كتابات | آراء

تاريخ اليمن الحديث.. بول دريش جامعة أكسفورد (50)

تاريخ اليمن الحديث.. بول دريش جامعة أكسفورد (50)

ترجمة: كاتبة يحيى السني- كندا
يتحدث علماء السياسة كما أشرنا في الفصل الخامس عن أن الدول تستحوذ على الموارد ويكون الهدف هو التنمية وكذلك في الوقت نفسه هو تجميع رأس المال الاستثماري

حتى يمكن زيادة الثروة الوطنية وهو ما لم يحدث بالفعل في الشمال أبداً، وقد تم بناء الطرق بمساعدة أجنبية أو من قبل التعاونيات المحلية واكتسبت المدن الكبرى محطات توليد الكهرباء وأنظمة الصرف الصحي ولكن الصناعة ظلت إلى حد كبير مسألة ورش عمل عائلية كانت معظم التجارة هي الاستهلاك والتبادل، تضاعف الصرافون الثلاثة في سوق صنعاء القديم عام 1971 م إلى عشرين مرة بحلول عام 1985 م في صنعاء وكذلك بين عامي 1983 م و1987 م ارتفع عدد الصرافين بالتجزئة من عشرين إلى 260 وكانت المدن الكبيرة الأخرى متشابهة، تم إغلاق هذه المكاتب مرارًا وتكرارًا في الثمانينيات وسجن التجار الصغار وتعرضوا للتعذيب لكن الأشخاص الذين كانت لديهم صلات حكومية ومعارف قاموا بتهريب الدولارات والريال بكميات ضخمة، تجدر الإشارة إلى أشهر  تجار اليمن هائل سعيد أنعم  وتحت حكم الإمام أحمد حصل على 60% من تجارة اليمن الشمالي مع روسيا وبعد عام 1962 م انتقلت قاعدة عملياته إلى الحديدة من عدن وتكبد لاحقًا خسائر من تأميم الجنوب لكن حكومات عدن كانت راضية عن التعامل معه.
لم يقتصر الأمر على تصدير الصابون والزيوت النباتية والبلاستيك والبسكويت المنتج محليًا إلى الجنوب فحسب بل احتفظ باتصالات كافية للاستيراد من هناك سلعًا مثل التمور والسجائر بينما كان في الشمال مساهمًا رئيسيًا في شركة التأمين المتحدة وشركته كانت عبارة عن صالات عرض الجرارات والجرافات من الإنتاج الحديث كما قام ببناء المصانع  وكانت عملياته الصناعية كثيفة رأس المال وفعالة تقنيًا بأي معيار هنا كانت الثروة اليمنية منتجة لثروات أكبر في اليمن ولإعادة إنتاج هذه الظاهرة تتطلب مناخًا ملائمًا للاستثمار المستدام ظهر العكس في الواقع   واشتكى التجار المنخرطون في الاستثمار والذين كانوا يتطلعون إلى وضع أموال في أعمال أخرى من أن الرشاوى للمسؤولين وضباط الجيش وصلت إلى 15 % من الأرباح المحتملة قبل بدء المشروع،  ليس من المستغرب أنهم نقلوا رأس المال إلى الخارج إذا أمكن ذلك في غضون ذلك، استثمرت شركات النفط الغربية في اليمن   وتبعتها الشركات التي تقدم خدمات مرتبطة بالنفط.
كان الأجانب متفائلين حول استغلال احتياطيات النفط أن اليمن الشمالي سيكون قادرًا على تلبية احتياجاته المحلية من الطاقة وتمويل التنمية وتحقيق ازدهار أكبر لليمن من موارده الخاصة وسيكون لقادة الجمهورية العربية اليمنية إلى درجة غير مسبوقة الحرية في اتخاذ تقرير مصير اليمن بأيديهم، علق أحد الصحفيين في نفس الوقت تقريبا أن النفط لم يكن يفسد البدو  ولكن البدو يفسدون عائدات النفط، كان مثقفون مثل محمد العطار في الستينيات يحلمون بالتطور العقلاني في البلاد وفي السبعينيات ظهر جهاز لمحاولة  تحقيق هذا الحلم في شكل جهاز التخطيط المركزي بقيادة عبد الكريم الإرياني، اكتسحت رومانسية الحداثة الكتاب الأجانب وكذلك اليمنيين وظهرت صورة  التنمية  باعتبارها شكل التاريخ حتمًا وكثير منها كانت أمنيات صعبة المنال والتحقق وكانت أقرب للأحلام لم يكن للتكنوقراط قاعدة قوة  يمكن أن ينصحوا السياسيين ولكن هذه النصائح عموما لا يؤخذ بها ناهيك عن رغبات السياسيين والمتنفذين التي تتعارض مع رغبات التكنوقراط الطامحين إلى التنمية مع العدل والمساواة، ظهر في منتصف الثمانينيات مجمع عسكري تجاري  لم يكن الإنتاج أساس الثروة والسلطة ولم يكن مضادا للخارج أو مشروعا ضد الاستيراد أو طموحا للاكتفاء الذاتي للبلد بل مصدراً للثروة الشخصية لكبار الضباط والأسرة الحاكمة حيث مكنتهم من السيطرة على أعمال الاستيراد ومعاملات العملة التي تربط اليمن بالعالم الأوسع وكان العديد من أولئك الذين مارسوا هذه السيطرة ضباطًا في الجيش لهم صلات بالرئيس اليمني أو عائلته.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا