كلك نظر: بمناسبة ذكرى استشهاده الـ43.. مصادفات مع سالمين حياً وميتاً وأسرار عن استشهاده تنشر لأول مرة(1-3)

بعد أيام قلائل وتحديداً بتاريخ 26/6/2021م تحل الذكرى الثالثة والأربعين لاستشهاد طيب الذكر الرئيس سالم ربيع علي الشهير بـ"سالمين" رئيس مجلس الرئاسة في الشطر الجنوبي من الوطن..

أو ما كانت تعرف بــ"جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.." استشهد سالمين بتاريخ 26/يونيو/1978م مكان الاستشهاد محيط دار الرئاسة منطقة الفتح أحدى مناطق مدينة التواهي مديرية الميناء المحافظة الأولى سابقاً عدن حالياً.
وبهذه الذكرى المؤلمة أود كشف ما عرفت من أو عن خفايا الأحداث وملابسات استشهاد الرئيس سالمين وهي أسرار تنشر لأول مرة، لكن قبل ذلك فضلت أن ابدأ من الخواطر الخفية المتضمنة مصادفات مع سالمين ومعظمها من وقائع زياراته إلى مدرستنا مدرسة النجمة الحمراء..
ملاحظة: مدرسة النجمة الحمراء التي تأسست في أوائل سبعينات القرن الماضي في منطقة العند- محافظة لحج- كانت مدرسة داخلية كنا ندرس فيها منهج التربية والتعليم ومواد عسكرية وبالذات التدريب الناري والحركة النظامية- أي أنها مدرسة تربوية عسكرية معاً- وكان يديريها مديران: مدير للجانب العسكري برتبة ضابط ومدير تربوي من أفضل الأساتذة التربويين والفصول الدراسية كل فصل من ثاني ابتدائي وما فوق يعتبر بمثابة فصيلة مشاه، مدرسة النجمة الحمراء كانت المدرسة النموذجية على مستوى الجمهورية حينذاك.. والأهم من هذا وذاك أن هذه المدرسة كانت أول كيان وحدوي في اليمن بأكمله.. فمنذ تأسيسها كان نصف عدد طلابها من المحافظات الشمالية وعدد مماثل تقريباً من المحافظات الجنوبية.. ولهذه الاعتبارات كانت أبرز قيادات الجمهورية آنذاك سالمين وعبدالفتاح إسماعيل وعلي ناصر محمد يولونها اهتماماً كبيراً.
عودة إلى الموضع: في احدى المرات كنت قائد الفصيلة المناوب وكنا بزينا المدرسي الذي يشبه إلى حد كبير الزي العسكري: بنطلون وقميص لون زيتوني وطربوش بمظلة العينين تعلوها النجمة الحمراء عائدين إلى المدرسة بعد أن ركضنا المسافة المقررة وبشعار أردده: يا علي ناصر وسالم ربيع يا أمين اللجنة المركزية إلى آخر الشعر.. المقصود أمين اللجنة المركزية هو عبدالفتاح إسماعيل كنا عائدين ورددنا شعارنا نحبه أكثر من غيره وهو: "سالمين نحن أشبالك وأفكارك لنا مصباح وأشعلناها ثورة حمراء باسم العامل والفلاح" كنا نسير بنظام الحركة النظامية ولفت انتباهنا السيارة نوع "أوبل" التي تسير بجوارنا ببطء على الخط الرئيسي فإذا هو الرئيس سالمين أعطيت أمر للفصيلة يسار انظر- التحية العسكرية- ثم و قف ونزل من السيارة وتممت له: الفصيلة مستمرة في التدريب حسب البرنامج الخ قائد الفصيلة المناوب الطالب أحمد مسعد القردعي ثم صافحني وصافح بقية طلبة الفصيلة ثم تحدث إلينا بإيجاز حديث الأب لأبنائه التلاميذ وفي ختام حديثه تمنى لنا النجاحات الدائمة في دراساتنا وواصل السفر وحيداً بسيارته القديمة عرفنا في نفس اليوم أنه زار لواء "22" القريب من المدرسة اتجاه الشمال لمدة ساعة ثم استعار سيارة دبل من اللواء وغادر لزيارة مديرية الضالع مع قائد اللواء وبدون مرافقين باستثناء سائق السيارة نوع لاندروفر ثم عرفنا في اليوم الثاني والثالث من خلال الأخبار في الإذاعة والتلفزيون أن الرئيس سالم ربيع علي زار عدة مناطق من بينها العوابل والحبيلين ويهر ولبعوس- كل تلك المناطق هي مدن استثنائية تتبع المحافظة الثانية سابقاً محافظة لحج حالياً.
المصادفة الثانية مع سالمين حياً: شاهدناه أمام بوابة مدرسة النجمة الحمراء قادماً من معسكر لواء "22" يونيو بعد أن عاد من الزيارة التفقدية للمناطق المذكورة أخذ سيارته الخاصة من المعسكر في العند وكان عائداً إلى عدن يقود سيارته بنفسه وكان أيضاً لحاله بدون مرافقين استقبله الطلبة بالهتاف: "سالمين نحن أشبالك وأفكارك لنا مصباح وأشعلناها ثورة حمراء باسم العامل والفلاح". فقال لهم: " انتم أشبال الوطن وسالمين وغيره من القاده هم جنود للوطن".
المصادقة الثالثة مع سالمين حياً: زيارة سالمين إلى مدرستنا بدون إشعار مسبق.. تفاجئا بدخوله إلى فصلنا وهذا أسلوب سليم عندما يزور المسؤول الكبير هذه المدرسة أو هذا المعسكر أو ذاك المرفق المدني بدون سابق إشعار ليرى الحال بطبيعته دون تصنع أو تلميع".
دخل سالمين إلى فصلنا صافحنا جميعاً ثم ألقى كلمة مختصرة تحثنا على التحصيل العلمي لخدمة الوطن في مختلف المجالات.. ثم أتاح لنا الفرصة لطرح الأسئلة والاستفسارات وكذا طرح أي مطالب مشروعة.
وقد كنت أول الطلبة المتحدثين كنت آنذاك في أواخر سن الطفولة وأوائل سن الشباب قدمت مقترحاً للرئيس بأن يوجه رفاقنا قيادة منظمة المقاومين الثوريين اليمنيين بالسماح لنا نحن الطلبة دون سن "15" المشاركة في النضال ضد السلطة الرجعية في أيام العطل والإجازات المدرسة وأضفت حتى يكون لنا شرف المشاركة الفاعلة ضد الرجعيين المحليين عملاء الرجعية السعودية عميلة الامبريالية الأمريكية والصهيونية العالمية.
• بذاك السن كان لدي شطط ثوري زائد عن اللزوم، لكن الرئيس سالمين- رحمة الله عليه- لم يقطع كلامي حتى أكملت وقال باقي أي شيء آخر قلت له: لا يوجد.
ثم أجاب سالمين على مقترحي ما زلت أحفظ إجابته عن ظهر قلب مُنذ "46" عاماً تقريباً إلى اليوم وهذا نص الإجابة: " أنا لست المسؤول والمنظمة لها قياداتها المنتخبة وبعضها مختارة، لكن أنا مع رأيهم بألا يسمحوا لأي شاب دون سن "18" سنة المشاركة في أي معركة بشرط أن يكون قد تدرب على فنون القتال بشكل متقن".. ثم قال سالمين مخاطباً الطلبة هل يوجد مطالب أخرى تخص التغذية والسكن؟
أجاب أحد الطلبة نعم وجبة "القُرع" أي وجبة الإفطار لا تخلو من السوس، اعترضت ورفعت يدي واستأذنت الرئيس للرد عليه، قال تفضل قلت هي حالات قليلة ونسيان الغربال لكن قد تعودنا على السوس وكأنه جراد ونتعوض دائماً بوجبة الغداء العامرة دوماً باللحم أو السمك وفي كل الحالات يا عم سالم أنت سيد العارفين وتعرف أكثر من غيرك أن جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية جزيرة وسط محيط عدائي ويتوجب علينا أن نقتنع بما يتوفر لنا من إمكانيات مختلفة في كل مجالات الحياة ومن أهمها المواد الغذائية.
علق الرئيس سالمين على ما طرحت بقوله حرفياً: "أن اعتراضك على زميلك يا قردعي من حيث الفكرة تذكرني بالمظاهرات في مختلف مدن الجمهورية التي طالبت بتخفيض الرواتب إلا أن المبررات وأسلوب طرحها أعجبني لذلك فان اعتراضك مقبول".

يتبع العدد القادم...