كتابات | آراء

مشكلة التعليم في قوالب جامدة

مشكلة التعليم في قوالب جامدة

التعليم في قوالب نظام دراسي "منهج أو مواد ومقررات في قالب أو قوالب جامدة" تنتج خريجاً فاقداً غريزة التفكير العلمي الإبداعي.

بعد قضاء ١٢ عاماً دراسياً، يدرس الطالب في كل سنة عدداً من المواد والمقررات مثل الفيزياء والكيمياء والتكامل والتفاضل.. ثم يتخرج لا يدري ماهية هذه المواضيع؟ وفي ماذا تستخدم!! وما فوائدها؟ لأنه حفظها حفظاً جامداً.
ثم يمتحن الثانوية وتعلن النتيجة "الدرجة" ويحرم من دخول تخصص يجد في نفسه رغبة نفسية وحافزاً للإبداع فيه!! لأي سبب كان.
ويحرم الآلاف من أبنائنا الطلاب؛ بسبب نتيجة معدل الثانوية بإيجابياته وسلبياته.
ثم يصل الطالب إلى مرحلة "الليسانس" أو "البكالوريوس" وهي مصطلحات منقولة حرفياً إلى لغتنا العربية ولا يوجد لها أصل عربي مثلها مثل مصطلح الماجستير أو الدكتوراه.
ما يهمنا هنا هو توضيح حقيقة أن الطالب يلتحق بالجامعة، ويدرس تخصص ما!! هو عبارة عن منهج مقولب في قوالب ومواد ومقررات معظمها نظرية؛ خالية من التطبيق العملي؛ ولا علاقة لها بواقعنا وحياتنا.
وإذا رسب في مقرر ما لأي سبب كان ربما قد يكون خارج إرادته، في القالب تسجل له درجة (٥٠) وبذلك يحرم الكثير من الخريجين من حقهم العلمي!!
وإذا كان معدله التراكمي مقبول في سنة أولى؛ يظل مقبولاً طيلة دراسته!! إلا من رحم ربي.
ويحرم من دراسة الماجستير لأن معدله في "الليسانس" مقبول؛ حتى لو كان لديه رغبة في مواصلة الدراسة.
وعلى سبيل المثال قبل سنوات أراد أحد الطلاب أن يدرس ماجستير وكان معدله مقبولاً في الليسانس ولم يكن حينها مطلوب تقدير جيد أو كان يتم التغاضي.. المهم درس الماجستير وحصل على تقدير جيد جداً وناقش رسالته بتقدير ممتاز!! وبعدها عندما جاء ليسجل لدراسة الدكتوراه قالوا له ممنوع؟ القالب لا يسمح !! لديه رغبة في مواصلة الدراسة؛ ولكنه حنب بسبب القالب.
وهكذا يتسبب القالب في حرمان الكثير من الطلاب من مواصلة دراستهم.. من درس الدبلوم ورسب يحرم من الدرجة، ومن درس الدكتوراه ورسب في مادتين!! أو إذا كان معدله مقبولاً يحرم من الرسالة!!
وإذا توفق وكمل الليسانس وبعدين توقف ولم يواصل الدراسة على الفور ولكنه واصل وحصل على الدكتوراه وقد عمره ٥٠ !! وبعدها جاء يشتي يتعين مدرساً جامعياً؛ يقولوا ما ينفع لأنه تجاوز العمر!! القالب قال هكذا !! أيش يفعل الخبير محتار؟
والقالب ذاته يقول ما يدرس الطالب الماجستير إلا بعد ٥ سنين من تخرجه من البكالوريوس؛ في القضاء والشرطة.
المهم هذه الأمثلة تشكل نظرة عامة هدفها فهم الغاية منها.. وليست لذاتها.
التعليم في قوالب؟ جاء مع الثورة الصناعية!! في أوروبا وطبق قبل مائتين سنة.
واحنا منذ بدأت الجامعة في السبعينات أخذناه وقبلنا أيضاً أخذ به المصريون. المهم هذا القالب لا يزال مطبقاً عندنا إلى اليوم لم يتغير منه إلا أمور شكلية طفيفة جداً بعيدة كل البعد عن الموضوعية لأن موضوعية القالب عند البعض شرع لا يسبقه ولا يبطله شرع؟
والمشكلة أن البعض يعلم متى نقل هذا القالب وممن نقل!! وكيف تغيرت القوالب في الشرق والغرب.. ولا يزال مصمماً إلى اليوم ؛ كأن هذا القالب نزل به نص إلهي وكأنه نزل بسلطان مبين!!.
يا خبير هذا القالب منقول قد قلبوه اللي وضعوه.. هو قالب مثله مثل بقية القوالب وضعي يقبل التعديل والحذف والإضافة.. كلما لزم وكلما ظهرت ودعت ضرورة لذلك.. الهدف منه المنفعة والخير والهدى والرشد.
وظهر نظام هذا القالب مع ظهور الحركة الصناعية نهاية القرن الثامن عشر؛؛ تصنع مائة ألف قطعة في قالب معين، من كل قطعة مكونة الجهاز أو الموتور؛ لمنتج واحد؛ ثم يتم تجميعها للحصول على محرك أو جهاز بذاته!!.
لكن قبل الثورة الصناعية!! لم يكن التعليم في قوالب؟
كانت الزراعة !! والزراعة تتطلب بيئة خصبة وتربة ثم تغرس البذرة!! وتعتني بها وهي تنتج!!
وكذلك الطالب بحاجة لبيئة من القيم النفسية المعتصمة بالله المخلصة النية إليه،، العاملة بالأسباب!! يحتاج الطالب بذرة وبذور من القيم الصدق والأمانة والإخلاص والإيمان ومعرفة الله..
 والدنيا دار امتحان مزمن؟ منهم من يمتحن فوق كرسي كنبه ومعه عصير ومباشر، والبعض يدرس بأقل الإمكانات؛ في الأرض أو كرسي مذحل،، المهم أن  الامتحان هو ذاته للجميع ،والزمن مدة حياته..
والحساب والدرجات فيها دقة عليم خبير خلق وأحصى كل شيء ليس لعباً ولا عبثاً، شديد العقاب وإن يك مثقال حبة من خردل يأتي بها الله.. وليست غاية التعليم والدرجات العلمية بذر وزراعة وتسمين وتنمية الأنانية والذاتية وحب المادة والربح،،
 والسعي وراء الربح السريع والدرجات؛ ولو بالغش.. ليست الدرجات والشهادة باعتبارها غاية! ليست غاية.. بحاجة لزراعة وإنتاج الثمرة؛ وكل شجرة تنبت وتثمر وتزهر وتنتج ما هو خلاصتها!!
كل شجرة لها ثمرتها المختلفة وفضل الله بعضها على بعض في الأكل؛ وبرغم أنها تسقى من ماء واحد!!صنوان وغير صنوان!!
ومعظم المخترعين الذين اخترعوا ما ينفع البشرية؛ طردوا من نظام القوالب !! لقد فشل نظام القوالب من تجميد عقولهم وإخضاعها للجمود!!
عموما ما نريد الوصول إليه أنه لابد من وقفة علمية متخصصة أمام هذا الأمر؛ وإلا سنظل ندور في حلقات مفرغة لن نصل لجديد.. ليس لنا بل لأولادنا الأجيال القادمة أمانة في أعناقنا..
المهم القوالب اعترفنا أم أنكرنا.. أم تجاهلنا.. لازالت آفة نفسية وسلوكية لتحطيم غريزة الفضول العقلي؟
الفضول العقلي أوجده الله للبحث للوصول للحقائق والحكمة والصواب!!
الله أمر كل مؤمن أن يسعي ويسير في الأرض؟؟ ويتفكر ويتدبر !وينظر !!في مخلوقات الله وحكمته وتقديره!! أثناء سيره وحركته وعمله!!
ويفكر ويوثق ويستقرئ ويستنبط ولكن بشرط الصدق والأمانة وعدم الكذب والزور!!
وأوجب سبحانه على المؤمن إعطاء كل شيء حقه!! بدون زيادة أو نقصان؛؛ أمانة علمية.. وإيثار وتعاون وتضحية..
وبمعنى أوضح ليس التفكير العقلي محصوراً على من درس في قوالب!!
وكم هناك ممن لم تحالفه الظروف،، وكم هناك ممن قد يكون لا يفقه سوى الحفظ!! وهو لا يفهم شيئا ولا يستطيع التعامل مع أرجله وجسمه أو مع إنسان؛ للأسف!! ومع هذا حالفه الحظ.
وبغض النظر هناك من اجتهد ولكل مجتهد نصيب وله أفضلية وأحقية.. بما سخر الله له وبما سعى وسار واجتهد وتوكل على الله.. نحن بحاجة للنظر والتدبر والعمل والسعي بالخير.. غايتنا يجب أن تكون مخلصة لله قبل كل شيء، والله الذي منه وبرضاه تتحقق غايتنا.. دنيا وآخرة.. ليست المادة ولا الدرجة العلمية ولا المناصب،، غايات ومن كانت غايته فقد أخذها وحصل عليها بدنياه شقي وضل ووضعه مأساوي.
العلم فضل من الله وبما سخر ليس بذكائك، العلم للمنفعة ثم الاستنفاع؛ من درس للشهادة فقد حصل عليها.. العلم زكاته إخراجه عطاء غير محدود.
العلم كلما زاد وهو خالص لله؛ حكمة و تواضع ورفعة ورقي في الأخلاق والسلوك.
كم نحن بحاجة لمراجعة هذا الأمر.. ليس هذا كلامي الشخصي ولا أدعي أن ما قاله غيري كلامي، بل هناك أساتذة أفاضل ممن تكلم وألقى محاضرات بذات المعنى!!!
وأخوكم وزميلكم أضاف عليه استنتاجات أو أمثلة لا غير..
هموم معظمنا واحدة وكثيرة، ولكن للأسف نحن بحاجة في مثل هذه المواضيع لوقفات صادقة وبأمانه بعيداً عن المصالح الذاتية والدنيئة.. نحن بحاجة لتشخيص وتنظيم، مقدمات، وعمليات، ونتائج، وتغذية راجعة.. والله المسخر.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا