الصفحة الإقتصادية

الحصار البحري اليمني يعمق أزمة الاقتصاد الإسرائيلي

الحصار البحري اليمني يعمق أزمة الاقتصاد الإسرائيلي

رشيد الحداد / 

عمقت العمليات العسكرية التي تنفذها قواتنا المسلحة بنوعيها البحرية والجوية أزمة الكيان الاقتصادية المتصاعدة منذ السابع من أكتوبر الماضي، فالاقتصاد الإسرائيلي انتقل من اقتصاد مستقر إلى غير مستقر ومن واحد من اقوى 15 اقتصاد حول العالم،

إلى اقتصاد هش افاقة مغلقة وخسائره تتعاظم كل يوم منذ بدا عدوانه على غزة، فإسرائيل التي حققت معدلات نمو اقتصادي مرتفعة خلال السنوات الماضية بفعل تمكنها من اختراق الأسواق العربية وتعزيز وجودها التجاري في المنطقة، تعيش اليوم أسوأ مرحلة تاريخية، بعد ان تراجع معدل الإنتاج وارتفعت نفقات الحرب على غزة وفشلت في أعادة الأوضاع في مختلف القطاعات إلى ما قبل عملية طوفان الأقصى، فانهارت السياحة وتراجعت الصناعة وانخفض معدل الإنتاج الزراعي وارتفعت فاتورة الاستيراد وتدهور سعر صرف الشيكل وفشلت كافة السياسيات في وقف تدهور الأوضاع المعيشية للمستوطنين وارتفعت طلبات التعويض ونفقات النزوح من غلاف غزة والمناطق التي تم اجلاء سكانها من شمال الأراضي الفلسطينية المحتلة بسبب تصاعد المواجهات والهجمات التي يشنها حزب الله اللبناني ضد الاحتلال، ليس ذلك وحسب بل ان بنوك إسرائيلي حذرت من إفلاس الكيان، ووصل الحال بحكومة نتنياهو إلى الاستغناء عن مئات الالاف من جنود الاحتياط في محاولة لخفض الانفاق العسكري اليومي الذي يصل نحو260 مليون دولار، مقابل نحو 800 مليون دولار يومياً خسائر ناتجة عن عدم عودة العمالة الفلسطينية إلى أعمالها في الداخل الإسرائيلي.
ووفقاً للمعلن عنه من مؤشرات فان فاتورة الحرب والحصار على قطاع غزة، وتداعيات الحصار الذي يفرضه اليمن على إسرائيل في البحر الأحمر أدى إلى انكماش اقتصادي بلغ 19% في الفصل الرابع وانكماش اقتصادي السنة الحالية نتيجة اختفاء السياحة وعدم التمكن من إنتاج الغاز بالمستوى الممكن، كما بلغ التضخم في إسرائيل ذروته عند 5,3% يناير الماضي، وأجبرت التداعيات الاقتصادية للحرب بنك إسرائيل المركزي على خفض الفائدة 0,25% إلى 4,5% كأول خفض منذ مارس 2020م، وقال محافظ بنك إسرائيل، إن تكاليف ميزانية الحرب بالإضافة إلى خسارة الدخل من المتوقع أن تصل إلى حوالي 210 مليار شيكل 58,3 مليار دولار، وكذلك أن العجز العام فى الموازنة الإسرائيلية من المقدر له أن يعادل 6,6% من الناتج المحلى الكلى لإسرائيل بنهاية العام الجاري بعد أن كانت تلك النسبة التقديرية لا تتعدى 1,3% قبل نشوب الحرب وبلغ الدين العام لإسرائيل مستويات قياسية عام 2023م، وارتفع إلى نحو 300 مليار دولار، بنسبة 62% وفقًا لدائرة المحاسب العام في الخزينة الإسرائيلية.
وفقا لتقديرات صحيفة "يديعوت أحرونوت" أنّ الحرب ستكلف ميزانية الاحتلال أكثر من 58 مليار دولار، بعد ان بلغت 58 مليار دولار، وانتقدت الصحيفة الموازنة المعدلة للعام الحالي، ووصفتها بكونها واحدة من أسوأ الموازنات على الإطلاق، وبأنّها موازنة عجز، ومحمّلة بالضرائب الإضافية.
وكشفت عن اعتزام حكومة الاحتلال إلى فرض ضرائب إضافية على الكهرباء والمصارف وزيادة ضريبة القيمة المضافة، ما دفع ببنك إسرائيل المركزي إلى رفع أسعار الفائدة، واعترفت وزارة المالية الإسرائيلية مؤخراُ، بأنّ موثوقية وقوة الاقتصاد معرضتان للضرر، ما سيؤدي إلى التراجع المستمر في مستوى معيشة الإسرائيليين في السنوات المقبلة.
إلى ذلك، أظهرت أحدث البيانات الصادرة في إسرائيل عمق الازمة الاقتصادية الناجمة عن عدوانها على غزة مع اتجاهها سريعًا صوب الانكماش بعد ان تراجعت الواردات خلال العام الماضي بنسبة 14,9%، بينما تراجعت الصادرات السلعية بنسبة 11% خلال العام الماضي.
وتزامن تراجع التجارة الخارجية مع مؤشرات جديدة على شلل النشاط في بعض القطاعات الاقتصادية، نتيجة تراجع معدل الإنتاج وارتفاع الإنفاق على الحرب، ويتزامن تراجع التجارة الخارجية مع مؤشرات جديدة على شلل النشاط بعض القطاعات الاقتصادية نتيجة للإنفاق الكبير على الحرب، وبلغ التضخم 3% في ديسمبر الماضي على أساس سنوي، لكنه سجل انكماشًا على نحو شهري، فبحسب بيانات صدرت حديثًا في إسرائيل ظهر تراجع في الواردات خلال العام الماضي بنسبة 14,9%، ووفقاً للبيانات انخفضت الواردات السلعية بنسبة 16,6%، مسجلة سبعة مليارات ونصف مليار دولار، خلال ديسمبر، وانخفضت الواردات إلى إسرائيل بنسبة 22% في نوفمبر الماضي، مسجلة أدنى مستوى لها في ثلاث سنوات.
وعلى مستوى العام بأكمله، انخفض العجز التجاري في إسرائيل إلى 31 مليار دولار، نتيجة التراجع في كل من الصادرات والواردات، أما بالنسبة للصادرات السلعية، فقد تراجعت بنسبة 11% خلال العام الماضي، وبلغت هذه الصادرات في الشهر الأخير حوالي خمسة مليارات ونصف مليار دولار، بانخفاض يزيد على 3%، وذلك بعد أن هوت في نوفمبر الماضي بنسبة 18,4%، ويفرض تراجع التجارة الدولية في البحر الأحمر على إسرائيل استخدام وسائل نقل، أو ممرات بحرية بعيدة عن البحر الأحمر، وهو ما يعني زيادة تكلفة التجارة وتهاوي الطلب، على نحو يفاقم المؤشرات السلبية للاقتصاد الإسرائيلي، وأجبرت الهجمات التي شنتها قوات اليمن المسلحة في البحر الأحمر، لسفن قالت إنها مرتبطة بالتجارة مع إسرائيل، على تعليق العديد من شركات الشحن العالمية، رحلاتها البحرية باتجاه المنطقة، والاستعاضة عنها برحلات باتجاه رأس الرجاء الصالح، ما رفع كلفة أسعار الشحن العالمية.
وفي نفس الإطار، قالت وكالة التصنيف الائتماني"S&P- ستاندرد آند بورز" إنها قد تخفض تصنيف إسرائيل إذا اتسعت الحرب في غزة، لتشمل جبهات أخرى، إلا أنها أستبعدت أن تكون تل أبيب قادرة على تحمل التداعيات الاقتصادية للحرب إذا لم تتوسع من خلال إجراء التعديلات اللازمة في الموازنة لتعويض ارتفاع الإنفاق، وأضافت الوكالة أن التوقعات السلبية تشير حاليا إلى احتمالية خفض التصنيف خلال العام أو العامين المقبلين.
يشار إلى أن "ستاندرد آند بورز" توقعت انخفاض نمو الاقتصاد الإسرائيلي 0,5% فقط في 2024م وأن تحقق الموازنة عجزا إجماليا يبلغ 10,5% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي الحالي.
ومع إخفاء الكيان الخسائر الحقيقية، الا أن توقف أعمال البناء والتشييد بالكامل في إسرائيل، يكبد الاحتلال خسائر تصل إلى 37 مليون دولار (ما يعادل 150 مليون شيكل) يومياً، وشهرياً تصل خسائر توقف العمالة الفلسطينية نحو ٨٠٠ مليون دولار، يضاف إلى أن وسائل إعلام عبرية، قدرت خسائر الاحتلال الشهرية جراء وقف الإنتاج في حقل تمار للغاز، وهو ما يكبد الدولة العبرية نحو 200 مليون دولار شهرياً من الإيرادات المفقودة.
وفقاً للإحصائيات المتاحة فإن الاستثمارات الخارجية صارت معطلة نتيجة الحرب على غزة، مما تسبب بخسائر كبيرة، وصلت 15 مليار دولار، وهو ما يحتاج لوقت طويل للتعافي، فضلاً عن توقف عجلة القطاع السياحي الذي تضرر -بحسب ما هو معلن- بنسبة 75%، وهذا القطاع كان يدر قرابة 20 مليار دولار على الخزينة الإسرائيلية سنوياً.
واسترسل، فضلا عن إيواء وتعويض العائلات المهجرة نتيجة الحرب بغلاف غزة، وفي المناطق الحدودية الشمالية مع لبنان، والذين يقدر عددهم بمليون مستوطن، يعيشون حالياً بـ280 فندقاً، وهذا ما يحتاج مبالغ طائلة لا تقل عن 10 مليارات دولار، وتعويضهم عن خسائرهم التجارية والصناعية التي لحقت بهم جراء الحرب.
يضاف هجرة ما يزيد على 400 ألف إسرائيلي -حتى الآن- ممن يحملون جنسيات مزدوجة إلى القارة الأوروبية، والأميركية، مما ينعكس على انخفاض إيرادات الحكومة، ودافعي الضرائب.
إضافة إلى خسارة العمالة الفلسطينية في قطاع الإنشاءات بالمناطق المحتلة عام 1948م، وهروب العمالة التايلندية بالمنشآت الزراعية في غلاف غزة خوفاً من الحرب.
وسائل إعلام إسرائيلية أقرت مؤخراً، بتعرض الاحتلال لخسائر فادحة جراء الحصار اليمني المفروض على الملاحة الإسرائيلية.وقالت إن ميناء إيلات خسر ثلاثة مليارات دولار بسبب الهجمات اليمنية في ‎البحر الأحمر، مشيرةً إلى أن الحوثيين أوقفوا جميع أشكال التصدير من وإلى الميناء الصهيوني الحيوي.وكانت بيانات ملاحية قد أكدت أن ميناء “إيلات” متوقف بشكل شبه كامل، حيث لم تدخل سوى سفينة واحدة في شهر ديسمبر الماضي، وسفينة أخرى في شهر يناير الماضي.
الجدير بالذكر أن الرئيس التنفيذي لشركة ميناء إيلات في الكيان الإسرائيلي، قد أقر في وقت سابق، أن الميناء متوقف حتى إشعار آخر، مع استمرار العمليات اليمنية ضد سفن الاحتلال.
وهو ما دفع الاحتلال للاعتماد على السفن القادمة من البحر المتوسط مما رفع من كلفة الشحن، وتتسبب في ارتفاع حاد بأسعار المواد الاستهلاكية قدرت ما بين ٢٥% إلى ٣٠%،يضاف إلى ارتفاع أسعار النقل الداخلي في دولة الاحتلال على خلفية ارتفاع أسعار المشتقات النفطية.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا