كتابات | آراء

اليمن ... لعبة الدم والموت إلى أين ؟!.._ 85 _

اليمن ... لعبة الدم والموت إلى أين ؟!.._ 85 _

ورغم شعورها , بل واعترافها الضمني بتورطها في اليمن وغرقها وانغماسها في هذا المستنقع الرهيب ,

وما ترتب على ذلك من خسارة فادحة لسمعتها ومكانتها العربية والإسلامية والدولية بسبب هذه الحرب العدوانية التي تشنها على اليمن منذ أكثر من ستة أعوام , تصر مملكة آل سعود على التخبط والتذبذب في سياستها ومواقفها المتأرجحة والطائشة من قضية الحرب والتورط في اليمن .
وآخر تقليعات الرياض ذات الصلة بما يحدث في اليمن إعلانها إسقاطها مبادرتها التي كشفت عنها قبل فترة لوقف حربها وعدوانها على اليمن .
حيث أكدت السعودية الاسبوع الماضي اسقاط مبادرتها للحل في اليمن.
ويأتي هذا الإعلان السعودي الغريب عشية تسارع ملحوظ في حدة الحراك الدولي للدفع بإنهاء الحرب التي تقودها الرياض على اليمن منذ سبع سنوات .
ونسبت " صحيفة عكاظ " السعودية الرسمية إلى مصادر سعودية حكومية قولها :" إن وزير خارجية هادي أحمد عوض بن مبارك الذي وصل في وقت سابق الاسبوع المنصرم إلى مسقط , ألتقى نظيره العماني يوسف البوسعيدي " .
وطبقا لتلك المصادر فقد تناولت مباحثات الجانبين ونقاشاتهما المستفيضة المقترحات الأممية الأخيرة للسلام في اليمن , وهو ما يعني تخلي السعودية التي ظلت تضغط لتمرير مبادرتها عن رؤيتها للحل في اليمن.
ومنذ نشر صنعاء مقاطع لعملية عسكرية في جيزان والتي أظهرت الجيش السعودي ومرتزقته في حالة يُرثى لها على ايقاع تقدم مقاتلي الجيش اليمني ولجانه الشعبية في عمق المدن السعودية , تحاول الرياض التي ظلت تناور على مدى الأشهر الأخيرة بورقة السلام , الدفع نحو إنهاء الحرب وذلك بدافع من خشيتها ومخاوفها التي تتنامى يوما بعد يوم من تعرضها للمزيد من الانتكاسات , أو نشر صنعاء مزيد من المشاهد المصورة لانتصارات قواتها في العمق السعودي , وهو ما يعني مزيد من الفضائح والانتكاس بالنسبة للسعودية وفقدانها لسمعتها ومكانتها التي تأثرت كثيرا بسبب حربها على اليمن .
وعلى صلة بما حدث في جيزان مؤخرا , يتساءل عدد من السعوديين عبر منصات التواصل الإجتماعي وغيرها عن سبب فرار الجنود السعوديين بدون أسلحة ومدى التأثير السلبي لهزيمة الجيش السعودي في معركة جيزان الأخيرة وعلى ذلك النحو والصورة المخزية التي عكستها المشاهد المصورة التي نشرتها صنعاء , وسببت حرجا كبيرا للمملكة وجيشها المندحر .
كل ذلك وغيره يؤكد وجود مؤشرات كثيرة وخطيرة بدأت تلوح في أفق مملكة آل سعود المظلم على مستوى الداخل السعودي.
 فبعد دخول الحرب التي تقودها المملكة على اليمن عامها السابع , وتداعيات هذه السنوات العجاف وآثارها السلبية المترتبة , بدأ المواطنون السعوديون يلمسون ذلك في واقعهم المعاش , فضلا عن ذلك فقد أصبح النظام السعودي حاليا قاب قوسين أو أدنى من مواجهة غضب شعبي , يتوقع مراقبون خروجه عن سيطرة حكام المملكة الذين يمارسون سياسة قمعية لا تسمح أبدا بارتفاع أي صوت معارض مهما كانت مشروعيته وأحقيته .
وبحسب مراقبين لما يحدث في الداخل السعودي من غليان , فإن الغضب الشعبي المتصاعد في المملكة يتركز حول قمع واعتقال وتغييب الكثير من المعارضين لسياسات وممارسات السلطات السعودية بحق أبناء شعبها من ناشطين حقوقيين ورجال دين وإعلاميين .. مشيرين إلى أن هذا لم يعد التحرك الوحيد في الداخل السعودي .
حيث بدأت أيضا تحركات شعبية مماثلة , مناهضة للزج بالجنود السعوديين إلى محارق الموت في الحد الجنوبي للمملكة , لاسيما بعد العمليات الأخيرة التي بث إعلام صنعاء الحربي مقاطع حية مصورة عنها في منطقة جيزان , والتي وضعت السلطات السعودية في موقف أقل ما يُوصف بأنه مُخز , بالإضافة إلى الخسائر الكبيرة التي تستنزف خزائن المملكة في الإنفاق على أتباعها ومرتزقتها داخل المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرة التحالف , والتي ظهرت انعكاساتها السلبية على الاقتصاد السعودي ومعيشة المواطنين هناك بكل جلاء ووضوح لا مراء فيهما.
ولا بَدَعَ أن يقول القائل مع ذلك :" إن السعودية لم تترك باباً إلا وطرقته , للبحث عن وسيط يُخرجها من المأزق الكبير الذي وضعت فيه نفسها بالحرب على اليمن ".
ووفقا لمحللين مهتمين بما يحدث في الداخل السعودي من حراك شعبي مناهض لسياسة المملكة واستمرارها في ورطتها في اليمن :" فإن الاستنفار العالمي الغير مسبوق لوقف الحرب على اليمن يكشف عن حجم ذلك المأزق السعودي الذي كان سببه أساسا هذه الحرب والعدوان على اليمن " .
وبحسب مراقبين أيضاٌ , فإن مملكة آل سعود وصلت إلى _ نقطة اللاعودة _ مايعني أنها لابد أن تدفع ثمن ما أقدمت عليه خصوصا بعدما ارتفعت أصوات أهالي وأقرباء الجنود السعوديين في الحدود الجنوبية , والتي تطالب سلطات الرياض بتفسيرات مقنعة للفشل العسكري السعودي الذريع الذي جعل أبناءهم عُرضة للموت أو الفرار وترك كل ذلك العتاد العسكري المهول وراء ظهورهم , وقدتركوه خلفهم يوم ولوا مُدبرين !.
وعلى مدى الأيام الماضية أطلق أهالي الجنود السعوديين الفارين ومعهم ناشطين حقوقيين سعوديين عبر مواقع التواصل الإجتماعي حملة تغريدات كبيرة , طالبوا خلالها ولي العهد ووزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان بتقديم استقالته والكف عن العبث بأرواح أبنائهم.
وأشار الناشط السعودي محمد العتيبي في إحدى تغريداته ذات الصلة بما حدث في جيزان مؤخرا إلى أن الرواتب والمزايا الممنوحة لأبنائهم الجنود تُعد الأقل على مستوى العالم , إذا ما قيست بإمكانات المملكة .
وأكد العتيبي أن السعوديين لن يتغافلوا عن فشل ولي العهد الذي قال أنه تسبب في ازهاق أرواح جنود سعوديين .. متسائلا : عن أسباب هروب الجنود السعوديين هكذا بدون أسلحة .
فيما ذكر مغردون سعوديون آخرون السلطات السعودية بخسائر القوات المصرية في اليمن إبان عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في ستينيات القرن الماضي .
ونقل عن رجل الدين السعودي المعارض ناصر الغامدي قوله :" إن ضابطاٌ سعودياً رفيعاً أكد له أنه لا يوجد ما يوقف قوات صنعاء , وأنها تستطيع الوصول إلى ماهو أبعد من الخوبة بجيزان , وتحديدا منطقة الدرب غرب أبها في عسير , واصفاً ما حدث في جيزان من وصول مقاتلي الجيش اليمني ولجانه الشعبية إلى الخوبة وقتل أعداد كبيرة من الجيش السعودي وأخذ كميات كبيرة من أسلحته ومعداته كغنائم , بالتمدد الخطير في مسار الحرب .
وتساءل : من المسؤول عن ما حدث في جيزان , وأكد كذلك , إن معاداة غزة وفلسطين وإسكات المساجد وتوسيع هيئة الترفيه في المملكة لم تنفع بشيء .
هذا فيما تحدثت مواقع إخبارية سعودية معارضة عن حجم الإنفاق المهول الذي تنفقه المملكة على السلاح .
وقالت تلك المواقع الإخبارية " إن ما تنفقه مملكة آل سعود على صفقات الأسلحة يفوق كل المنافسين في المنطقة , خصوصاً إسرائيل وإيران .
ونقلت عن أحدث تقرير لمجلة " نيوزويك " الأمريكية قوله :" بين الفاعلية السياسية والعسكرية لإيران والمملكة بوناً شاسعاً " مؤكدا أن المشكلة ليست في التسليح , بل في " العقلية الطفولية " التي تدير الموارد , في إشارة منه إلى سياسة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان , الذي يُجمع الكثير من السعوديين على أنه يستحق محاكمة عسكرية بسبب ما يحدث للجيش السعودي من انتكاسات وهزائم مُنكرة في الحرب على اليمن رغم ما يمتلكه من ترسانة حربية حديثة ومتطورة .
كل هذه المؤشرات وغيرها تجعلنا نخلص هنا إلى القول : أن المملكة اليوم باتت في ورطة ما بعدها ورطة , وأن حربها الحالية على اليمن أكبر خطأ ارتكبته في تاريخها ستدفع ثمنه الباهض والمكلف على المدى القريب والبعيد , وقد أدركت أخيرا ولو على استحياء بعد استكبار وغرور جنى عليها أنها تورطت في المستنقع اليمني وتبحث الآن عن من ينتشلها منه بأي طريقة كانت !.
...... يتبع ......

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا