أخبار وتقارير

76عاما.. من التأييد والدعم الأمريكي للكيان الصهيوني ! (1)

76عاما.. من التأييد والدعم الأمريكي للكيان الصهيوني ! (1)

بعد اغتيال الرئيس الامريكي جون كيندي عام 1963م قال أحد المسؤولين الصهاينة ( لقد فقدنا صديقا كبيرا ، ولكننا وجدنا من هو أفضل منه إنه جونسون هو أفضل صديق عرفته الدولة اليهودية في البيت الأبيض ) .

ففي 2 يونيو 1964م وخلال استقبال الرئيس الأمريكي جونسون (1963- 1969م) لرئيس وزراء الكيان الصهيوني ليفي اشكول وأمام الصحافة على أبواب البيت الأبيض قال جونسون : ( إن إسرائيل لها أن تعرف وأن تثق بأن لها صديقاً وفيا وحميما في البيت الأبيض ، وأن سلامة وأمن إسرائيل هما جزء لا يتجزأ من سلامة وأمن الولايات المتحدة ) . وعلى اثر هذا التصريح اجتمع ثلاثة عشر سفيرا عربيا في واشنطن ، وقرروا أن يذهبوا إلى مبنى وزارة الخارجية ليسلموا احتجاجا باسم العرب على تصريحات جونسون الرسمية بشأن الكيان الصهيوني. حيث استقبلهم مساعد وزير الخارجية واستمع اليهم في تضجر ثم قال لهم في استخفاف : ( إن مواكب احتجاج السفراء العرب آن لها أن تتوقف ، لقد أصبحت مثل مواكب الجنازات ) وكانت هذه صفعة سياسية و إهانة جماعية ذات صبغة رسمية . فمن العار أن تحتج وانت تمتلك مدافع ! .


علي الشراعي
تحذير واعتراض
قبل 237عاما وقف الرئيس الامريكي بنيامين فرانكلين عام 1787م محذرا شعبه من خطر اليهود وخطرهم على الشعب الأمريكي ومما قال : "... أنكم إن لم تبعدوا اليهود نهائياً فلسوف يلعنكم أبناؤكم وأحفادكم في قبوركم،....... إن اليهود خطر على هذه البلاد إذا ما سمح لهم بحرية الدخول، إنهم سيقضون على مؤسساتنا، وعلى ذلك لا بد من أن يستعبدوا بنص الدستور ".
ومع إعلان الدولة اليهودية في 15 مايو 1948م ، اعترض العديد من خبراء ووزراء خارجية وقادة عسكريون امريكيون على تأييد الولايات المتحدة الامريكية لقيام دولة يهودية في وسط محيط إقليمي عربي واحتجاجهم في هذا الاعتراض بما سوف يحمله هذا التأييد من تأثيرات سلبية على المصالح الأمريكية الحيوية في المنطقة والتي كانت قيمتها الاستراتيجية قد بدأت تتضح سواء فيما يتعلق بإمكانياتها البترولية أو التنافس الدولي والذي بدأ يطفو مع القوة الدولية الصاعدة وهي الاتحاد السوفيتي آنذاك مع انتهاء الحرب العالمية الثانية . حيث قدمت العديد من الدراسات ممن لهم علاقة عمل ومعرفة وثيقة بالشرق الأوسط من دبلوماسيين ووزراء خارجية وكذلك عدد من العسكريين من وزارة الدفاع الأمريكي على تأييد واشنطن لإنشاء دولة يهودية واعتبروا ذلك مناقضا للمصالح الأمريكية مع الدول العربية ، وكذلك لاعتبارات الحرب الباردة التي كانت قد بدأت تتبلور على الساحة العالمية وانعكاساتها على الشرق الأوسط .

تأييد واعتراف
غير إن هذا الاعتراض قد حسمه الاختيار الشخصي للرئيس الأمريكي هاري ترومان (1945 - 1953م ) والذي فضلا عن تأييده قرار التقسيم عام 1947م ، لفلسطين بل وضغطه على أعضاء الأمم المتحدة لتأييده . إضافة إلى ذلك اعلن ترومان تأييد الولايات المتحدة الأمريكية واعترافها بالدولة العبرية بعد 11 دقيقة من إعلانها في 15 مايو 1948م ، وكان ترومان في هذا يضع عينيه على النفوذ اليهودي في الداخل الأمريكي وهو الاعتبار الذي سيظل إلى اليوم يحكم اختيارات كل رؤساء امريكا بدرجات متفاوتة إبتداء بترومان وانتهاء اليوم بالرئيس بايدن. - وما نشاهده اليوم من تأييده المطلق للكيان الصهيوني في عدوانه وجرائمه على قطاع غزة والشعب الفلسطيني منذ اكثر من 106 أيام - .
ومنذ 76 عاما والتأييد والدعم الأمريكي الا محدود للكيان الصهيوني بشكل متصاعد وكان قد بدأ بصورة متسترة سواء فيما يتعلق بالمساعدات الاقتصادية او العسكرية واستمر هذا طوال الأربعينات والخمسينات من القرن المنصرم .

صواريخ هوك
ورغم اتخاذ الرئيس الامريكي ايزنهاور (1953- 1961م ) موقفا معارضا للعدوان الثلاثي على مصر 1956م ، وقد فعل ذلك بما يخدم المصالح الأمريكية العليا بالمنطقة بهدف اخراج بريطانيا من المنطقة وايضا للعداء الخفي بين باريس وواشنطن ومحاولة اخراج فرنسا من القارة الافريقية . اما بخصوص مشاركة الكيان الصهيوني بالعدوان الثلاثي نظر اليه جونسون على انه سلوك يخدم جهود الاتحاد السوفيتي في التواجد بمنطقة الشرق الاوسط .
غير ان هذا الموقف الحريص في التعامل مع الكيان الصهيوني ما لبث أن تحول ابتداء من ادارة الرئيس جون كيندي (1961 - 1963م ) الذي كان أول من زود الكيان الصهيوني بصواريخ هوك .
وقبل تولى الرئيس الامريكي جون كيندي مقاليد الرئاسة في البيت الأبيض وتأكيده على اظهار الكيان الصهيوني بصورة الدولة الديمقراطية والمتقدمة بين جيرانها ومن أجل استماله يهود امريكا كورقة في ترشحه لاحقا للبيت الابيض . قال في كلمته التي القاها في 24 فبراير سنه 1957م ، في المؤتمر القومي للمسيحيين واليهود .
" اسرائيل هي الضوء الساطع الذي يشرق في الشرق الأوسط ولدينا نحن وجيران اسرائيل الكثير و الكبير مما نعلمه عن هذا المركز الديمقراطي . ولقد رأيت فلسطين سنة 1939م ، وكانت في هذه الأثناء بلدا تعيسا تحت حكم أجنبي وكانت إلى حد كبير أرضا محتلة ثم زرتها مرة ثانية سنه 1951م لأرى دولة اسرائيل الحديثة . ومن الصعب تصديق التغيير الذي حدث فيها : ففي هذه الاثنتي عشرة سنة ولدت أمة وعمرت صحراء ووجد ضحايا الحرب العالمية الثانية وفيها مأوى" - ففي خطابه ندرك تناقضاته أرض محتلة , بلد تعيس تحت حكم أجنبي وبنفس الوقت يصفها بأنها كانت صحراء ، فلسطين ، صحراء ، ضحايا الحرب ورغم تلك التناقضات والكذب وما اقبح كذب الرؤساء الامريكان الى اليوم ! لكنه بدون ما يدرك عرى مقوله الصهاينة حين قال إنها ارضا محتله فالصهاينة يقولوا ان فلسطين كانت ارضا بدون شعب وايضا ذكر فلسطين باسمها مما يدل انه قبل اعلان دولة الكيان لم يكن هناك اسم لإسرائيل قبل نكبه 1948م ، لا في قاموس اللغات والسياسة الدولية ولا في خريطة الجغرافيا ! ولعل دخوله فلسطين عام 1939م بتأشيرة جواز فلسطيني ! - ) .

الأسطول السادس
اما التحول الجذري فقد حدث بفعل حرب 1967م ، التي جاءت نتيجتها لكي تقدم دعما لمن كانوا يعتبرون الكيان الصهيوني رصيدا استراتيجيا للولايات المتحدة الأمريكية. في المنطقة يسودها الاضطراب وأنها تمثل القوة القوية القادرة التي يمكن لواشنطن الاعتماد عليها والارتباط معها بعلاقة مشاركة استراتيجية . ومنذ ذلك التاريخ أصبح من المواقف المبدئية لكل رئيس أمريكي سواء قبل انتخابه أو بعده أن يؤكد ليس فقد التزامه بأمن الكيان الصهيوني ووجوده وإنما بضمان تفوقه العسكري وفي أرقى نظم التسليح تقدما على الدول العربية مجتمعة .
فالرئيس ليندون جونسون (1963- 1969م) . من أشد المتحيزين لليهود وللكيان الصهيوني فقد تربي في رعاية عائلة (إدوين فايشل ) اليهودية . ومع مطلع عام 1967م سخرت المخابرات الأمريكية كل التسهيلات للكيان الصهيوني فأباحت له بكل المعلومات المتوفرة لديها واتاحت له امكانية فك معظم مفاتيح الشفرة المصرية المدنية والعسكرية ووفرت له إمكانيات الحرب الإلكترونية من تشويش إلى إعاقة . كما أجرت اتصالات مع المخابرات البريطانية كي يتحصل الكيان الصهيوني على وثائق الخطط البريطانية للضرب الجوي التي قامت به بريطانيا ضد الطيران المصري في العدوان الثلاثي عام 1956م .
فقبل عدوان 5 يونيو 1967م ، بأسبوعين وتحديدا في 22 مايو توجه الأسطول الامريكي السادس وحاملتا الطائرات ( ساراتوجا وامريكا ) إلى شرق البحر المتوسط في رسالة إلى الجميع بأن الكيان الصهيوني تحت الحماية الأمريكية - فما اشبه الامس بمعركة طوفان الأقصى اليوم فالمعركة معركة أمريكا بالأمس واليوم ! - .

الجسر الجوي
وفي عهد الرئيس الأمريكي هاوس نيكسون (1969- 1974م) . كانت حرب العبور ففي حرب 6 اكتوبر 1973م ، وفي أول اربعة ايام من القتال فقد الكيان الصهيوني 49 طائرة و 500 دبابة وهو ما كان يمثل خمس الطائرات وربع الدبابات. فكان للتدخل الأمريكي عاملا حاسما وراء العودة السريعة للكيان الصهيوني لشن هجمات مضادة . فبدأ بعد 13 يوما من المعركة يظهر على أرض الواقع أن امريكا لن تسمح بهزيمة الكيان الصهيوني هزيمة كاملة . فلقد كتب الرئيس المصري انور السادات رسالة الى الرئيس السوري حافظ الأسد يشير فيها الى قبوله وقف اطلاق النار قائلا : " إنني استطيع أن أحارب اسرائيل ، لكني لا استطيع أن احارب الولايات المتحدة الامريكية " . ففي 12 من اكتوبر كان هناك جسر جوي امريكي من المساعدات العسكرية للكيان الصهيوني لا يتوقف دقيقة واحدة حتى ان الصهاينة ورئيسه وزراء الكيان جولدا مائير اجهشوا بالبكاء مع وصول المساعدات الامريكية للكيان الصهيوني . فلقد استخدمت امريكا 228 طائرة في الجسر الجوي ، وقد نفذت هذه الطائرات 569 رحلة تم فيها نقل 22497 طنا من الأسلحة والمعدات والذخيرة بخلاف الجسر البحري الذي قام بنقل حمولة مقدارها 33210 طن من الدبابات والمدافع والعربات - فما اشبه حرب 6 اكتوبر 1973م بمعركة طوفان الأقصى 7 اكتوبر 2023م ، فالحربين ضد امريكا لا ضد الكيان الصهيوني .

حليف استراتيجي
وقد وصل هذا الاتجاه قمته خلال إدارة الرئيس الامريكي ريغان ( 1981- 1989م) والذي رغم بعض الغيوم التي ظهرت في علاقة واشنطن بالكيان الصهيوني خلال العامين الأولين لإدارة ريغان بسبب ضرب المفاعل العراقي وضم الجولان دون تشاور مع واشنطن وبيع امريكا طائرات ( أواكس) للسعودية ورغم هذه الغيوم فقد اكتسب التأييد الامريكي للكيان الصهيوني قوة دفع بدأت في صورة مذكرة تفاهم استراتيجي تضمنت الاتفاق على اجراء تدريبات مشتركة والتخزين المسبق للمعدات الأمريكية في الكيان الصهيوني وتزويدها بالأسلحة التي تحتاجها .
وفي فبراير عام 1987م ، أعلن الرئيس الامريكي ريغان رفع الكيان الصهيوني إلى مرتبة الحليف غير العضو في منظمة حلف الاطلسي( الناتو ) وهو الإجراء الذي دعا بموجبه. الكيان الصهيوني إلى الاشتراك. في مبادرة الدفاع الاستراتيجي جنبا إلى جنب مع حلفاء امريكا الاوروبيين. ، هذا فضلا عن المساعدات التي قدمتها الإدارة الامريكية في عهد ريجان لحكومة الكيان الصهيوني للتغلب على التضخم والانفاق وعلى إنشاء منطقة تجارية حرة بين البلدين .

القضية الفلسطينية
وخلال حرب الخليج الثانية 1991م أدركت أمريكا بعهد الرئيس جورج بوش (1989- 1993م ) التأثير المباشر للصراع العربي - الصهيوني على مصالحها في المنطقة عامة وفي الخليج بصفة خاصة حيث حاول صدام حسين استخدام الوضع الفلسطيني للربط بين غزوه للكويت وبين القضية الفلسطينية وذهب إلى ضرب الكيان الصهيوني بالصواريخ وخشيت واشنطن على تماسك التحالف الدولي ومشاركة بعض الدول العربية فيه الأمر الذي جعلها تطالب الكيان الصهيوني بضبط النفس وعدم الرد على الصواريخ العراقية . ومن ناحية اخرى - كما يحدث الآن في معركة طوفان الأقصى - وعدت إدارة الرئيس الأمريكي بوش أنها سوف تعمل بعد انتهاء الحرب مباشرة على تحقيق تسوية سياسية للصراع العربي - الصهيوني ! وهو ما أعلنه بوش في 6 مارس 1991م، وهي المبادرة التي تطورت إلى إنعقاد مؤتمر مدريد للشرق الأوسط في اكتوبر 1991م .

التعاون العسكري
وقد تواصل هذا الاتجاه في التعاون الاستراتيجي بل واكتسب أبعادا جديدة خلال إدارة الرئيس بيل كلينتون (1993- 2001م ) فمنذ عام 1993م حيث تعهدت الولايات المتحدة ببيع طائرات وحربية متطورة للكيان الصهيوني وتزويده بتكنولوجيا أجهزة الكمبيوتر المتقدمة . اضافة إلى رفع خطة التعاون الفضائي بين البلدين لتدريب رواد فضاء من الكيان الصهيوني للقيام برحلات مكوكية . وفي الاتفاق الذي وقع في واشنطن في ابريل 1996م ، وكان طفرة خطيرة في حجم ونوعيه التعاون العسكري الاستراتيجي بين واشنطن والكيان الصهيوني وبشكل وصل إلى مستوى الحلف غير المكتوب بينهما .

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا