كتابات | آراء

متباينة التهديد بالاقتحام والدعوة إلى النفير العام :  (رفح) و (الأقصى) في شهر الصيام

متباينة التهديد بالاقتحام والدعوة إلى النفير العام : (رفح) و (الأقصى) في شهر الصيام

المسجد الأقصى الواقع في البلدة القديمة بالقدس الشريف، هو أحد أقدس المواقع في العالم لدى عموم المسلمين، وهو يلعب -بالنظر إلى كونه «أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين»- دورًا مهمًّا في الحفاظ على حيوية وبريق قضية فلسطين.

أما «رفح» فهي آخر المدن الغزاوية وقوعًا تحت تهديد سلطات الاحتلال بالاجتياح الذي قد يُحدث فيها -في ضوء اكتظاظها بحوالي مليون وخمسمائة ألف ساكنٍ ونازح- أضعاف ما حدث في غيرها من مدن «قطاع غزة» من مذابح.

تهديد مجلس الحرب باجتياح رفح

بعد أن ظل إعلام العدو يروج لأكثر من أربعة أشهر أنَّ «رفح» الواقعة في جنوب القطاع هي الملاذ الآمن، حتى إذا نزح إليها حوالي مليون ومئتا نسمة هروبّا من نيران القصف الذي استهدف كل محافظات غزة بشكلٍ مركزٍ ومكثف، صار كيان العدو يهددها باجتياحٍ بريٍّ عام في بداية شهر الصيام، وعادة ما يتزامن الاجتياح البري بقصفٍ جويٍّ ومدفعيٍّ وصاروخيٍّ بربري، وقد ورد التهديد باجتياح «رفح» -في مستهل الخبر المطول المعنون [غانتس يهدد باجتياح رفح في حالة عدم عودة الرهائن بحلول رمضان] الذي نشر في «الشرق الأوسط» يوم الأحد الـ7 من شعبان 1445هـ الموافق 18 فبراير 2024م- على النحو التالي: (هدد عضو مجلس الحرب الإسرائيلي «بيني غانتس» اليوم الأحد الـ18 من فبراير بأنَّ الحرب في غزة ستمتد إلى رفح إذا لم تستعد إسرائيل الرهائن بحلول شهر رمضان.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال في تصريحات أمس السبت إنه عازم على تنفيذ هجوم برّي في رفح حيث يتكدّس 1.4 مليون فلسطيني).
كما أشير إلى مضمون ذلك التهديد -في سياق الخبر المعنون [إسرائيل تحدد موعد اجتياح رفح بريًّا في شهر رمضان.. ما السبب؟] الذي حرره ونشره في موقع «أخبار الوطن» الصحفي «عمرو حسني» يوم الإثنين الـ19 من فبراير الماضي- بما يلي: (وهددت حكومة الاحتلال الإسرائيلي بأن يكون شهر رمضان المقبل موعدًا نهائيًّا لاجتياح مدينة رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة.
وتأتي التهديدات الإسرائيلية بعد تزايد الضغط الداخلي في الشارع الإسرائيلي من خلال التظاهرات أمام مقر إقامة رئيس الوزراء «بنيامين نتنياهو»، حيث يضغط أهالي المحتجزين من أجل سرعة الإفراج عن ذويهم لدى الفصائل الفلسطينية، لذا خرجت الحكومة في بيان لها لتؤكد أنها ستعمل على اجتياح رفح بريًّا في رمضان إذا لم يتم الإفراج عن المحتجزين).
وبالرغم من أنَّ ذلك التهديد كان يهدف -بكل تأكيد- إلى الضغط على حركة «حماس» التي كانت تتفاوض مع سلطات الكيان في «القاهرة» على عقد صفقةٍ لإطلاق الأسرى وقضايا أخرى لم تلبث -بسبب تعنت «نتنياهو» الذي يحول أولًا بأول دون الوصول إلى حل- أن تكللت بالفشل، فإنَّ نبرته -حتى بعد فشل المفاوضات- تخفت بشكلٍ ملفت، ولعل خفوت نبرة التهديد الآن مرتبط بتحسب سلطات الكيان لما قد يحدث في «الضفة الغربية» و«القدس» من ردود فعل غاضبة على تقييد حركة المصلين في «المسجد الأقصى» خلال شهر «رمضان».

دعوة ناطق «القسام» إلى النفير العام
في مقابل ما كان يطلقه كيان العدو المرة تلو المرة من تهديدات عالية النبرة بالتهيؤ لاجتياح مدينة «رفح» كانت حركة «حماس» تدعو الجماهير إلى استغلال «شهر رمضان» شهر الجهاد والتزود بزاد الإيمان في تنظيم مظاهرات وفي تحركٍ جماعي إلى «المسجد الأقصى» لنفي أية أحقية فيه لـ«دولة الكيان»، وذلك ما يمكن أن يُفهم من استهلال الخبر التساؤلي المعنون [لِمَ يظل المسجد الأقصى ضمن بؤرة النزاع الفلسطيني الإسرائيلي الذي يتأجج في رمضان؟] الذي نشره موقع «فرانس 24» في الـ6 من مارس الحالي على النحو التالي: (وجهت حركة حماس يوم 28 فبراير نداءً للفلسطينيين من أجل تنظيم مسيرة إلى المسجد الأقصى مع حلول شهر رمضان).
وإذا كان تواصل الإبادة الجماعية قد حمل السلطات الصهيونية التي تتولى كبرها على وضع قيودٍ على الصلاة في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان متذرعة بالضرورات الأمنية، فقد اتخذت المقاومة الفلسطينية من هذا الإجراء التعسفي فرصة لدعوة أبناء فلسطين وأبناء الأمتين العربية والإسلامية إلى النفير العام لنيل شرف الدفاع عن «الأقصى» المستهدف بالتقسيم إلى عدة أقسام، وفي هذا المعنى نقل موقع «الجزيرة مباشر» يوم أمسٍ الأول عن «أبي عبيدة» الناطق العام لكتائب «القسام» قوله: (وإننا إذ ندعو أبناء شعبنا الفلسطيني للنفير والزحف إلى «الأقصى» والرباط فيه وعدم السماح للاحتلال بفرض الوقائع على الأرض، لندعو أبناء أمتنا في كل مكان لإعلان النفير لمواجهة غطرسة الاحتلال في كل ساحة داخل فلسطين وخارجها، لأنَّ من واجب كل حر الالتحام بتضحيات أهل غزة ومقاومتها وإفشال محاولة تقسيم الأقصى).
ومن شأن التأمل في المشهد الماثل في كل ما هو حاصل إدراك عَوَصِ ما أحاط به «نتنياهو» نفسه وحكومته من معاضل شديدة التشابك والتداخل.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا