كتابات | آراء

بوح اليراع: في ظل تودُّد الإمارات أين تركيا ممَّا يُحاك ضدها من مؤامرات؟

بوح اليراع: في ظل تودُّد الإمارات أين تركيا ممَّا يُحاك ضدها من مؤامرات؟

لأنَّ تركيا تعتبر نفسها -مُذ توالت أحزاب "الرفاه والفضيلة والعدالة والتنمية" على السلطة فيها- أهمَّ واجاهات الإسلام السياسي،

في الوقت الذي تتجاوز الإمارات في مناصبة الدين والمتدينين العداء كل مستوى قياسي، فقد كانت علاقتهما -منذ عدة عقود وإلى ما قبل هذه الأثناء- متسمة بشدة البغضاء التي جعلت سياستي البلدين على طرفي نقيض وحملتهما على التبني المتبادل لحملات التشويه والتحريض.

مَسِيْرةٌ من التخالُف في المواقف
لقد كشفت مواقفُ البلدين إيَّاهما من مختلف الأحداث والقضايا حدَّة التباين الحاصل بينهما، فبقدر ما وقفت "أنقرة" في صف ثورات الربيع العربي التي اشترك بنصيب وافر منها الشباب المحسوب على الإسلام السياسي، وقفت الإمارات والسعودية -بكل ثقلهما المالي- لحياكة الخطط والتآمرات في سبيل إفشال تلك الثورات، ففي مقابل دعم تركيا وحلفائها -على سبيل المثال- ثورة الربيع العربي في مصر ومباركتها الانتخابات التي أعقبتها وأسفرت عن فوز الراحل "محمد مرسي" مرشح الإسلام السياسي، تخندقت الإمارات والسعودية لتلك الثورة وما ترتب عليها من متغيرات في خندق العداء، وأجزلتا العطاء الذي يتجاوز عشرات المليارات حسب ما تردد في تلك الأوقات للدولة العميقة حتى تتمكن من إحداث انقلاب ينسف نتائج الانتخاب، فتمكن ذلك الانقلاب المدعوم منهما من إسقاط الدكتور"محمد مرسي" واعتقاله بواسطة وزير دفاعه "عبدالفتاح السيسي" الذي سارع فور توليه الرئاسة إلى توقيع اتفاقية حدودية سلم بموجبها جزيرتي "تيران، وصنافير" المصريتين للسعودية.
وقد غدا موقف الإمارات وحلفائها من جانب وموقف تركيا وحلفائها من جانب آخر أكثر تباينًا في الدورين المتناقضين اللذين لعبتاهما في ليبيا، ففي مقابل تبني الإمارات ومن يقف في صفها اللواءَ المتقاعد "حليفة حفتر" ومن ثم دعمه بالمرتزقة العتاد والسلاح مهيئةً له أسباب الاكتساح حتى أصبح -وبكل تغطرُس- يقرع أبواب العاصمة "طرابلس"، سارعت تركيا -في تلك الأثناء- إلى عقد اتفاقية أمنية مع حكومة الوفاق الوطني الحائزة على اعتراف دولي، معطيةً نفسها شرعية التدخل العسكري، فرجحت كفة الميزان لصالح حكومة الوفاق بدحرها حفتر الذي كان قد ضيَّق عليها الخناق -بفعل الدعم الإماراتي السعودي المصري الروسي- إلى درجة لا تطاق.
أما بلوغ البلدين ذروة الاختلاف، فيتمثل في كثرة ما تناقل وما يزال يتناقل عن تمويل "الإمارات" الانقلاب الفاشل ضد "أردوغان" وحكومة حزب "العدالة والتنمية" في 15 يوليو 2016 الذي رمى إلى إعادة إنتاج حكم العسكر، فقد نقل موقع "الجزيرة نت" يوم الثلاثاء الموافق 13 يونيو 2017 عن الكاتب في صحيفة "يني شفق" التركية "محمد أسيت": (إن دولة "الإمارات العربية المتحدة" أنفقت ثلاثة مليارات دولار للإطاحة بالرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" والحكومة المنتخبة ديمقراطيًّا في "تركيا")، وقوله هذا منقولٌ -ضمنيًّا- عن "داوود جاويش أوغلو" الذي كان حينذاك رئيسًا للوزراء.

تمثيلية التقارب والتودُّد الكاذب
لعل تمكن "تركيا" من تحجيم نفوذ الإمارات وحلفائها في ليبيا قد دفع "ابن زايد" إلى اعتماد تكتيك مختلف في الكيد لـ"أردوغان" يتمثل في الإقبال على التقارب بكل ما يتطلبه من تصنع التودد الكاذب حتى إذا ما شعر الأخير بالأمان وجه له الضربة القاضية من مكان ليس في الحسبان.
إذْ لا تعد -من وجهة نظري الشخصية- تلك الزيارة التي قام بها ولي عهد "أبوظبي" لـ"تركيا" في الـ24 من نوفمبر الفائت -على كثرة ما وقع خلالها من مذكرات تفاهم لتحسين العلاقات الثنائية واتفاقيات استثمارية ذات مواصفات مغرية- سوى نوعٍ من الإلهاء عمَّا تدبره الإمارات -بمساعدة سائر الحلفاء- ضد حكومة "تركيا" من مكائد في الخفاء.

"العتيبة" وراء منظمة تستهدف "تركيا"
لعل عُمق العلاقات بين الكيان الصهيوني والإمارات القائمة على أساس متين التي يفترض أنها سابقة لاتفاقية التطبيع بعشرات السنين قد حمل الحليفين على تمويل بعض الشخصيات الإنجلوصهيونية الأكثر تطرفًا في الولايات المتحدة الأمريكية لإنشاء (منظمة جديدة في الولايات المتحدة تحت مسمى "مشروع الديمقراطية في تركيا") بحسب ما نقل موقع "الجزيرة نت" في الـ2 من ديسمبر الجاري عن تقرير استقصائي أعدته هيئة بحثية أمريكية، ووفق المصدر ذاته فإن (تلك المنظمة تسعى لتمرير سياسات أميركية تستهدف تركيا، وهناك مؤشرات على أن تمويلها يأتي من دول في الشرق الأوسط، ويقف وراءها ناشطون وسياسيون موالون لإسرائيل ولدول عربية خليجية).
بل لقد رجح تقرير تلك الهيئة البحثية أثناء محاولة التحديد الدقيق للمصادر التمويلية -من خلال الاستناد إلى مجموعة من رسائل البريد الإلكتروني المسربة التي صدرت قبل بضع سنوات- تورط السفير الإماراتي لدى الولايات المتحدة الأمريكية المدعو "يوسف العتيبة".
فهل القيادة التركية على دراية بتفاصيل هذه الحكاية الدرامية الشيِّقة التي يُخطُط لها بعناية صهيوخليجية فائقة؟

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا