كتابات | آراء

جنين بتوقيت المقاومين

جنين بتوقيت المقاومين

ضاقت خيارات الاحتلال الاسرائيليّ في الضّفّة الغربيّة بعد تصاعد وتيرة العمليّات العسكريّة ضدّه، فلا ما قام به من عمليّاتٍ أمنيّةٍ وتطويقٍ لمخيم جنين ونابلس وبعض المناطق نجح في الحدّ من تلك العمليّات أو القضاء عليها

بل على العكس تماماً، فبعد كلّ عمليّة اقتحامٍ للاحتلال كان يأتي الرّدّ سريعاً وباغتاً ونوعيّاً، يستدرج الاحتلال وجيشه للغرق في رمال الضّفة اكثر فاكثر ويستنزف قدراته الأمنيّة والعسكريّة حتى بات أمام خياراتٍ محدودةٍ وصعبةٍ وباهظة الثّمن. أحد تلك الخيارات هو شنّ حملةٍ عسكريّةٍ واسعةٍ في شمال الضّفة الغربيّة لإعادة السّيطرة على منطقة جنين، مع عدم الانزلاق إلى عمليّةٍ كبيرةٍ تؤدّي إلى حربٍ أو مواجهةٍ تستدعي فتح جبهة غزّة ومساندة من جبهة الشمال وتضع الكيان الغاصب رهينة لصواريخ المقاومة على مدى الأراضي المحتلّة كما حصل في معركة ثأر الأحرار التي خلص العدوّ إلى اتخاذ القرار بشنّ عمليّاتٍ عسكريّةٍ مجتزَأَةٍ ضمن سلسلة العمليّة الكبرى التي لا تؤدّي الى إشعال حرب جبهاتٍ متعدّدةٍ تستهدف الكيان الصّهيونيّ المؤقّت وتحقّق أهدافها بدقّة بأقلّ الخسائر الممكنة، وعليه أطلق العدوّ الاسرائيليّ عمليّة (كاسر الأمواج) الأسبوع الماضي مستهدفاً منطقة جنين بمشاركة وحدة المستعربين والقنّاصة الذينَ كانوا من طلائع الوحدات التي وصلت إلى جنين إضافة إلى وحدة  "ماجلان" المتخصّصة بالعمل خلف خطوط العدوّ وقوّات النّخبة "الدوفدوفان" التي خاضت ساعاتٍ من الاشتباك في مواجهة المقاومين في جنين ضمن مساحةٍ جغرافيّةٍ محدودةٍ ومكشوفةٍ، عجز خلالها الاحتلال عن التقدّم بعد تفجير عبوات المقاومين التي حوّلتِ الغزاة إلى أشلاء محوّلة آلياته ومدرعاته إلى خردةٍ ممّا استدعى تدخّل الطّيران الحربيّ الاسرائيليّ والطّيران المروحيّ الأباتشي واستدعاء الوحدات الخاصّة من لواء "عوز" للوحدات الخاصّة بوحداته الأساسيّة و"إيجوز" و"يمام" من حرس الحدود، و"يسام" من فرقة المظلّيين، وقوّات النّخبة.
أُسقِط هدف العدوان منذ اللّحظة الأولى للاشتباك وتكسّرت أمواج الغزّاة على أعتاب جنين وتحوّلت مهمّة قوّات النّخبة والوحدات الخاصّة من جيش العدوّ إلى محاولة إنقاذ قتلاهم وجرحاهم الذين تراوحوا بين سبعة وعشرة قتلى وجرحى  وإخراج آلياتهم ومدرّعاتهم المدمّرة ومروحيّتهم التي أصيبت بنيران المقاومين وعلى مدى ثماني ساعاتٍ من الاشتباك تمّ خلالها استقدام سلاح الجوّ لضمان عمليّة إخراج المصابين واستدعاء المزيد من القوّات الخاصّة لحسم المعركة التي أكّدت مجدّداً العديد من المؤشّرات التي تثبت ضعف الكيان ووهنه وفقاً للآتي:
1 - الفشل الأمنيّ والاستخباراتيّ للعدوّ لعجزه عن إدراك قوّة المقاومين في جنين.
2 – حالة التّخبّط والتّشتّت والإرباك التي يعيشها جيش الاحتلال نتيجة صلابة المقاومة في جنين التي أدّت إلى انهياره منذ اللّحظة الأولى للاشتباك.
3 – تراكم الفشل العسكريّ للاحتلال على المستوى الاستخباراتيّ والأمنيّ وقوّات النّخبة في معركة جنين وتحوّلها من مهاجمٍ إلى مدافعٍ عن النّفس.  
4 -  تزايد تآكل قوّة (الرّدع الاسرائيليّة) في جنين من خلال فشل سلاح الجوّ والمروحيّات التي شاركت في العمليّة
إزاء ذلك لم يبقَ للعدوّ سوى تقديم المزيد من التّبريرات لفشله وتآكل قوّته وتراكم هزائمه على مدى سنوات المواجهة وعليه أن يدرك حتميّة زواله من الوجود.
انتصرت جنين مجدّداً بمقاوميها وأرست قواعد انتصاراتٍ جديدة في سجل المقاومين وخطّت هزائمَ نكراءَ في سجل المحتلّين وأفشلت عمليّة (كاسر الأمواج) لتحطّم أمواج الغزاة الصّهاينة على صخورها. جنين التي خرجت كما كلّ مرّة منتصرةً مستبشرةً ترفع رايات النّصر وفي يدها يلمع نصرٌ قريبٌ بتوقيت المقاومين.
# كاتب وإعلامي لبناني

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا