهم القاسميون بالبدع في كثير من الأحيان ونلاحظ أن في منتصف القرن الثامن عشر كانت هناك حركة واضحة للنقد ومحاولات لتغيير أساسيات المذهب مدعومة من القاسميين مما أدى إلى زيادة النقمة عليهم وكانت هنالك خلافات دائمة حول تعيينات المساجد والتي صيغت بهذه المصطلحات إلى المطالبة بالتحكييم وطرد من تم فرضهم على هذه المساجد بواسطة القاسميين، ظلت قبائل بارات نشطة في اليمن السفلي حتى استولى الأتراك على المنطقة في أواخر القرن التاسع عشر وتراجعت قدرة الأئمة على شراء القبائل بشكل حاد و في العاصمة فشلت قبضة المنصور على الشؤون السياسية عندما اختلف أبناؤه مع بعضهم البعض واختلف قضاة بيت العلفي مع قضاة بيت العنسي جزئياً بسبب رواتب القبائل وفي عام 1818م في زمن الإمام المهدي وصلت مجموعة كبيرة من رجال القبائل من بارات إلى العاصمة بحثاً عن أجر للقتال في تهامة وبعد أن جمع الإمام الدعم من خولان ونهم أمر بقطع رأس علي عبد الله الشايف من ذي حسين وتعليق جثته لمدة ثلاثة أيام ثم إلقاءها في حفرة القمامة خارج باب شعوب وبعد هذه الحادثة طالب بيت الشايف بالانتقام من الإمام وأرسلوا دعوة إلى القبائل من أجل الانضمام إليهم وقد استجاب لدعوة بيت الشايف للانتقام كل من وايلة وحاشد والعملسة وسفيان وأرحب وآخرين من القبائل من أماكن بعيدة وقامت هذه القبائل بنهب أطراف المدينة وحملوا من الغنائم ما يكفيهم لسنوات طويلة و في عام1813م أجبر الجفاف الشديد في الشرق القبائل على الاجتماع في جبل بارات حيث قرروا طلب المساعدة من الإمام وعندما رفض الإمام مساعدتهم انقلبوا على اليمن السفلي من أجل الحصول على الغنائم لتعويض خسائرهم من الجفاف ويبدو أن الإمام لم يكن قادراً على فعل أي شيء سوى تحذير الآخرين من قدومهم ولما وصلوا إلى سماره وهو الممر الذي يتخذ أحيانا لتحديد حدود اليمن السفلى قاموا بتقسيم الأراضي بينهم وكأنها إرث لهم و يُقال أنهم سيطروا على المنطقة دون معارضة، سيطروا عليها بالقوة والإكراه ثم استقروا هناك وكونوا عوائل هناك.
وعندما حدث جفاف آخر في عام 1835م بدأ ذو حسين بقيادة محسن علي الشايف في الإغارة على الشمال الغربي بينما تحركت نساؤهم وأطفالهم غرباً بمفردهم بأعداد كبيرة وفي المركز في صنعاء كانت الإمامة تحت قيادة المنصور علي بن المهدي عبد الله في حالة سيئة و جثث الرجال والنساء والأطفال ملقاة في الشوارع ولم يكلف أحد عناء دفنها وكثر الفساد والجرائم واختلف المنصور مع أحد أقاربه الذي فر إلى تعز وسلمها للمصريين ثم تم اختيار الناصر عبد الله إحسان لمنصب الإمامة بدعم من العسكر في صنعاء ليتم اغتياله في وادي ظهر عـــام 1840م وتولى الهادي محمد العرش ونجح لفترة وجيزة في استعادة المخا وتعز ولكن عندما انسحب المصريون تحت ضغط غير مباشر من بريطانيا وقعت تهامة تحت سيطرة الشريف حسين.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا