أخبار وتقارير

غزة .. عنوان الصمود والتحدي والانتصار

غزة .. عنوان الصمود والتحدي والانتصار

في غفلة من الزمن وفي ظل المؤامرة الاستعمارية وسعي بريطانيا لتحقيق وتنفيذ بنود وعد بلفور في أرض فلسطين تمكنت العصابات الصهيونية المجمعة من اشتات الأرض ان تحتل مساحات واسعة في فلسطين عبر تمكينهم منها سلما وحربا بواسطة بريطانيا

التي كانت تحتل فلسطين فشجعت ومولت هجرة اليهود الى هذه البقاع المقدسة والطاهرة وسلمت المطارات ومناطق عدة وزودت الصهاينة بالسلاح, وتنامت وتوسعت هذه العصابات المارقة بدعم وتأييد واسناد امريكي وبريطاني واممي مما مكنها من التغلغل والتوسع بعد أن تراجعت الجيوش العربية تحت الضغط الأمريكي والبريطاني والدعوات الأممية بضرورة وقف اطلاق النار والتحاور بفرض هدن متتالية بعد أن كانت الجيوش العربية قد طهرت كثير من المناطق المحتلة, لتتنامى بعد ذلك عقدة العظمة لدى العصابات الصهيونية التي تمادت في غيها واجرامها ونقضها للاتفاقيات والعهود, "عقدة العظمة واسطورة الجيش الذي لا يقهر" تلاشت وتحطمت بهيجان طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الذي أعاد المحتل الى نقطة البداية من المسافة صفر.

ناصر الخذري
ولأن الصهيونية هي حدث طارئ وحتمي زواله تتجدد قوة المقاومة الفتية في صور واشكال شتي من فنون الحرب وأساليب المقاومة التي تنوعت بين الهجوم والمباغتة والقصف من مختلف المسافات بعيدة ومتوسطة المدى وصولا الى القتال من المسافة صفر, وهي الفاجعة التي جعلت اكثر من ثلثي جيش الاحتلال يعانون من الحالات نفسية والهستيريا وقلق لا يفارقهم لأن مجاميع هذا الجيش الأكثر نازية ودموية في تاريخ البشرية تعود القتال من وسط المدرعات وعبر القصف الجوي ولم يخطر على باله ان مدرعات النمر ودبابات الميركافا ستتحول الى افران لصهرهم وتلاشيهم بضربات دقيقة بقذائف الياسين 105.

صمود وبطولات
ما يقارب خمسة أشهر من خوض ملحمة العزة والكرامة التي تقوم بها المقاومة في قطاع غزة تهاوت دفاع الاحتلال رغم الجسر الجوي العسكري الأمريكي المفتوح الذي نقل اكثر من10 آلاف طن من المعدات والأسلحة منذ السابع من أكتوبر المنصرم وتقديم دعم للقبة الحديدية بمبلغ وقدره 14,3 مليار دولار في تقد الإحصائيات بأن ما قدمته الإدارة الامريكية من مساعدات لإسرائيل منذ عهد ترومان وحتى عهد بايدين تخطى 300 مليار دولار..
كل هذا الدعم والغطاء الدبلوماسي والدعم المعنوي لكيان الاحتلال تلاشت أيضا ولم تسهم في تحقيق أي من أوهام نتنياهو الذي اكد انه سيقضي على حماس ويطلق اسراه في مدة ثلاثة اشهر ان طالت المدة, انقضت 3 اشهر واعقبها شهران من الصمود والثبات والتحدي للمقاومة الباسلة التي من أبناء غزة من جيل قهر المستحيل وطوعه في خدمة مشروع التحرر الوطني من جبروت وهمجية العصابات الصهيونية والأمريكية المارقة عن القانون الدولي والإنساني وكل ما يمت للإنسانية بصلة, هذه الملاحم البطولية التي يكتب فصولها اليوم ابطال المقاومة في قطاع غزة تذكرنا بما قاله شاعر واديب اليمن الكبير عبدالله البردوني في العام 1988م في سياق حديثه عن المقاومة الفلسطينية الناشئة بالقول: "أما هذا الجيل الفلسطيني فقد استحلى الموت كمهد لميلاد النصر واختبر حوار القوة من طول مصاولتها فاهتدى إلى احدث الأساليب في فنون المقاومة وفي نوعية الإصرار وفي الاستهانة بالحياة من أجل الحياة "، بهذه الكلمات الخالدة رسم شاعرنا البردوني رحمه صورة عن بدايات تشكل نواة للمقاومة القوية التي نشهد ثمار بطولاتها الخالدة اليوم من خلال المشاهد التي نجزم انها اشبه بالإعجاز فعلا لما لا, فكيف لمقاومة محصور ومحاصرة في عشرات الكيلو مترات ان تصمد كل هذا المدة وتنفذ كل هذه العلميات التي أرعبت أمريكا وبريطانيا واما إسرائيل فهي لا تشكل أي رقم لولا الدعم و المشاركة الامريكية المباشرة وأيضا البريطاني والألماني والفرنسي فقد كان العرب يتحاشون ذكر إسرائيل اثناء العدوان الثلاثي على مصر نظرا لكون إسرائيل لا تمتلك قوة بشرية ولا مساحة جغرافية كافية للمناورة القتالية وخوض المعارك بمعناه العسكري والاستراتيجي وإنما يدرك المحاربون لإسرائيل انهم في مواجهة مباشرة مع أمريكا وهذا ما تجسد لدى العرب أيضا بعد انسحاب جيش الاحتلال الصهيوني حيث حل بدلا عنه الجيش الأمريكي وبات في مواجهة مباشرة مع العرب.
وفي حرب هي الأطول في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي باتت حكومة الاحتلال تستشعر الخطر الوجودي على بقائها في أراضي فلسطين المحتلة وهو ما ورد على لسنان الأرعن نتنياهو بأن بقاء حماس يعني نهاية إسرائيل مما جعله يكابر في أنه سيحقق النصر, هذا الخوف الذي يعشعش في رؤوس قيادات الاحتلال كان نتيجة للهزائم التي الحقتها المقاومة بجيش الاحتلال ومرتزقته ومزقتهم واغتنمت أسلحتهم الحديثة بشتى أنواعها.

صناعة المجد
غزة بتاريخها البطولي كانت ولا تزال مقبرة للغزاة والطامعين عبر التاريخ ومشهود لسكانها ومقاومتها بالاستبسال في خوض معارك الدفاع مما جعل إسرائيل عقب انسحابها منها في العام 2005م تعزلها بجدار الفصل العنصري حتى تكون في مأمن من ضربات وفتك المقاومة بها, لكن إيمان وعزم وإرادة المقاومة وتفوقها التقني والهندسي والعسكري اجتاز تلك الخرسانات وتكنولوجيا العدو التي ظن انها ستحميه ولكن الطوفان حال بينهما وكانت إسرائيل من المغرقين, ولم تعصم جبابرة بني صهيون من نار وغضب المقاومة في كتائب الشهيد عز الدين القسام والجهاد الإسلامي وفصائل المقاومة الفلسطينية.
ولذلك يدرك العدو الصهيوني رغم بشاعة جرائمه وغاراته التي دكت ما يقارب 80% من المباني السكنية والقطاعات الخدمية في قطاع غزة أنه لن يتمكن من إعادة احتلال القطاع رغم الحرب النفسية والإعلامية ومساعيه للسيطرة على محور فلادليفيا, لأن غزة أصبحت محصنة تحرسها عناية الله ويذود عنها رجال لا يهابون الموت بل يطلبونه بنيل الشهادة في سبيل الله دفاعا عن الأرض والعرض وصون وحماية مقدسات الأمة الإسلامية (الأقصى الشريف) ثالث الحرمين الشريفين وأولى القبلتين.
وقطاع غزة بمقاومته الباسلة ومواطنيه الأشداء مثل كابوسا يؤرق جيش وحكومات الاحتلال منذ الأيام الأولى للاحتلال وقد تجسد ذلك مما كان يلحم به رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق حيث كان يقول: "أتمنى أن أستيقظ ذات يوم من النوم فأرى غزة وقد ابتلعها البحر".

صمود أقوى من أسلحة الإبادة
حالة الصدمة والرعب الهزائم التي لحقت بجيش الاحتلال افقدته توازنه بعد ان كسرت هيبته بضربات خاطفة ونوعيه على ايدي المقاومة منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر المنصرم وما تلاها من عمليات نوعية في معركة المواجهة البرية التي جعلت جيش الاحتلال يدخل في مصيدة المقاومة واصبح هدفا سهلا لهم بعد أن مني بخسائر كبيرة من القتلى والمصابين الذين يتجاوز عددهم 10 آلاف بحسب ما تنشره صحافة العدو نفسه.

تدمير شامل
استخدم العدو بعد فشله وهزيمته الماحقة سياسة الأرض المحروقة بنسف مربعات سكنية كاملة في قطاع غزة وشن غارات مكثفة على الأحياء السكنية باستخدام عشرات الأطنان من القنابل والصواريخ وبحسب الخبراء العسكريين فإن ما تم القاؤه على قطاع غزة من قبل جيش الاحتلال الصهيوني منذ عملية 7 أكتوبر وما لحق بها من الأثار التدميرية يفوق ما يعادل ست قنابل نووية إلا أن كل هذا الإجرام والدمار لم ولن يفت من عضد الرجال المقاومين والثابتين والمتجذرين في غزة الذين تتصاعد قاماتهم إلى الأعالي بشموخ وعزة وكبرياء يطاول عنان السماء.
وعبر تاريخ فلسطين وما تعرض له من الاحتلال فإن الحقائق المؤكدة تشير أن مرور اليهود في فلسطين واحتلالهم لها كان مرورا عابرا لم يدم إلا 73 عاما طوال تاريخها الممتد لأكثر من 5000 آلاف سنة فهم كما وصفهم الشاعر الراحل محمود درويش “عابرون في كلام عابر”.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا