كتابات | آراء

لطفًا... بأية حال عدت يا عيدُ؟!

لطفًا... بأية حال عدت يا عيدُ؟!

للموسم الثامن على التوالي يستقبل أبناء اليمن السعيد عيد الأضحى لا سيما سكان العاصمة «صنعاء» التي يتجاوز عدد سكانها -إذا ما أخذنا في الحسبان أفواج النازحين الذين ظلوا يتدفقون إليها طيلة ثماني سنين- ثلاثة ملايين نسمة بأزمات مالية ومعيشية متفاقمة.

فمنذ أن نُقِلَ البنك المركزي من العاصمة «صنعاء» إلى مدينة «عدن» في شهر سبتمبر 2016م الذي وافق شهر ذي الحجة 1437هـ -مع ما صاحب عملية النقل من إيحاءٍ كاذب باستمرار البنك بالاضطلاع بواجب دفع الرواتب لكافة موظفي الدولة بكل تزامنٍ وتواكب- استقبل موظفو الدولة الذين يؤدون واجباتهم الوظيفية في أمانة العاصمة ومعظم محافظات ومديريات الجمهورية عيد ذلك العام بأول أزمةٍ مالية جرَّاء تخلف المركزي المنقول -منذ لحظات الوصول- عن الإيفاء بواجب إرسال الرواتب، فوقع الموظفون أسيري تقصيرات جوهرية في الإيفاء بالتزاماتهم الأسرية فضلًا عن وقوفهم عاجزين -بصورةٍ لاإرادية- عن توفير الحدِّ الأدنى من المتطلبات العيدية التي يتصدرها متطلب الأضحية، بالإضافة إلى العجز عن توفير المواد الاستهلاكيّة الضرورية، وقد كانت أزمة ذلك العيد فاتحةً مزمنة لسائر شهور السنة، حتى استُقبل عيد العام الآخر بتازُّمٍ ماليٍّ ومعيشيٍّ أدهى وأمرّ، ومن الأحرى التنويه إلى أنَّ الأوضاع المعيشية كانت -نظرًا لاستمرار أزمة انقطاع الرواتب النكراء- تزداد تدهورًا من سنةٍ إلى أخرى.
وقد ظل الموظف اليمني -على مدى عدّة سنوات- يقتات على ما يُرمى في طريقه من شائعات اضطلعت بترويجها أطرافٌ متعددة مسربةً -بين المدة والمدة- شائعة تصفها بالأخبار المؤكدة عن توصل القوى الداخلية والأطراف الدولية إلى تفاهمات إجمالية من شأنها الاتفاق على حلولٍ عملية تمنح جميع الموظفين كافة مستحقاتهم المالية وفق آلية صرفٍ دقيقة بعيدةً عن الأساليب الارتجالية كل ذلك بإشرافٍ مباشر من الأمم المتحدة، ثمَّ لم تلبث كل شائعة من تلك الشائعات العصماء أن تذوب ذوبان الملح في الماء.
وإذا كنا قد التمسنا -في ما مضى- للأطراف اليمنية عذرها الواهي -إن لم أقل الكاذب- عن صرف الرواتب بانشغالها بالتحارُب، فلا عذر لها -لدينا- هذه السنة التي حفلت بالهدنة تلو الهدنة، سيما وأنَّ توقيع الهدنة الأخيرة قد اقترن بالالتزام التام بصرف رواتب كافة موظفي القطاع العام.
وفي ضوء ما تقدَّم سأتوجه إلى جلالة العيد السعيد -(لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي)- باستفسارات أستهلها بصدر مطلع قصيدة «أبي الطيب المتنبي» القائل:
عِيْدٌ بأيَّةِ حَالٍ عُدْتَ يا عِيْدُ؟
ثم أطرح استفساراتي على النحو الآتي:
- أعدتَ لنا برواتبنا المتأخرة حتى ننعم بشيءٍ منها قبل انتقالنا الوشيك والحتمي إلى الدار الآخرة؟
- أم عدتَ لنا بعدد من رواتبنا الشهرية التي تمنحنا القدرة على الإيفاء بكافة التزاماتنا الأسرية وإدخال السرور في نفوس أطفالنا لترسيخ علاقتهم الإيمانية بأعياد أمتهم الدينية؟
- أم عدتَ برخاءٍ مادي يمكنا من التوسيع على أنفسنا وعلى أهلينا وذوينا ومن لهم حقٌّ علينا؟
- أم عدتَ لنا بانخفاض الأسعار التي تمكنَّا من شراء الأضاحي وذبحها تقرَّبًا إلى المولى -جلَّ وعلا-، وتأسيًا بخير الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام، وإقامةَ شعيرةٍ عظيمةٍ من شعائر الإسلام؟
- أم عدتَ لنا بيمنٍ موحدٍ مترابط الأرجاء آمن الدروب والمسالك ينطلق الواحد منا في أيَّة ناحيةٍ من نواحي يمن الحكمة والإيمان دون اعتراض من  أيٍّ شخصٍ كان؟
- أم عدتَ لنا بنبأ توقيع كافة الأطراف والقوى السياسية اليمنية على وثيقة وقف العمليات القتالية الداخلية بصورة نهائية والالتقاء على كلمةٍ سواء، ومن ثمَّ الانطلاق في مرحلة جديدة من النهوض والبناء والإسهام الفاعل في صناعة مستقبلٍ أفضلَ للأبناء؟
- أم عدتَ لنا بأنباء مبادرة الأنظمة والحكام بتجهيز جيشٍ إسلاميٍّ عرمرم بقوام يتجاوز مائتي ألف ضرغام ومقدام  وأنَّهُ في طريقه -الآن- إلى أرض فلسطين لزلزلة الأرض تحت أقدام الصهاينة الغاصبين والاشتراك جنبًا إلى جنب مع إخواننا الفلسطينيين في خوض معركة تحرير أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى خاتم الأنبياء وسيد المرسلين وسائر مقدسات الإسلام المستهدفة بالتهويد منذ عشرات الأعوام؟
فإن لم تعُدْ بشيءٍ ممَّا ورد، فلا تلمني إن استعرتُ -في معرض الردّ- قول المتنبي -أيضًا-:
(فَلَيْتَ دُوْنَكَ بِيْدًا دُوْنَهَا بِيْدُ).

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا