كتابات | آراء

حديث الإثنين: ستظل عين أمريكا حمراء على اليمن

حديث الإثنين: ستظل عين أمريكا حمراء على اليمن

كلما لاح في نهاية النفق بصيص من الأمل لإنهاء العدوان على اليمن ورفع الحصار عن شعبه الصامد كلما سارعت الإدارة الأمريكية لحشر أنفها لمنع أية جهود تُبذل من أجل تحقيق هذا الهدف

إضافة إلى ممارستها ضغوط شديدة على القيادة السعودية للتراجع عن أي تقارب مع صنعاء يصل بالطرفين إلى إيجاد  تفاهمات قد تفضي إلى إنهاء العدوان ورفع الحصار وتحديد المُتسبب في العدوان وتحميله تبعاته وإن كانت الحقيقة التي تنظر من خلالها أمريكا ولا تقبل الجدل ويجب أن نقف أمامها طويلاً للتأمل فيها تتمثّل في أن هناك توجهاً إقليمياً ودولياً يمنع اليمنيين من بناء دولتهم القوية الحديثة وهو توجّه قديم وليس بالجديد لأن من يعود إلى بداية السبعينيات من القرن الماضي ويستقرئ ما مرّ به الوطن العربي من أحداث في تلك الفترة سيعرف السبب المباشر الذي جعل قوى إقليمية ودولية لا تسمح ببناء دولة قوية وحديثة في اليمن ,على سبيل المثال في حرب 6 أكتوبر عام 1973م التي خاضها الجيشان العربيان المصري والسوري ضد الجيش الصهيوني وعبور قناة السويس وتحطيم خط بارليف الحصين خلال الساعات الأولى من بدء الحرب كانت القيادة المصرية آنذاك قد نسّقت مع القيادتين في شطري اليمن سابقاً لإرسال قوات بحرية مصرية للسيطرة على مدخل مضيق باب المندب الذي تشرف عليه اليمن ومنع أية سفينة متجهة إلى إسرائيل فتم حصارها تماماً وقد شكّل ذلك الحصار ضربة قوية لإسرائيل جعلت القادة الصهاينة يومها يتوقفون عن المطالبة بأسراهم من الضباط والجنود وما كان أكثرهم وتفرغوا لممارسة الضغوطات والتفاوض من أجل فك الحصار المحكم عليهم من مضيق باب المندب الذي تشرف عليه اليمن  وبعد فك الحصار جعلت إسرائيل اليمن وباب المندب تحديدا من أهم قضاياها الاستراتيجية حيث ظلت عينها منصبّة على اليمن تراقبه وعندما شعرت أن هناك توجهاً لبناء دولة حقيقية موحدة في عهد الرئيسين الشهيدين إبراهيم الحمدي وسالم رُبيع علي عجّل ذلك التوجه بالتخلّص من الرئيسين الشهيدين الحمدي ورُبيع في أقل من عام كلا على حدة بسبب سياستهما ومبادئهما الوطنية والتي اعتبرتها إسرائيل والدول الكبرى تجاوزاً للخطوط الحمراء ومن يومها تم اتخاذ قرار خارجي يجعل من اليمن دولة تقودها القوى التقليدية والمشيخية التي ليس لديها أي مشروع وطني ولا تملك سوى التصارع على مراكز النفوذ ونهب ثروات الشعب اليمني والعمالة للخارج ولم تكاد تمضي فترة قصيرة من بعد العام 1978م حتى تفجّرت المشاكل وضاعت الدولة خاصة في المناطق الوسطى التي ظلت مُشتعلة بفعل تواجد الجبهة الوطنية المعارضة لحكم الرئيس الأسبق صالح والمدعومة من الجنوب وقد وجدها صالح والبطانة المحيطة به فرصة لتشكيل ما سُمّي يومها بالجبهة الإسلامية المضادة بحجة محاربة المد الشيوعي الآتي من الجنوب ، فتم الاهتمام بالهيئة العليا للمعاهد العلمية ذات التوجه المذهبي الوهابي والتي على أساس إنشائها في السبعينيات من القرن الماضي تخرّج من معاهدها المتشدّدون الذين شكّلوا البذرة الأولى لما نعانيه اليوم من غلوٍّ وتطرّف مذهبي يكفّر كل طرف الآخر  ولولا أنه تم إلغاء هذه المعاهد في عام 2001م عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر في نيويورك وواشنطن وضمّها إلى وزارة التربية والتعليم لكان اليمن هو البلد الثاني بعد أفغانستان الذي سيتم ضربه وربما احتلاله  وقد اعترف الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح بهذه الحقيقة في أحد خطاباته الموثقة.
 وحين ضاق الشعب اليمني بالفوضى الإدارية التي رافقت تلك الفترة وأصبح التصارع على السلطة والأزمات المتتالية خاصة بعد حرب صيف عام 1994م وما تلاها قامت انتفاضة شعبية عام 2011م تزامناً مع ما سُمّي بثورات الربيع العربي في عدد من الدول العربية ونجحت في خلخلة النظام القائم حينها ,لكن لأن اليمن عليه فيتو يمنعه من بناء دولة قوية وحديثة وخشية من أن تنتج هذه الانتفاضة وضعاً جديداً وبروز قوى شابة تفكر في بناء دولة قوية فقد سارعت قوى إقليمية ودولية للالتفاف على هذه الانتفاضة وإخمادها في مهدها بهدف الحفاظ على بقاء القوى التقليدية في الحكم وإن كان بصيغة أخرى حتى تضمن بقاء الوضع في اليمن هشّاً لا تنتج عنه دولة نظام وقانون وضمانً استمرار المخطط الخارجي الذي يحظر على اليمنيين بناء دولتهم ومن هنا يتضح أنه مهما اعتقدنا بأننا قادرون على تغيير الوضع فإن ذلك يبقى كأمنية غالية لا يمكن لها أن تتحقق ما لم تتوافر إرادة وطنية شعبية مستقلة تفرض نفسها بقوة إرادة الشعب وتزيح من طريقها كل المعرقلين الذين يقفون حجر عثرة في طريق بناء يمن جديد حر ومستقل ويعتقدون بأن الأمور لا تستقيم إلا بهم وحينما قامت ثورة 21 سبتمبر الشعبية عام 2014م لتحقيق هذا الهدف المنشود قامت الدنيا عليها ولم تقعد من الداخل والخارج فحاولوا إجهاضها بكل الوسائل الممكنة وعندما ثبت عجزهم عن إيقاف عجلة انطلاقتها بأساليبهم القديمة من خلال الاعتماد على عملائهم في الداخل سارعوا إلى تشكيل تحالف دولي مكون من امبراطوريات السلاح والمال والإعلام فشنوا عدواناً بربرياً وظالماً على اليمن وشعبه العظيم في 26 مارس عام 2015م  والذي ما يزال مستمراً للعام التاسع على التوالي وتأبى الإدارة الأمريكية أن يتوقف بهدف القضاء على ثورة 21 سبتمبر الشعبية التي حملت توجها جديدا لبناء دولة نظام وقانون وإعادة الاعتبار لليمن  ليستعيد دوره الريادي والطبيعي في المنطقة إلا أن الشعب اليمني  ممثلا في جيشه ولجانه الشعبية  وبعد أن تحرر من هيمنة الخارج وإنهاء الوصاية استطاع أن يقاوم هذا العدوان الظالم  ويتصدى له ببسالة نادرة محققا انتصارات عظيمة أذهلت الأعداء قبل الأصدقاء ومعلنا في نفس الوقت للعالم أن التراجع إلى الوراء مستحيل وأن بناء الدولة القوية والعادلة والاعتماد على الذات وتحرير القرار السياسي اليمني من الارتهان للخارج ستظل الأهداف السامية للشعب اليمني وقواه الوطنية والعمل على تحقيقها على أرض الواقع حتى لو تكالب عليه العالم بأكمله للحيلولة دون ذلك .

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا