كتابات | آراء

مسلسل أمريكا في اليمن ما يزال مستمراً

مسلسل أمريكا في اليمن ما يزال مستمراً

 أشرنا في مقال الاثنين الماضي بأن عين الإدارة الأمريكية تزداد احمراراً على الشعب اليمني وتعمل على إفشال أية جهود قد تفضي إلى إنهاء العدوان على اليمن ورفع الحصار عنه

واستعرضنا فيه بعض الأسباب التي تتخذ منها أمريكا مبرراً لموقفها المعادي لليمن وشعبه العظيم وفي هذا المقال الذي يوافق نشره مرور ثلاثة آلاف يوم عدوان ظالم  وغير مبرر على اليمن والذي سوف نفتتحه بسؤال كبير ومهم يطرح نفسه بقوة على أرض الواقع وقد سبق أن طرحناه من قبل وهو: ماذا تريد أمريكا تحديداً من الشعب اليمني ولماذا تقتله بهذه الوحشية والدم البارد؟ صحيح أن الجواب على هذا السؤال قد يكون معقداً وربما صعباً لكن من يتابع ما تشهده اليمن من أحداث مأساوية متسارعة تقف وراءها أمريكا ومعها بريطانيا بكل ما أوتيتا من قوة وكذلك إسرائيل سيجد الإجابة على هذا السؤال المطروح بسهولة مطلقة وذلك من خلال أن الولايات المتحدة الأمريكية كدولة عظمى وتعتبر نفسها سيدة عالم اليوم ولم يسبق لشعب من الشعوب أن قال لها : لا ونرفض التدخل في الشؤون الداخلية لبلدنا كما قالها الشعب اليمني بصوت عال ومرتفع سمعه العالم بأسره وهو ما اعتبرته الإدارة الأمريكية انتقاصاً في حقها لاسيما وهي تتعامل مع شعوب المنطقة المجاورة لليمن بتعال وبطريقة توحي للآخرين بأن هذه الشعوب وحكامها هم عبارة عن إقطاعيات أمريكية ليس مسموحا فيها لحكامها أن يعترضوا على شيء يقطعه السيد الأمريكي وليس عليهم إلا السمع والطاعة لتنفيذ ما يملى عليهم وإلا فالعقاب سيكون الإطاحة بهذا الحاكم أو ذاك وإزالته من على كرسيه المهزوز أصلا.
قد يقول البعض بأن السعودية ممثلة في قيادتها الحالية وملكها سلمان وابنه المتهور محمد هي التي اعتدت على الشعب اليمني وشكلت هذا التحالف المكون من 17 دولة ضد اليمن وأن الطائرات انطلقت من أراضيها لقتل أبناء الشعب اليمني شيوخا ونساءً وأطفالا وكذا لتدمير بنيته التحتية تحت حجج ومبررات واهية لا يقبل بها عقل ولا منطق ولا يقرها شرع ولا عرف ولا حتى تقاليد  ونحن نقول إذا ما سلمنا بوجهة النظر هذه فمعنى ذلك أننا نقرّ بأن السعودية دولة وهي ليست كذلك ونعطيها حجما أكبر من حجمها وأهمية ومكانة لا تستحقها لأن السعودية أساسا والإمارات عبارة عن إقطاعيات تديرها أمريكا وحكامها لا يعدو كونهم تجار نفط وليس لهم من الحكم شيئا بل ولا يملكون حتى أمرهم لذا فمن يقول بأن السعودية هي من تقرر مصير العدوان على اليمن إنما يغالط نفسه ويحاول أن يعطي للنظام السعودي أهمية هو غير جدير بها بدليل أن إعلان الحرب على اليمن يوم 26 مارس عام  2015م على لسان السفير السعودي آنذاك عادل الجبير جاء من واشنطن وليس من الرياض  والسفير الأمريكي لدى اليمن هو من عطل مفاوضات جنيف ومنع اليمنيين من التوصل إلى حل سياسي خشية من أن يخرجوا عن الإرادة الأمريكية وهدد بأنه سيجعل العملة اليمنية لا تساوي قيمة الحبر الذي طبعت به وقد نجح فعلا في تهديده لكن في المحافظات المحتلة التي أصبح فيها سعر العملة في الحضيض رغم ما تحصل عليه من دعم وودائع توضع في البنك المركزي فرع عدن وأثبتت الأحداث خلال التسعة الأعوام  التي لم تتوقف الحرب خلالها على اليمن بأن السعودية والإمارات العربية ومن يتحالف معهما إرضاءً لأمريكا هم مجرد أدوات لتنفيذ الرغبة الأمريكية في قتل الشعب اليمني وتدمير بنيته التحتية انتقاما لموقفه الوطني وبهدف تركيعه وإعادته إلى بيت الطاعة من جديد كما كان عليه الحال في العقود الماضية حيث كان السفير الأمريكي وربيبه السعودي هما المتحكمان في القرار السياسي اليمني ولم يكن يقطع أي حاكم يمني سابق أمراً إلا بعد مشاورتهما ورضاهما عن طبيعة القرار الذي سيتم اتخاذه خاصة في عهد العميل المنحوس الفارعبد ربه منصور هادي الذي فتح الباب على مصراعيه أمام التدخل الأمريكي والسعودي في الشأن الداخلي اليمني وجعل من السفير الأمريكي هو الحاكم الفعلي لليمن والسفير السعودي مندوبا ساميا يشرف على التنفيذ ومع ذلك فقد تم الانقلاب عليه ووضعه تحت الإقامة الجبرية مكافئة له على إخلاصه ، وعندما اصطدمت الإدارة الأمريكية بالتوجه الجاد لليمنيين نحو بناء دولة وطنية حديثة وسدت كل السبل في وجه سفيرها للتدخل في الشأن اليمني أوعزت إلى أدواتها في المنطقة لتشكيل تحالف شرير للقيام بشن عدوان على اليمن بهدف عودة الأمور إلى طبيعتها السابقة وذلك بعد أن مهدت لعدوانها بشن حملة إعلامية شرسة أوحت من خلالها للبلهاء بأن إيران قد أصبحت هي من تحكم اليمن وأن اليمن صار يشكل خطراً على دول المنطقة وعلى الأمن القومي العربي ليجد هذا الخطاب أذانا صاغية حتى في أروقة الجامعة العربية بفضل شراء الذمم والضمائر بالأموال السعودية والإماراتية وهو نفس السيناريو الذي اتبعته الإدارة الأمريكية عندما قامت بغزو واحتلال أفغانستان والعراق ، الأولى بحجة عدم تسليم أفغانستان لأسامة بن لادن المتهم بأنه وراء أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م في نيويورك وواشنطن  والثانية بحجة أن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل قادرة أن تصل إلى بريطانيا خلال 48 دقيقة حسب تصريحات توني بلير رئيس وزراء بريطانيا آنذاك ثم بعد الغزو والاحتلال يعترفون بأنهم كانوا مخطئين حيث لم يثبت أن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل وترك ابن لادن يسرح ويمرح في أفغانستان أكثر من عشر سنوات بعد الاحتلال ولم يتم القبض عليه إلى أن قالوا بأنهم قد قتلوه ، وبالنسبة لافتراءاتهم على اليمن وبإنهم جاءوا إليه بعدوانهم لتحريره من إيران يطل علينا مسؤول أمريكي كبير ليؤكد في مؤتمر صحفي بعدم وجود دلائل على تدخل إيراني في اليمن ولكن بعد خراب مالطا ومن يتأمل في الحروب التي شنتها الإدارة الأمريكية بتحالفاتها على البلدان الثلاثة أفغانستان والعراق واليمن سيجد بأن نتائجها كلها تصب لصالح إسرائيل وخدمة لها بالدرجة الأولى لاسيما فيما يتعلق بالسيطرة المطلقة على مضيق باب المندب وكذلك ما يحدث في سوريا لكن من يقنع لنا أولئك الذين تم غسل أدمغتهم من قبل إعلام العدوان وجعل منهم أناس بلاوعي يصعب عليهم التفريق بين الحق والباطل .

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا