كتابات | آراء

مفاوضات على وقع الصّواريخ البالستيّة

مفاوضات على وقع الصّواريخ البالستيّة

مشاهد العرض العسكريّ التي تناقلتها وسائل الإعلام والفضائيّات أذهلتِ البعض الذي ظنّ بأنّ المشهد هو من استعراض 14 يوليو العسكريّ التّاريخيّ الذي يحييه الجيش الفرنسيّ أو مشهد من استعراضات الجيش الصّيني في عيد استقلالها

لكن الصّدمة الأكبر كانت حين أيقن أولئك الذين غشيت أبصارهم أنّ المشاهد هي من استعراضٍ عسكريٍّ للجيش اليمنيّ وأنصار الله اللذينِ خاضا حرباً كونيّةً شرسةً على مدى ثماني سنوات ونصف في مواجهة أعتى قوى الشّر في العالم وفي مقدّمتها الولايات المتحدة الأمريكيّة والنّظامان السّعوديّ والإماراتيّ وحلفاؤهما. العرض العسكريّ الأضخم منذ انتصار ثورة الحادي والعشرين من أيلول/سبتمبر 2014  أتى بالتزامن مع استئناف المفاوضات المباشرة بين صنعاء والرّياض حاملاً العديد من الرّسائل وفقاً للآتي:
1 – فشل دول العدوان على اليمن فشلاً ذريعاً في القضاء على القدرات العسكريّة للجيش اليمني وأنصار الله وبالتالي إسقاط أهداف العدوان في عمليتي عاصفة الحزم وإعادة الأمل
2 – إخفاق العدوان في حصاره الذي كانت أولى أهدافه محاصرة القوّات المسلّحة ومنعها من تطوير قدراتها ومنظوماتها الصّاروخيّة والطّائرات المسيّرة التي لم يجدِ الحصار ولا العدوان في منع تطويرها
3 – انتصار قوّات صنعاء من خلال نقل المعركة إلى العمقين السّعوديّ والإماراتيّ باستهدافهما بالصّواريخ الباليستيّة والطّائرات المسيّرة وفرض معادلات أرغمت دول العدوان اللّجوء للمفاوضات.
4 – تأكيد صنعاء جهوزيّتها للدّفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها وحماية سلمها بالتزامن مع استئناف المفاوضات المباشرة بينها وبين والرّياض وذلك ترجمة لجدية تهديدات السيّد عبد الملك الحوثي إذا ما راوغتِ الرّياض في المفاوضات
5 – دخول صنعاء كقوّة أساسيّة ورئيسيّة في محور المقاومة وانخراطها في معركة إزالة الكيان الصّهيوني المؤقّت الذي باتت ترعبه القدرات العسكريّة لأنصار الله والقوّات المسلّحة وفقاً للتّقديرات الأمنيّة الاسرائيليّة، فإنّ ما يمتلكه الحوثيّون من ترسانةٍ متطوّرةٍ ومتقدّمةٍ قد تشكّل تهديداً للممرات الملاحيّة إلى إيلات بالبحر الأحمر في ظلّ سيطرتهم على المناطق المتاخمة لباب المندب ممّا يشكّل تهديداً ليس فقط للكيان الصّهيوني المؤقّت بل لأغلب الدّول الكبرى وهي مخاوف أكدها رئيس حكومة العدو الأسبق نفتالي بينيت خلال زيارته للإمارات العام الماضي بعد استهداف أنصار الله للعاصمة الإماراتيّة أبو ظبي بالصّواريخ والطّائرات المسيّرة ممّا استدعى بينيت إعلان استعداده لتقديم مساعداتٍ عسكريّةٍ ودعمٍ أمنيٍّ واستخباراتيٍّ للإمارات في مواجهة (هجمات الحوثيّين) الذين قد يشنّون هجوماً مماثلاً على الكيان الغاصب وفقاً لما أعلنه بينيت. في حين أشارت صحيفة يديعوت أحرانوت في وقتٍ سابقٍ انّ المؤسّسة الأمنيّة الاسرائيليّة تتعامل بجديّةٍ أكثر مع التهديدات لجماعة الحوثي باستهداف إسرائيل بالصّواريخ، أمّا اليوم فإنّ العدوّ الصّهيوني يدرك بأنّ صنعاء بعد استعراض 21 سبتمبر العسكريّ باتت قوّتها وقدراتها أكبر من أيّ وقتٍ مضى وبالتالي فإنّ مدى صواريخها التي كشفت عنها في الاستعراض العسكريّ تشكّل تهديداً جديّاً للكيان الصّهيوني وتجعله تحت مرمى نيرانها ضمن مدى أكبر من قبل وهو ما أكّده موقع إسرائيل ديفينس الذي أشار إلى أنّ الحوثيّين في اليمن عرضوا صواريخ يمكنها الوصول إلى إسرائيل. وعرضت في الأيام الأخيرة صواريخ غدير، وهي مشتقّة من صاروخ شهاب 3، ويبلغ مداها نحو 2000 كلم، في عرضٍ حضره أكثر من 35 ألف جنديٍّ حوثيٍّ، تمّ عرض مجموعة من الصّواريخ الجديدة المصنوعة في إيران والتي تمّ وضعها في الخدمة، وصواريخ مضادّة للطّائرات، وزوارق سريعة، وطائرات بدون طيار وغيرها. وأشار الموقع إلى أنّه بالاضافة إلى استهداف الحوثيّين ( لإسرائيل) بهذه الصّواريخ يمكن أيضًا توجيهها نحو المملكة العربيّة السّعوديّة. وعلى الرغم من تحسّن العلاقات بين السّعوديّة وإيران مؤخّرًا بفضل الوساطة الصّينية، إلّا أنّ الوضع بين هذه الدّول يمكن أن يتغيّر في لحظةٍ، ويضيف الموقع إلى أنّه مع تنامي ترسانة  (الحوثيين) الصّاروخية يقدّم المتمرّدون الحوثيّون في اليمن جيشاً جديداً ومتقدّماً. وهذا اعترافٌ جليٌّ من العدوّ بالقوّة اليمنيّة التي بنيت في ظلّ الحصار والعدوان على مدى سنواته الثّمان والنصف ويضيف موقع اسرائيل ديفينس أنّه بدأ طرح العناوين الرّئيسة في (إسرائيل) حول التهديد الحوثي تجاه إيلات بالظّهور نهاية عام 2021، واستمرّت في عام 2022 والآن يشمل التهديد كامل أراضي (إسرائيل) وهذا يعني أنّ العدوّ الصّهيوني يدرك جدية التّهديد اليمني وقدرته على تنفيذها ممّا يشكّل فرصةً للرّياض وولي عهدها محمد بن سلمان لإعادة النّظر بسياسته في المنطقة والعالم والأجدى به استعادة عروبته من خلال التّطبيع مع صنعاء ودمشق وبغداد وبيروت والقدس لا السّعي إلى التطبيع مع العدوّ الذي اغتصب فلسطين وقتل وشرّد شعبها ولا يزال.

*كاتب واعلامي لبناني

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا