الصفحة الإقتصادية

امريكا وأزلامها تواصل ضرب الاقتصاد

امريكا وأزلامها تواصل ضرب الاقتصاد

رشيدالحداد/   


انهيار جديد ضرب سعر صرف العملة في المناطق اليمنية المحتلة مقابل الدولار والريال السعودي، ينذر بكارثة إنسانية قد تطال الملايين من اليمنيين في الذين يدفعون كل صباح وكل مساء ثمن الاحتلال من قوت اطفالهم

في تلك المناطق، هذا الانهيار الذي جاء في اعقاب انتهاء موسم عيد الأضحى دون مؤشرات استباقية وحدث قبل أن تعاود الأسواق نشاطها، وقبل أن تفتح معظم شركات الصرافة في مدينة عدن والمدن الأخرى، كان متسارعاً بشكل غير طبيعي ولافتاً و تزامن مع صيف لاهب تعيشه المدينة التي تعاني من انهيار حاد في الخدمات، ورغم انعدام المؤشرات الاقتصادية الموضوعية لهذا الانهيار الذي أفقد الآلاف من الأسر اليمنية في تلك المحافظات فرحتها بإجازة عيد الاضحى، واحدث ارتباكاً صادماً في أسواق التجزئة والجملة في تلك المحافظات, الا أن الدوافع التي وقفت وراء ما حدث ويحدث ليست اقتصادية بل تأتي في إطار استخدام الاقتصاد كورقة ضغط لتحقيق مكاسب مالية وأخرى سياسية، وبعد تتبع الأسباب والدوافع والبحث عن أي عوامل ذات طابع اقتصادي تبين أن ما حدث ويحدث جاء بعد زيارة السفير الأمريكي لدى حكومة المرتزقة، ستيفن فاجن في عدن واللقاءات التي أجراها مع مسؤوليه، وبدا تحريك هذه الورقة بعد صدور بيان امريكي فرنسي بريطاني عشية الاضحى، تعمد تحريض المجتمع الدولي ضد صنعاء،وحملها مسؤولية التدهور الاقتصادي في المناطق المحتلة، وارجع بيان الثلاثية التدهور المدار لسعر صرف العملة إلى استمرار وقف انتاج وتصدير النفط وكذلك استبدال صنعاء استيراد الغاز المنزلي من الخارج عوضاً عن استيراده من مأرب، وكون التقلبات الاقتصادية لسعر صرف العملات في أي بلد تحكمها عوامل اقتصادية لا يستطيع احد تجاوزها، عملت منذ الثالث من الشهر الجاري على البحث عن الأسباب والدوافع التي أدت إلى الانهيار الجديد في سعر صرف العملة، حاولت معرفة هل ما حدث ناتج عن تناقص الاحتياطات النقدية لفرع البنك في عدن فكانت النتائج أن البنك ذاته أكد في بيان صادر عنه قبل أيام من عودة مسلسل انهيار العملة المطبوعة أن الاحتياطات الأجنبية التابعة به أمنة، ونفى البنك صحة ما نقلته وكالة رويترز عن مصدر في حكومة المرتزقة في الرياض عن تنافص الاحتياطات من العملات الأجنبية إلى أقل من ٢٠٠ مليون دولار، وما دفعني لاستبعاد أن يكون ذلك أحد عوامل الانهيار لسعر صرف العملة في عدن، إعلان فرع البنك قبل الانهيار بأيام بأن صندوق النقد الدولي حول بالجزء الثاني من وحدات الدعم الخاصة التي حصلت عليها اليمن العام الماضي وقدرها أكثر من ٣٥٠ مليون دولار بعد أن سيلها وتم التحويل الى حسابات فرع البنك في الفيدرالي الأمريكي، وكباحث اقتصادي دخلت موقع البنك في عدن وتابعت المزادات الأخيرة لاحظت أنها لم تتجاوز مزادين وبقيمة لا تتجاوز ٦٠ مليون دولار، ولكن ما لفت انتباهي هو أن البنك يحد سعر الدولار بسعر السوق دون أي اعتبار لما سينتج عن ذلك من تداعيات على اسعار الصرف، لذلك كان اخر سعر أعلنه فرع البنك في عدن الثلاثاء الماضي ١٣٨٥ ريال للدولار كحد أدنى و٤١٠ ريال للدولار كحد أعلى، جراء ذلك قفز سعر صرف العملة إلى ١٥١٨ ريالاً في نفس اليوم في السوق وتسبب ذلك باشعال أسعار المواد الغذائية في الأسواق المحتلة إلى مستويات تفوق قدرات المقتدرين وتنهي ماتبقي من هامش للعيش أمام الفقراء والمعدمين، بعد أن صار تأمين أدنى متطلبات العيش الكريم لأسرة مكونة من خمسة أطفال تحدياً كبيراً امام أرباب الأسر كون سعر القرص الروتي وزن ٣٠ جرام تجاوز ١٠٠ ريال، وقفزت اسعار الألبان وعلى رأسها الزبادي قوت الفقراء الأساسي إلى أكثر من ٣٠٠ ريال، واصبح الكيلو السكر الذي يباع في صنعاء باقل من ٥٠٠ ريال في عدن باكثر من ١٢٠٠ ريال، ومن الطبيعي أن يثير وضعاً كهذا موجة سخط عارمة في أوساط المواطنين في المناطق المحتلة، لأن حكومة المرتزقة لاتضع تلك التداعيات في أي اعتبار، وترى بان استرضاء الخارج اولى.
اذن ما الدافع الذي يقف وراء الانهيار الجديد لسعر الصرف في المحافظات الجنوبية والشرقية.
هل المغادرة الجماعية لمسؤولي تلك الحكومة والزعامات المصطنعة من قبل التحالف في تلك المحافظات لقضاء إجازة العيد في عواصم عدد من الدول العربية والأجنبية تسبب بسحب كتلة من العملات الصعبة من تلك الأسواق لتغطية نفقاتهم الضخمة، وأن كان أحد العوامل، فإن العامل الآخر لا علاقة له بالاقتصاد ولا بالاحتياطات ولا الإيرادات، بل أرى انه عامل سياسي صرف يأتي في إطار موجة الادعاء بأن وقف إنتاج وتصدير النفط تسبب بأزمة مالية خانقة لتلك الحكومة الفاسدة والفاشلة بامتياز، لأن هذا التوجه يتواءم مع مساعي أمريكا وفرنسا وبريطانيا لإيجاد اي مبرر لإعادة تشديد الحصار على صنعاء ونسف كافة الجهود الإقليمية والدولية التي بذلت في إطار استمرار حالة التهدئة، فكل العوامل الاقتصادية منعدمة باستثناء عوامل ضعيفة كسحب العملة الصعبة من قيادات تلك الحكومة للخارج لتغطية نفقاتهم الضخمة، وغياب الرقابة من قبل فرع البنك، دون ذلك لا مؤشرات موضوعية سوى أن الانهيار الأخير مفتعل ويأتي في إطار تحريض المجتمع الدولي على صنعاء والهدف منه وقف الحركة الملاحية في الحديدة وفق التهديدات الأمريكية، وكذلك كان هناك مطالب من قبل حكومة الارتزاق قبل العيد بإعادة الحصار على ميناء الحديدة تحت نفس الذريعة بعد عزوف الكثير من الموردين إيصال بضائعهم عبر مواتي عدن نظراً لكثرة الجبايات ورفع رسوم الخدمات ورفع سعر الدولار الجمركي وغير ذلك.. تلك الحكومة التي سحبت مبالغ ضخمة من العملات الصعبة قبيل العيد لكي تغطي نفقات مسؤوليها الذين غادروا بشكل جماعي عبر مطار عدن من أجل قضاء العيد في عدد من عواصم الدول العربية والأجنبية، عمدت على إسقاط فشلها وفسادها على قرار حماية الثروات متهمة صنعاء بحصارها، محاولة بذلك تغيير المزاج العام في المحافظات الجنوبية المؤيد لهذا القرار الذي عمل على وقف تهريب النفط وصان هذه الثروة السيادية من العبث، فأبناء الشعب اليمني يعلنون بأن إيرادات أكثر من ١٩٠ مليون برميل نفط من خام شبوة ومأرب والمسيلة بحضرموت بلغت نحو ١٤ مليار دولار خلال السنوات الماضية لم يكن لها أثر إيجابي على حياتهم ولم تسهم في تحسين مستوى الخدمات المنهار في تلك المناطق ولم توقف انهيار سعر صرف العملة المطبوعة أيضاً، بمعنى أنها إيرادات منهوبة عديمة الأثر، لذلك استدعت المصلحة العامة أن يتم وقف تهريب النفط وربط إعادة التصدير بتخصيص عائداته لصالح المرتبات والخدمات العامة أي لصالح الشعب اليمني وليس لصالح تجار الحروب ودول الاحتلال، فلم يتضرر أحد من اليمنيين بهذا القرار باستثناء ناهبي النفط والغاز الامريكان والبريطانيين والفرنسيين الذين يستغلون ثروات اليمن النفطية منذ عقود.
أما الوجه الآخر لهذه الأزمة التي تنفذها حكومة المرتزقة بإيعاز فرنسي امريكي بريطاني، فيهدف إلى الحصول على المزيد من التمويلات التضخمية من دول العدوان، ووفقاً لمصادر متعددة فإن هناك طبخة جديدة يجري الترتيب لها في الرياض من شأنها أن ترفع معدلات الدين العام الخارجي الذي قارب العشرة مليارات دولار بعدما كان عشية نقل وظائف البنك المركزي من صنعاء ٦.٧ مليار دولار.
اي ان القرض الخارجي الذي تسعى حكومة المرتزقة للحصول عليه تحت ذريعة مواجهة الانهيار المفتعل يأتي في اطار العبث بوظائف البنك يضاف إلى أنه غير قانوني كون تلك الحكومة تمثل دول العدوان ومجلس العليمي كياناً عميلاً مختلقاً غير قانوني أيضاً.. فالحلول الاقتصادية ليست بإغراق اليمن بالديون الخارجية،بل وفقاً المقترحات التي قدمها رئيس الوفد الوطني المفاوض، محمد عبدالسلام، خلال تعليقة على الانهيار الاقتصادي الأخير في مدينة عدن، مؤكدا أن ما يحتاجه الاقتصاد في بلدنا لرفع معاناة شعبنا، يكمن في تخصيص الإيرادات النفطية والغازية لمعالجة مشكلات الشعب الاقتصادية وفي مقدمتها المرتبات، و إبعاد كل ما له علاقه بالوضع الاقتصادي عن الابتزاز السياسي لتحقيق أهداف عسكرية أو سياسية، و التوقف عن جميع الإجراءات التعسفية التي تستهدف الشعب اليمني وتمس أبرز متطلباته الحياتية.
وفي الختام نوجة رسالتنا لإخواننا في المحافظات الجنوبية بأن عليهم الالتفاف إلى جانب صنعاء ومواقفها الرافضة لبقاء الاحتلال الأجنبي، وفتح قنوات تواصل معها والالتحاق بركب الاستقلال الجديد، فسياسات العدو انتهازية ومطامع المحليين اقتصادية، ولذلك الحل النهائي لمعاناتكم  تحرير المحافظات الجنوبية من الاحتلال من أجل أن يعود الاستقرار المعيشي والاقتصادي ويعم الأمن والسلام وتسود التنمية كل أرجاء اليمن.
* كاتب وباحث اقتصادي

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا