ملف الأسبوع

الجاسوسية عبر العصور  (2)

الجاسوسية عبر العصور (2)

العميد أنور الماوري / 


يمتد جذور نشوء الجاسوسية منذ العصور الغابرة مروراً بالقرون الوسطى، والحضارات العصرية الحديثة، حتى بلغت ذروتها سواء في أساليبها ووسائلها وأدواتها الحديثة أو على مستوى التكنولوجية الرقمية

وقد ذكر القائد العسكري الصيني "صن تزو" في كتابة: (فن الحرب) كيفية خدع أو تمويه العدو بواسطة (المخبر المدسوس) وكيفية التأثير سلباً على معنوياته ونفسياته، وذلك عن طريق إشاعة الأخبار الكاذبة، والمعلومات المضللة، والأحداث الملفقة ما يسمى اليوم" بالحرب السيكولوجية" حيث أصبح هذا الكتاب بعد مرور ألف وخمسمائة سنة، المرجع المفضل لدى رؤساء وزعماء الصين، خاصةً في عهد زعيمهم الراحل ماوتسي تونغ..
ويقال إنَّ الصين هي أول دولة قامت بإنشاء جهاز مخابراتي متخصص قائم على أسس علمية صحيحة عبر التاريخ، أما في القرون الوسطى قد انحصر نشاط وعمل أجهزة المخابرات داخل قصور الملوك والأمراء، حيث كان الملك أو الحاكم ينتقي بضعة عملاء ومخبرين أو جواسيس يستخدمهم داخل البلاط وذلك لتزويده بالمعلومات والأخبار وما يدار خلف الكواليس من مؤامرات، ودسائس تخص سياسة الملك.. وقد ازدهرت هذه الأساليب والأنماط في عهد كرومويل في بريطانيا، وريشيلو في فرنسا، كما أنَّ نشاطات المخابرات العسكرية في العالم بدأت تتطور، وتتسع وتأخذ صوراً متنوعة ومتطورة، إذا أنشأ الرؤساء والزعماء والملوك بعض فصائل، وفرق وكتائب متخصصة بالاستطلاعات العسكرية بهدف جمع المعلومات والأسرار والأخبار عن العدو، وتكوين فكرة شاملة وكاملة عن عدده وعتاده،وعن طريقة مناوراته العسكرية والتكتيكية..
وفي نهاية القرن الثامن عشر كانت أجهزة المخابرات في كثير من دول العالم تعمل بشكل متكامل ومتطور وحديث لتزويد الرؤساء والحكام وملوك تلك الدول بالمعلومات الدقيقة، والأسرار العسكرية عن العدو في شتى جوانبها.
في النصف الثاني من القرن التاسع عشر تطورت أساليب ووسائل المخابرات بسرعة هائلة وفائقة، نظراً لاكتشاف التلغراف والهاتف ووسائل المواصلات الحديدية، وكثرة تبادل السفراء والقنصليات، وضباط الارتباط بين الدول، وفي عهد نابليون نشأت المخابرات العسكرية عند اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1414م حيث نشطت أجهزة المخابرات بكل وسائلها، مع الدول المشتركة في الحرب بشكل ملموس على أرض الدول المحايدة، وأصبحت تهتم بالمخابرات، ومكافحة التجسس ومحاربة الشائعات، وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، ومرحلة مابين الحربين العالميتين الأولى والثانية انشغلت الدول الحديثة بتنظيم أجهزة وأساليب مخابراتها على ضوء تجاربها، ورصد الميزانيات المهولة لها بحيث أخذت تتدخل في الحقول العلمية والتكنولوجية الحديثة، وسياسات الدول الأخرى، مما اكسبها أساليب حديثة ومتطورة، حتى في تنويع العملاء، وظهور مسميات مختلفة منهم:
•العميل السري: (يوضع في بلدٍ ما بشكل سرى).
•العميل المزدوج: (يعمل بأسلوبين مخادعين).
•العميل المخادع: (يوضع ضمن خطة خداع أو مهمة واحدة ويسحب).
•العميل المتسلل: (يدخل إلى البلد خلسة لتنفيذ مهمة ضرورية أو عمل ما).
وكما نعلم فإنَّ لأجهزة المخابرات الدور الفاعل في كسب المعارك، وتعرية خططه، وانهزامه معنوياً ونفسياً.
وهكذا نلاحظ أنَّ المخابرات قد قطعت أشواطاً كبيرة ومذهلة في عصرنا الحالي بحيث شملت مهماتها الاستعلام العسكري والعلمي والسياسي والاقتصادي، والإعلامي والاجتماعي، حتى ساد العصر الحديث، وسائل تجسس متطورة، بسبب التكنولوجيا والتقنية العالية، وثورة الاتصالات والمعلومات والفضاء المفتوح.. كالأقمار الصناعية، والبالونات الفضائية التجسسية والرادارات المتنوعة،واختراع أجهزة التنصت الحديثة والمتطورة.   

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا