كتابات | آراء

" إنْ أولياؤه إلا المتقون"

" إنْ أولياؤه إلا المتقون"

اختصَّ الله - سبحانه وتعالى-  الأمة المحمدية بما لم يختص به أحداً من العالمين، فجعلها خيرَ أمةٍ أخرجت للناس، واصطفى لها خير خلقه وصفوة أنبيائه سيد المرسلين وخاتم النبيين محمداً بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم النبي الأمي

- عليه وعلى آله من الله أفضل الصلوات وأزكى التسليم-  هادياً إلى صراط الله المستقيم، وداعياً إلى دين الله الإسلام القويم، وأنزل لها خير كتبه القرآن الكريم، وجعل في أرضها أول بيتٍ وضع للناس، آمراً نبيه وخليله سيدنا إبراهيم - عليه الصلاة والسلام-  برفع قواعدها، وإكمال بنائها،  وتطهيرها للركع السجود وللطائفين، وجعل ما حول الكعبة حرماً آمناً وملاذاً للآئذين، وجعل الحج ركناً من أركان الإسلام، داعياً عباده لحج هذا البيت العتيق للطواف والوقوف في عرفة يوم الحج الأكبر وإكمال مناسك الحج، كما أمر الله رب العالمين.
وإنما غايته من ذلك لَمَّ شملِ الأمة واجتماعها في صعيد واحد؛ لتعزيز الوحدة الإسلامية والأُخُوَّة الإيمانية، وإعلان وحدانية الله - سبحانه وتعالى-   والولاء له ولرسوله ولأوليائه من المؤمنين،  والعداء لأعداء الله من الكفار واليهود والنصارى وجميع المشركين، وضَمِنَ حمايتها مِمَّا قد يحدق بها من الأخطار وشر الأشرار وكيد الفجار في حال لم تجد من المؤمنين الأخيار الذائدين عنها وعن المقدسات مدافعين، ولنا في أصحاب الفيل عبرة لأولي الألباب، فما كادوا يقتربون من الكعبة المشرفة وبيت الله الحرام،  حتى جاءهم من الله الانتقام، فرأوا الأهوال العظام، وجعل كيدهم في تضليل، وأرسل عليهم طيراً أبابيل، ترميهم بحجارةٍ من سجيل،  فجعلهم كعصفٍ مأكول.. وبمجيء سيد ولد عدنان انتشر الاسلام، وطُهِّرَتْ الكعبة من الأصنام.
وما كان الله ليذر المؤمنين على ما هم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب، ويعلم الصادقين من الكاذبين، فأمر أن تدفع ولاية المسجد الحرام للمؤمنين المتقين، ناهياً عن دفعها لغيرهم من غير المتقين وعلماء السوء خُدَّام السلاطين، أو يُسْند أمرها لأولئك الذين ما كانت صلاتهم عند البيت الحرام إلا مكاءً وتصدية عن سبيل الله وعن المسجد الحرام،  لأنهم سيكونون لدين الله مفرطين.
ولما لم يقم المسلمون بما يتوجب عليهم، تمكَّن الطلقاء من الاستحواذ على مقاليد الأمور، فصار أمر الولاية إلى غير أهله، وأُفْرِغَ الحجُّ من مضامينه،  فَضُرِبَتْ الكعبةُ المشرفةُ بالمنجنيق دون أن يُوَاجَه ذلك العدوان بالاستنكار، وانتُهِكَتْ الحرمات في المسجد النبوي الشريف حتى بلغ الأمر إلى نهب الحجر الأسود الذي قال عنه مولانا الإمام علي- عليه السلام-  :"هو حجرٌ من أحجار الجنة" واستمر الأمر على ما هو عليه حتى جاء نظام آل سعود الذين بدأوا حكمهم بمجزرة مروعة هي "مجزرة تنومة" التي ذبح فيها آلاف الحجاج اليمنيين، ومن بعد ذلك اُسْتُهدِفَ الحجاجُ في مختلف المشاعر، وفي كل عام كان يٌقتل على إثر جرائم آل سعود آلاف المسلمين وخصوصاً منهم الإيرانيين؛ خوفاً من رفع شعار البراءة من الكفار والمشركين، ولم يكتفوا بذلك بل أكملوا مهمة تفريغ الحج من مضامينه وعبثوا في تراث الأمة إلى درجة أن قام هؤلاء الطغاة بتحويل حجرات الرسول الأعظم - صلى الله عليه وآله وسلم-  إلى حمَّامات، وهذا ما أدركه القائد المؤسس سيدي الشهيد الحسين بن بدر الدين الحوثي - رضوان الله عليه- وفي وقت مبكر  منه حذَّر،  ولكل المسلمين أعذر وأنذر بأنه إذا لم يُواجَه هذا المنكر، والحاكم الظالم إذا لم يُزْجَر، فإن القادم على الحرمين الشريفين والكعبة المشرفة والحج هو الأخطر، وإن الحج لبيت الله الحرام على المسلمين سوف يُحْضَر، ولكن المسلمين لم يستمعوا إلى نصح الشهيد القائد - سلام الله عليه-  ولم يعوا ما حذَّرهم منه، واتخذوا تحذيره هُزواً، فرأى الذين كفروا من أهل الكتاب اليهود والنصارى والمشركين أن الفرصة باتت لهم سانحة لتعطيل فريضة الحج، وإغلاق الباب أمام حجاج بيت الله الحرام؛ لأنه يمثل خطراً عليهم لما فيه من إعلان البراءة منهم، فاصطفَّ إلى جانبهم علماء السوء الذين كنا نراهم في صلاتهم يقرأون القرآن وهم يبكون، ولكنهم في حقيقة الأمر أهل الزيغ الذين لِمُتشابه آيات القرآن يتبعون، ولتأويله خدمة للسلاطين، وعن دين الله وحج بيته ينهون وينأون، أولئك الذين زاغوا فأزاغ الله أبصارهم وأسماعهم حتى صاروا إلى الكفر أقرب، وإلى النفاق أرغب،  فأجمعوا أمرهم، وكادوا كيدهم، ومكروا مكرهم،  واتخذوا قرارهم على أن يغلق باب الحج بأعذار وحجج واهية، فأُغلق باب الحج والعمرة أمام المسلمين فكانت الداهية.. وكان هذا القرار المتمثل بإغلاق باب الحج والعمرة ورفع تكاليف الحج من قبل أهل الكتاب من الكفار؛  حتى لا يتمكن من الحج إلا عدد محدود، وفي المقابل فُتِحت إلى جوار الحرمين الشريفين المراقص والملاهي وحانات الخمار، فانقلب من كانوا بالدعوة لدين الله يتظاهرون،  ولبيوت الله يعمرون على أعقابهم، وأصبحوا لبيوت الله يهجرون، وللمنكر يأمرون، وللمعاصي يرتكبون، وإلى الفسق و الفجور يدعون، وقاموا بدفع النساء إلى السفور، وأباحوا المخدرات والخمور، واستجلبوا إلى أرض المقدسات المنحلين أخلاقياً والعاهرات والراقصات، فارتُكِبت المنكرات، وفُتِحت الأبواب لكفار اليهود للدخول إلى مدينة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم-  من بعد أن طردهم وأخرجهم منها وهم مغلوبون أذلاءَ صاغرين، فصاروا في شوارعها وأحيائها وجميع أرجائها يصولون ويجولون، وعلى مرأى العالم للمحرمات يفعلون، وبالفحشاء يجهرون، وبجوار الحرمين الشريفين لرايات الشواذ والمثليين يرفعون !!
فهذا الذي يجري في البلد الحرام وعند المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف ما هو إلا نتيجة حتمية لتفريط الأمَّة في مقدساتها ودينها، وتسليم ولاية الحج للذين قال الله عنهم في محكم كتابه الكريم : [ وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْـمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْـمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَـمُونَ ♤ وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ].
فيا أيها الذين آمنوا، وقبل أن يأتي من الله العذاب الأليم، ماذا أنتم فاعلون؟ ولربكم [ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ♧ إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ] أنتم قائلون؟ .. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا