كتابات | آراء

وقفات تأملية لواقع الأمة اليوم..!!

وقفات تأملية لواقع الأمة اليوم..!!

بادئ ذي بدء يجب أن نحدد معنى التطور اصطلاحاً كما جاء في المعاجم، وعلى ضوء ذلك يتم تحديد موقف الإسلام منه، التطور مشتق من الطور،

وهو الحالة المرحلية لشيء ما فالتطور هو الانتقال من طور إلى طور آخر والتطوير هو تحويل الشيء من حال كان فيها تارة ما، إلى حال غيرها أخرى بحسب ما جاء في المعجم الوسيط..
من هنا يتضح أن التطور ليس مقيداً بالأفضلية بل قد يكون التحول في التطور إلى حال أسوأ.. كما يقال إن مرض فلان قد تطور وقد يكون إلى حالٍ أحسن كما في قوله عزوجل:"وقد خلقكم أطواراً" سورة نوح- "14".
فالتطور يجري في أمور الطبيعة كما في تطور النبات والحيوان والمراحل التي يمر بها منذ نشأته حتى يشيخ ويتلاشى وقد يكون في تطور علم من العلوم، أو علم المتعلم ومدى اتساع ورسوخ مداركه..
وهكذا يجري التطور في كل شيء في هذا الكون الشاسع الواسع، في مجال الأفكار والعقائد والقيم والمبادئ والأخلاق والتقاليد، بل في الصور المادية للحياة بكل صورها..
أما التطور في مجال الأديان فنوعان:
تطور في العقيدة نفسها من طور بدائي بسيط الى طور مركب معقد امتزج فيها الفن والخيال والجمال والحب بفكرة الألوهية أو الربوبية كما كان عند اليونان القدامى..
أما الطور الثاني: تطور في تقويم الناس سلوكياً وأخلاقياً ودينياً مع بقاء الدين في ذاته ثابتاً أم الأديان السماوية المرتبطة بنصوص شرعية ثابتة ليست هي المقصودة بالتطور لأنها توقيفية..
أما الدين الإسلامي فمرتبط بنصوص ثابتة وأحكام توقيفية محفوظة لا تتغير ولا تتبدل أما النصوص الشرعية الإسلامية فتبقى ثابتة بل تبقى هي الحجة القائمة الى يوم القيامة، لكن التطور قد يعتري الفكر الإسلامي أي فهم الناس لرسالة الإسلام ومضمونها..
وهنا يأتي دور العلماء الأجلاء في تنقية وتصحيح المفاهيم المغلوطة وتوجيه الناس الى الطريق الصحيح والمنهج القويم..
وهذا التطور كما سماه الرسول عليه الصلاة والسلام وعلى آله تجديداً لأمر الدين.. كما جاء في الحديث النبوي الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وآله إنه قال: (يبعث الله لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها)..
والمقصود من معنى الحديث تنقية الدين الإسلامي مما علق به من أفكار دخيلة وبدع وخرافات أساءت إليه وشوهت صورته الصافية النقية بين الأمم الأخرى..
وهنا لنا وقفة تأملية ونظرة تحليلية فاحصة لمعنى التطور أو التجديد ليس المقصود إدخال شي جديد على الدين الإسلامي وإنما محاربة الخرافات والبدع والأوهام التي ظهرت في بعض الأمم والشعوب أي إعادة الدين الى رونقه الأصلي ومنابعه النقية الأولى, فكراً وعملاً، هناك قاعدة فقهية تقول: (إن الضرورات تبيح المحظورات) درء الفتن والمفاسد..
أما عقوبات سائر الجرائم الأخرى بلا حصر فمتروكة للتقدير الزمني بحسب الحاجة الماسة والضرورة والمصلحة وتسمى عقوبات التعزير كما جاء في كلمة الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز حين قال: (يحدث للناس من العقوبات بقدر ما يحدث منهم من الفجور)..
وهنا توجد قاعدة المصالح المرسلة المسماة بالاستصلاح والاستحسان تختار فيه جهات الاختصاص والسلطات المسؤولة ماهو الأصلح بحسب الزمان والمكان جلباً للمصالح ودرءاً للمفاسد..
فهناك قضايا عديدة يتضح منها أن النصوص الأصلية بعمومها ومرونتها وتعليلاتها غطت معظم القضايا عن طريق الاجتهاد والاستنباط وتحكيم قاعدة المصالح المرسلة في كل شان سكتت عنه النصوص الشرعية مادامت المصلحة قد ورد التعليل بها..
كالاكتشافات العلمية والطبية والتكنولوجية وغيرها إذا أضفنا الى كل ذلك قول الرسول عليه الصلاة والسلام وعلى آله في حادثة تلقيح النخل:
حينما قال (أنتم أعرف بأمور ديناكم)
مما فتح الباب واسعاً للانطلاق العلمي والعملي في تطبيق نواميس وقوانين الطبيعة.
كلمات مضئية:
صفوة القول: إن علماءنا الاجلاء قادرون على تقديم الفتاوى والاجتهادات لمعالجة الكثير من قضايا الأمة التي تقف في طريق نهوضها وتقدمها, ولكن بسبب المكايدات السياسية والمشاحنات الكيدية بين معظم علماء الأمة نسوا أو تناسوا دورهم تجاه قضايا الأمة..
في حين أن الأمم والدول المتحضرة والإنسان الأوروبي وصل الى سطح القمر والمريخ وشعوب وأمم العالم العربي والإسلامي غائصون في مهاتراتهم الفكرية والمذهبية غير مبالين بما يحدث في دول العالم المتحضر من ثورات علمية وتكنولوجية هائلة فائقة الدقة والإبداع..
متى تفيقون يا علماءنا الأجلاء وتدركون دوركم الحقيقي في معالجة قضايا الأمة وما تعانيه اليوم..؟!

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا