الصفحة الإقتصادية

الضربات اليمنية ضد سفن الكيان تكبد اقتصاد إسرائيل خسائر فادحة

الضربات اليمنية ضد سفن الكيان تكبد اقتصاد إسرائيل خسائر فادحة

رشيد الحداد /

 بعد فشل تحالف حماية الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر الذي شكلته أمريكا بطلب إسرائيلي واضح، اصبح اقتصاد الكيان وحيداً في مواجهة تداعيات القرار اليمني المساند للشعب الفلسطيني الذي كبد الاحتلال خسائر تقدر بمليارات الدولارات خلال الأسابيع القليلة الماضية،

فاليمن وعلى بعد نحو 2000 كلم ، استهدف مدينة ام الرشراش السياحية والساحلية والتي تعد اهم مدن الكيان الواقعة على البحر الأحمر بأكثر من 10 عمليات جوية منذ 17 أكتوبر الماضي.
 تلك الهجمات عطلت السياحة في اهم وجهة سياحية للكيان وادت إلى تضرر ميناء ايلات وتراجع الحركة في المنطقة الصناعية في ايلات ايضاً ، تلك العمليات التي حاولت إسرائيل التكتم عن اضرارها الاقتصادية سندت بقرار استراتيجي مدروس ، تمثل بقرار منع مرور سفن الكيان عبر البحر الأحمر وباب المندب واتسع القرار إلى منع مرور سفن الاحتلال من البحرين الأحمر والعربي مع منع كافة السفن الأجنبية من الوصول إلى الموانئ المحتلة .
هذا التصعيد كان رداً على تصاعد جرائم الإبادة الجماعية من قبل الجيش الإسرائيلي بحق الالاف من الأخوة الفلسطينيين العزل في قطاع غزة ، وكان له اضرارا مباشره قاسية على حركة الواردات والصادرات من والى إسرائيل ، وعلى مدى الفترة القليلة الماضية تم منع عدد من السفن من المرور في البحر الأحمر كونها كانت متجه نحو الموانئ المحتلة ، وتم اجبار عدد اخر من السفن على التوقف وتغيير المسار للضغط على إسرائيل لكي توقف الجرائم في قطاع غزة وتسمح بدخول كل المساعدات الاغاثية المنقذة للحياة من معبر رفح دون شروط وتوزيعها في شمال غزة وجنوبها .

معادلة عسكرية إنسانية
المعادلة عسكرية اكدت قدرة القوات المسلحة اليمنية على فرض قرارها في البحر الأحمر والتحكم بالمسار الملاحي ومنع السفن الخاصة بالعدو من المرور، وكذلك اقتصادية فرضت الحصار على إسرائيل واشترطت خفض التصعيد على سفن الكيان برفع الحصار على أهالي قطاع غزة، كما ان له جانب انساني اغاثي استطاعت من خلاله تشديد الضغوط وفرض اجراءاها كأمر واقع لا رجعة عنه الا في حالة تنفيذ المطالب المرتبطة باتخاذ القرار ، ولذلك لم يكن للقرار  أي اثر سلبي على الملاحة الدولية باستثناء الملاحة الإسرائيلية ، فأكثر من 2300 سفينة مرت من البحر الأحمر في نوفمبر الماضي رغم تصاعد العمليات العسكرية البحرية من قبل القوات البحرية ضد السفن الإسرائيلية أواخر الشهر نفسة ، واستمرت حركة الملاحة على وتيرتها تمر ما بين 58 سفينة إلى 64 سفينة من البحر الأحمر وباب المندب بشكل يومي ودون أي مخاطر خلال الشهر الجاري باستثناء 41 سفينة وفق مصادر ملاحية منعت من المرور على البحر الأحمر والبعض منها توقف قبل ان توصل قبالة المياه الإقليمية اليمنية وغيرت مسارها على الرجاء الصالح  ، وارتفعت اعداد السفن التي غيرت مسارها عبر أفريقيا وجبل طارق والرجاء الصالح نحو 55 سفينة حتى قبل أيام ، مقابل عبور 2128 سفينة خلال تلك الفترة 19 نوفمبر حتى 23 ديسمبر الجاري ، تلك الإجراءات التي نفذتها قواتنا المسلحة باقتدار في البحر الأحمر أدت الى شلل للحركة الملاحية لميناء ايلات واثرت على حركة موانئ اسدود وحيفا بعد ان أوقفت صنعاء سفناً اجنبية حاولت إطفاء أجهزة التعارف وتجاهل قرار صنعاء القاضي بإغلاق البحر الأحمر امام الملاحة الإسرائيلية .

أوراق الضغط الامريكية.
على مدى الفترة الماضية استخدمت واشنطن عدد من أوراق الضغط ولجئت إلى الترهيب والترغيب محاولة بتلك الآليات وقف الهجمات على إسرائيل، فاستخدمت ورقة المساعدات الغذائية عبر برنامج الغذاء العالمي وأوقفت المساعدات الإنسانية على عشرات الالاف من الاسر النازحة والفقيرة في اليمن بتوجيهات أمريكية، يضاف إلى إعاقة مسار السلام بشكل متعمد وكذلك محاولة تقديم عروض لمقايضة صنعاء عن موقفها من مساندة ومناصرة القضية الفلسطينية مقابل دعم واشنطن مسار السلام وتنفيذ بنود خارطة الطريق، ورغم اصطدام الامريكان بموقف صنعاء الثابت والرافض لأي مساومات او مقايضة بهذه القضية ، لجئ الامريكان إلى الضغط الدولي والى الوساطات الإقليمية في مسعى منهم لتخفيف الضغط على اقتصاد الكيان وباءوا بفشل كبير .

التلويح بالقوة.
لوحت أمريكا خلال الأسابيع الماضية باستخدام القوة ضد اليمن على خلفية منع مرور سفن إسرائيل ، واتسمت تهديداتها بعدم الاستقرار والتناقض ، وكان ذلك واضح من خلال تناقض التصريحات بين البنتاغون والخارجية الامريكية والقيادة المركزية في البحرين وإدارة بايدن التي استبعدت في اكثر من مرة استخدام القوة ، وتراجع البنتاغون في تصريحات متعددة المواجهة مع اليمن ، وعوضاً عن ذلك حركت واشنطن بوارجها ومدمراتها في خليج عدن ومن البحر المتوسط ، وارجعت ذلك الى مواجهة ما وصفتها بالمخاطر التي تتهدد الملاحة في البحر الأحمر ، ولكنها لجأت إلى تشكيل تحالف عسكري شاركت فيه عدد من الدول وانسحبت أخرى وتجاهلت عدد من الدول العربية المشاركة فيه وامتنعت عن المشاركة كافة الدول المشاطئة على البحر الأحمر ، ما ضاعف من عزلة واشنطن ووضعها في موقف محرج امام الراي العام الأمريكي الرافض لأي عمليات عسكرية تنفذها قواته على اليمن لصالح إسرائيل .

اضرار وخسائر مباشرة
أدت الهجمات الموجهة ضد سفن الكيان الإسرائيلي والمتجهة الى الموانئ المحتلة إلى وقف عدد من الشركات الملاحية الإسرائيلية ومنها شركة زايم  لوقف الإبحار في البحر الأحمر وإرسال سفنها حول  فريقيا والرجاء الصالح ، وهو ما أدى إلى رفع التكاليف بمقدار مليون دولار للرحلة الواحدة، كما أسهمت العمليات في ارتفاع أسهم قطاع شركات الشحن البحري بنحو 22 مليار دولار منذ 12 ديسمبر الجاري، إلى 190 مليار دولار مقابل 166.2 مليار دولار قبل 12 ديسمبر، نتيجة اعلان عدداً كبيراً من الشركات الملاحية تحويل مسار سفنها من البحر الأحمر إلى بالإبحار حول أفريقيا وبالتالي ترتفع تكاليف التأمين ، ووفقا لشركة النقل السويسرية "Kuehne + Nagel" فان 57 سفينة حاويات أبحرت لمسافات طويلة حول أفريقيا بدلاً من البحر الأحمر، محملة ببضائع قيمتها 35 مليار دولار (50 ألف دولار تقريباً للحاوية الواحدة) وتشير إلى أن عدد السفن سيزداد مع عزوف المزيد من الشركات العاملة إلى موانئ إسرائيل عن باب المندب والبحر الأحمر ، وفي هذا الاتجاه بلغت الرسوم الإضافية التي فرضتها شركة "ميرسك" الدنماركية للشحن مؤخراً 700 دولار للحاوية القياسية التي يبلغ طولها 20 قدماً والتي تسافر من الصين إلى شمال أوروبا، فيما بلغت رسوم شركة "CMA CGM" الفرنسية 325 دولاراً إضافياً لكل حاوية بطول 20 قدماً على طريق شمال أوروبا إلى آسيا و500 دولار لكل حاوية من آسيا إلى البحر الأبيض المتوسط ، مراقبون اعتبروا رفع شركات الملاحة رسوم التامين محاولة لتأليب العالم على عمليات صنعاء واستغلال غير منطقي ، كون الإجراءات المتبعة من قبل الفوات البحرية اليمنية محددة على سفن إسرائيل والمرتبطة بها والمتجه إلى موانئها وليس على كل السفن وتم إيضاح ذلك في كل بيانات المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة  العميد ، يحيى سريع ، وعلى لسان رئيس الوفد الوطني ، محمد عبدالسلام ، ولكن هناك محاولات بريطانية فرنسية لاستغلال الظروف في البحر الأحمر ومضاعفة أسعار التامين على الرحلات المتجهة نحو دولا أوروبية واسيوية .

ازمة نقل بحري وارتفاع في الأسعار
إجراءات القوات البحرية اليمنية شددت الخناق على الكيان، وتسببت له بأزمة نقل بحري بعد عزوف الكثير من السفن عن إيصال شحنات الى موانئه، شركة موران للشحن الجمركي، قالت   لموقع “غلوبس” “إن حالة عدم اليقين في الوقت الحالي كبيرة، ولا نعرف من الذي سيقوم بالجولة، ومن سيتخلى تماماً عن القدوم إلى إسرائيل. 30% من التجارة إلى إسرائيل عبر مضيق باب المندب، لكن إسرائيل نقطة صغيرة على الخريطة بالنسبة لشركات الشحن. وأخشى أن تغادرها السفن التي تحمل بضائع إسرائيلية في ميناء ما على الطريق”.
ونقل الموقع الاقتصادي الإسرائيلي موخراً ، عن هرتسل يفراح، الرئيس التنفيذي لشركة استيراد المواد الغذائية “Big Food Blue and White”، قوله “إن التأخير حتى لمدة شهر في تسليم البضائع يعد بمثابة أخبار سيئة. “لقد بدأنا في تلقي أخبار من الموردين في الصين تفيد بأن زيم تلغي السفن. أنا مستورد بضائع، وإذا كان النقل الذي استغرق 30 يوماً يستغرق 65 يوماً، فأنا أقل من شهر على الأقل”. وأشار يفراح إلى أن “جميع الموردين في العالم وجميع شركات الشحن سيكونون خائفين من جلب البضائع إلى إسرائيل، وأشار إلى ان السوق بأكملها تعاني من الركود والوضع يزداد سوءاً” ونوه الموقع بأن تكلفة الشحن ارتفعت 300 % وهو ما سينعكس على أسعار البضائع، وإذا كانت العلاوة التي تم فرضها على تأمين كل حاوية ضمن بند مخاطر الحرب 100 دولار قبل عمليات البحر الأحمر فإنها وستصل الآن إلى 800 دولار على الأقل.. وفي ظل انسحاب عدد من الدول من المشاركة في تحالف الحرب الجديد مع امريكا وخاصة بعد انسحاب فرنسا، والآن إسبانيا وإيطاليا، قتلت وكالة رويترز تقول إن شركات الشحن العالمية لا تزال غير متأكدة بشأن التحالف البحري الدولي الجديد الذي تشكله الولايات المتحدة لمواجهة هجمات قوات صنعاء في البحر الأحمر ضد السفن الإسرائيلية أو المتجهة لإسرائيل، حيث تستمر الكثير من السفن في تجنب المنطقة أو إلغاء العقود مع شركات إسرائيلية ، ورفضت مصر محاولات أمريكية لضمها الى تحالف الحرب التي شاركت فيه الامارات دون اعلان وامتنعت السعودية في مسعى منها لتجنيب امدادات النفط أي هجمات في البحر الأحمر .

من سيحمي بوارج أمريكا
هكذا يقول ، مدير معهد دراسات الحرب المستقبلية التابع للكلية الحربية البحرية الأمريكية ، سام تانغريدي ، ويرى إن “صاروخ البحرية الأمريكية SM-2 يمكنه حماية السفن التجارية على مسافة ما، لكن الصاروخ الباليستي يمكن أن يتجاوز مداه ، وفيما يخص تكلفة الصواريخ الأمريكية المعدة للتصدي لهجمات قوات صنعاء، قال تانغريدي، إن كل صاروخ يكلف حوالي 2.5 مليون دولار، وهو أغلى بكثير من الذخائر التي يطلقها الحوثيون”. مضيفاً: “إنها مبادرة منطقية وجديرة بالاهتمام، لكنها أيضاً رد مكلف للغاية مقابل تكلفة صواريخ الحوثيين أو طائراتهم المسيّرة”.وأشار تانغريدي إلى أن العمليات العسكرية في البحر الأحمر ستؤدي إلى “تآكل قدرات البحرية الأمريكية التي تكافح بالفعل لمواجهة تحديات مع القوى العظمى، خاصة روسيا والصين، مؤكداً: “نحن بحاجة إلى الحفاظ على قوتنا البحرية والعسكرية لمواجهة التهديدات التي يمكن أن تقتلنا، وليس فقط تزعجنا”، بالإشارة الى الصين وروسيا ـ وأضاف: “إذا تمكن الحوثيون من إطلاق النار وضرب إحدى مدمراتنا فعلياً، فهذا يعني فشل الدفاع الصاروخي”، منوهاً بأن “استهداف الطائرات بدون طيار أو الصواريخ واحدة تلو الأخرى في البحر الأحمر لن ينهي التهديد”، مؤكداً: “ولا أعتقد أن الحوثيين سيتوقفون عندما ينتهي الصراع في غزة، وربما يكونون أكثر جرأة”..

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا