الصفحة الإقتصادية

الطبيب البيطري رشيد المرشدي لـ:« 26 سبتمبر » تهريب الماشية الأفريقية سبب لانتشار الكثير من الأمراض في الثروة الحيوانية ومنها (البروسيلا)

الطبيب البيطري رشيد المرشدي لـ:« 26 سبتمبر » تهريب الماشية الأفريقية سبب لانتشار الكثير من الأمراض في الثروة الحيوانية ومنها (البروسيلا)

 كشف مدير إدارة المعلومات والتواصل والتدريب في الإدارة العامة للصحة الحيوانية بوزارة الزراعة والري د. رشيد عبدالباقي المرشدي عن ظهور الإجهاض الساري (البروسيلا)

في احدى قرى مديرية بني حشيش، حيث ظهرت علامة الإصابة بالمرض في 8 أشخاص، كما اكتشفت 4 حالات إجهاض، و15 اصابة في الضأن والماعز، و3 إصابات في الأبقار.
وأوضح المرشدي أن المرض له 6 أنواع من البكتيريا التي تصيب الحيوان، منها البروسيلا المجهضة في الأبقار، والبروسيلا الماعزية، مشيرا إلى أنهما الأكثر انتقالا إلى الإنسان، مؤكدا اكتشاف وجود النوعين في اليمن، وأنه تم تشخيصهما في المختبر البيطري المركزي.

يحيى الربيعي
وأردف أن العدوى بالمرض تنتقل بين الماشية عن طريق تناول الأعلاف والمياه الملوثة بالعامل المسبب، مثلا قد تصاب ماعز حامل بالمرض، ويجهضها في مزرعة برسيم فيها نبع للماء أو حوض ماء مخصص لشرب الماشية، ولا يتم التخلص من مخلفات الإجهاض بالحرق أو الدفن فتعمل على تلويث البرسيم والماء، وبالطبع تأتي الماشية السليمة لتأكل وتشرب من هذا المكان فتصاب بالمرض، وبالتالي تنقله بالاحتكاك بالحيوانات السليمة عن طريق الرذاذ التنفسي، وعن طريق ملتحمة العين، وعن الرضاعة إلى مواليد الماشية، وراشفات الدم الحشرية من نامس وكتن وذباب وقمل بأنواعها، والفئران، إضافة إلى أن هناك عوامل ممهدة، منها العمر، تكثر الإصابة بمرض البروسيلا عند البكاكير من الأبقار والأغنام والماعز، ثم يأتي الجنس؛ وأنثى الماشية ميزت بجهاز تناسلي، هذا الجهاز يعتبر المنطقة الأخصب لتكاثر البروسيلا، والذكور لديها مقاومة نوعا ما، بالإضافة إلى عوامل تغير الطقس والمناخ وسوء التغذية والحظيرة غير المناسبة، والرعاية غير الواعية كلها عوامل ممهدة وتلعب دورا مهما في تكاثر المرض واستفحال خطورته.

أعراض الإصابة
وعن أعراض الإصابة بالمرض يشير المرشدي إلى أن المرض يظهر بحدوث الإجهاض عند الأبقار في الشهر 5، والأغنام والماعز في الشهر4.. التهاب أو تحجر الضرع.. التهاب المفاصل وتشكل أكياس مائية، التهاب الخصية والبريخ عند الذكور وتخرب الخصية، عدم الإخصاب المؤقت والدائم، ونقص الحليب، التهاب في الخصية وفي قرنية العين والقصبة الهوائية، وعند الأبقار احتباس المشيمة (السلية) بعد الاجهاض أو الولادة.

الأضرار الاقتصادية
وفيما يتعلق بالأضرار الاقتصادية المحتملة في حال انتشار الاصابة بالمرض، قال المرشدي: "يترتب على انتشار المرض خسائر اقتصادية كبيرة، بدءا بنفوق وإجهاض المواليد بأعداد كبيرة، ونقص في إنتاج الحليب إن لم يصفر".
منوها باحتمال حدوث جائحة، مفترضا لذلك وجود مائة رأس من الأغنام مهيئة للتلقيح وحملت جميعها، فيبني المربي (وهو مستثمر في الأصل) أحلامه على مخرجات هذه الثروة بأرباح ما فوق المليون ريال، فجأة تأتي إصابة رأس واحد ببكتيريا البروسيلا المجهضة من بين القطيع، فقد يؤدي الإهمال في عدم عزل هذا الحيوان المصاب إلى فقدان 100-150 رأس المتوقع ولادتها إلا 20-30 رأسا، وقد تفوق أحيانا نسبة الإجهاض 90-95%، هذا في احتمال أن يكون قوام القطيع 100 رأس، فما بالك مع من يملك 500- 1000 رأس جاهزة للحمل، كم ستكون حجم الخسارة بعشرات ملايين الريالات، ناهيك عن أن حدوث الإجهاض يؤدي إلى تأخير عملية الإنجاب عند الحيوان المصاب من دورتين إلى ثلاث، بالتأكيد سيخسر المربي هنا تكاليف العلاج الباهظة، بالإضافة إلى الغذاء وأجور الرعاية، وتسويقها غير مجدٍ لأنها هزيلة وزنها خفيف فلا تثمن.

الوقاية خير
وكي تحصل الثروة الحيوانية في اليمن على وقاية سليمة من الأمراض وتنمو بشكل جيد، وتعطي مخرجات جيدة من ألبان ولحوم وصوف وجلود وخلافه محققة لدخل مجز، يؤكد الطبيب البيطري (المرشدي) أن الحيوان يحتاج إلى مكان مريح، يتهوى فيه.. يأخذ حاجته من الضوء، ينام.. يتحرك.. يأكل ويشرب بطريقة صحية ونظيفة.
كما أرشد بضرورة توفير معالف ومشارب داخل الحظائر، منوها بـأن وجود الأعلاف بين أرجل الحيوان، يجعل نسبة الفاقد منها تصل إلى 40%، وضرورة إعطاء الماشية قليلا من ملح الطعام، وألا تسقى من مياه غسيل المطابخ والمياه الملوثة، وألا تغذى ببقايا من الأكل قبل تجفيفها تحت أشعة الشمس.
مشيرا إلى أن بعض مربي الماشية وخاصة في الأرياف يخصص "ديمة" أو عريش، عبارة عن مكان لا يتسع لأكثر من 5 رؤوس من الضآن أو الماعز، فيحشر فيها 25- 30 رأسا.. أرضية المكان في الغالب طينية محفرة، وحتى إن كانت مسواة بالإسمنت أو الاحجار، فهي مطرح مخلفات بول وبراز ما تحتويه من مواشي، بالإضافة إلى انعدام التهوية والضوء لعدم وجود نوافذ أو صغرها إلى حد لا يفي بإدخال كمية الهواء والضوء المناسب، ناهيك عن وجود الشقوق والأوكار الحاضنة للثعابين والعقارب والقمل والقراد.
ولفت إلى أن عدم توفر علاج فعال ضد البروسيلا، يجعل من الوقاية المتاح الأوحد للحد من انتشار المرض ومحاصرته في أماكن تواجد ضيقة، حتى ينتهي، ومن أهم طرق الوقاية:
عزل الحيوان المصاب والتي تظهر عليه علامات الإصابة عن بقية القطيع.
التخلص من الأجنة الساقطة والمشالم بالحرق او الدفن.
تجنب تلوث ماء وغذاء الحيوان ومنع الكلاب والفئران من الوصول إلى المعالف والحظائر ومخازن الأعلاف.
مراجعة الطبيب البيطري دوريا للكشف على الحيوانات وأخذ العينات للتأكد من المرض.

البروسيلا والإنسان
وعن علاقة الإنسان بالمرض، يؤكد المرشدي أن المرض يمكن أن ينتقل من الحيوان إلى الإنسان، وتسمى بالحمى المالطية نسبة لاكتشاف إصابة الجنود البريطانيين بها في جزيرة مالطا عام 1984م، والذي اكتشف الجرثومة هو الطبيب البريطاني دافيد بروس، وترجع أسباب الإصابة بالمرض إلى تناول الحليب وإفرازات الحيوانات، وقد يصاب الإنسان عن طريق شرب الحليب مباشرة من الماشية دون بسترة أو غلي، وإفرازات الحيوانات المصابة في مزارع الخضروات والفواكه، وتناولها دون غسيل جيد، كأن تمر الماشية المصابة من مزرعة "بيعة أو جرير" وتتبول أو تتبرز فيها، ويأتي الإنسان يأخذ هذه الخضرة ويأكل منها دون غسيل جيد.. أيضا يأتي من خلال تناول لحوم الماشية المصابة بالداء دون الطبخ الجيد لها.. ملامسة الأجنة المجهضة ومخلفات الإجهاض بأيدي غير مغطاة بالواقي الصحي اللازم، والجروح أسرع الأماكن لاستقبال الإصابة.. عن طريق الاستنشاق خاصة النساء اللواتي يعملن على رعاية الماشية، ولا يلبسن أدوات الوقاية الصحية، حتى ولو لثام.. وكذلك المربون والعاملون في الصحة الحيوانية والمختبرات والمسوقين وحتى الجزارين.
ويتحدث المرشدي عن تجربته الخاصة مع الإصابة بالحمى المالطية قائلا: "لقد اصبت بالمرض في ريعان شبابي، وكان وزني قبل الإصابة 62 كجم، وبالإصابة نقص وزني إلى 45 كجم، مع ضعف وهزال، وألم في المفاصل والعضلات، و"كتيتة" وحمى و"وخيش"، وارتفاع متموج في درجة الحرارة؛ تأتي 10 أيام، وتغيب ثم تعود، وهكذا، وقد تؤدي الإصابة بها إلى العقم عند الإنسان والحيوان، وتشخيص المرض يحتاج إلى مختبرات دقيقة"، لافتا إلى أن فترة العلاج طويلة، وتكاليف الأدوية مرتفعة جدا.
مؤكدا أن الوقاية من المرض، تبدأ من غلي الحليب أو بسترته، ثم طباخة اللحوم جيدا، وتوعية وإرشاد المجتمع بأهمية التخلص من إفرازات ومخلفات إجهاض الحيوانات المصابة بالمرض بالحرق أو الدفن، وضرورة استخدام أدوات الوقاية الصحية عن العناية بالحيوانات.

التحديات والعقبات
وتطرق المرشدي إلى التحديات التي تواجه الثروة الحيوانية في اليمن، معتبرا ذبح إناث وصغار الماشية من قبل بعض المستفيدين الذين لا هم لهم سوى جني الأرباح، رغم معرفتهم التامة بأن ذباحة الحيوانات الصغيرة عديمة الفائدة الغذائية لصحة الإنسان، هو التحدي الأول، يليه نقص الأعلاف، معللا ذلك بكون اليمن بلدا استوائيا، والاعلاف بطبيعة الحال تحتاج إلى المياه، والمياه في الاقليم الاستوائي غالبا ما ترتبط بمواسم الأمطار، وهي شحيحة، وبالتالي فإن كميات الأعلاف غير كافية لتغطية احتياجات تعداد الثروة الحيوانية الكبير، وخاصة في فترات ما يطلق عليها محليا بالجحر(الجفاف)، والتي تقل فيها الأعلاف بكميات كبيرة جدا، وهنا يحصل للثروة ضعف وهزال يصاحب ذلك انخفاض كبير في قيمتها الشرائية، بالإضافة إلى أنها تصبح عرضة للأمراض الفتاكة والنفوق.
ولفت إلى أن غياب البرامج الإرشادية والتوعوية لمربي ومربيات الثروة الحيوانية يعود إلى ما تمر به البلد من ظروف عدوان وحصار، وهي الظروف التي جعلت أغلب أجهزة الخدمات في البلد بلا موازنات تشغيلية.. لدينا برامج، ولدينا خطط للتوعية والارشاد، ولكن بلا موازنات تشغيلية. وبالتالي يتسبب هذا الغياب ضعف في إنتاج الثروة الحيوانية، فانتشار الأمراض والنفوق في أوساط الماشية، وتقع خسائر فادحة في دخل المربين والاقتصاد الوطني".
واعتبر المرشدي التهريب المشكلة الأكبر والأشد خطرا على الاقتصاد الوطني عامة، وعلى الثروة الحيوانية بشكل أخص، ونركز أكثر على التهريب من الخارج إلى الداخل، إذ أن دخول الثروة الحيوانية بدون استقبالها في محاجر بيطرية للفترة القانونية، وتخضع لرقابة صحية من قبل كوادر بيطرية متخصصة مدة 14 يوما للأغنام والماعز و21 يوما للأبقار.. الآن، التهريب يأتي من القرن الأفريقي، وعبر ميناء المخا التي قصفت فيه بنية تحتية جديدة ومزودة بأحداث الأجهزة والامكانيات بلغت قيمتها 6 ملايين دولار، والميناء مفتوح حاليا، بل والساحل اليمني مفتوح على طول 2500 كم، لدخول الحيوانات بلا أي رقابة.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا