كتابات | آراء

استخفاف صهيوني بقرارات أعلى منبرٍ قانوني

استخفاف صهيوني بقرارات أعلى منبرٍ قانوني

من نافلة القول أنَّ سكان المعمورة مقتنعون أنَّ دولة «كيان صهيون» بقيت -منذ قيامها في 14 مايو 1948 إلى صبيحة الـ7 من أكتوبر 2023- فوق القانون، فضلًا عن أنَّ عمالة الأنظمة العربية قد حال دون مثولها أمام مؤسسات القضاء، حتى أذهلتنا المبادرة النادرة من «جنوب إفريقيا».

والحقيقة أنَّ انبراء دولة «جنوب إفريقيا» لمقاضاة دولة «الكيان الصهيوني» أمام «محكمة العدل الدولية» على ما ترتكبه في «قطاع غزة» من جرائم إبادة جماعية ضدَّ أبناء «الشعب الفلسطيني» قد هزَّها في بادئ الأمر وحملها على المثول أمام عدالة المحكمة وعلى الترافع الهادف إلى التبرؤ مما أسند إليها من تهمة، وإذ لم تأخذ المحكمة بطعونها المقدمة، نتيجة ما اشتملت عليه دعوى «جنوب إفريقيا» من أدلةٍ دامغةٍ ومحكمة، فقد أسفرت جلسات التقاضي -بحسب ما ورد في سياق الخبر الصحفي المعنون [العدل الدولية تفرض "تدابير مؤقتة" على إسرائيل ولا قرار بوقف الحرب] الذي نشرته «الجزيرة نت» في الـ26 من يناير الماضي- عمَّا يلي: (أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل باتخاذ إجراءات كافية لمنع الإبادة الجماعية في غزة والتحريض المباشر عليها.
وقالت المحكمة في النص الذي تلاه قضاتها الـ17 إنَّ على إسرائيل أن تتخذ "كل الإجراءات لمنع ارتكاب جميع الأفعال المنصوص عليها في المادة الثانية من اتفاقية الإبادة الجماعية".
وذكرت المحكمة أنها تقر بحق الفلسطينيين في غزة في الحماية من أعمال الإبادة الجماعية، مؤكدة أن الشروط متوفرة لفرض تدابير مؤقتة على إسرائيل.
وأضافت أنَّ على إسرائيل الالتزام بتجنب كل ما يتعلق بالقتل والاعتداء والتدمير بحق سكان غزة.
وقالت المحكمة إنَّ على إسرائيل اتخاذ إجراءات وتدابير فورية وفعالة لتمكين توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تمس الحاجة إليها لمعالجة الظروف المعيشية الصعبة للفلسطينيين في كافة أنحاء «قطاع غزة».
وبموجب الحكم يتعين على إسرائيل أن ترفع تقريرًا إلى المحكمة في غضون شهر بشأن كل التدابير المؤقتة.
وقالت المحكمة إنَّ على إسرائيل أن تتأكد فورَّا من أنَّ جيشها لا يرتكب الانتهاكات المذكورة سابقًا).
وبالرغم من أنَّ مثول دولة «الكيان الصهيوني» أمام المحكمة -سواء كانت قراراتها ملزمة او غير ملزمة- يعدُّ سابقة تأريخية مهمة، لما ترتب عليه من سقوط ادعاءاتها الدائمة بأنها صاحبة مظلمة وتأكُّد شعوب العالم أنها دولة عنصرية مجرمة، إلَّا أنَّ اطمئنانها إلى عدم التعرض لأية إجراءات عقابية بفعل سلاح الـ«فيتو» الذي تشهره -دائمًا- حليفتها «واشنطن، فضلّا عن حصولها من المتصهين «بايدن» على ما تحتاجه من ضوء أخضر لمواصلة ارتكاب المجازر قد شجعها على الاستخفاف بقرارات أعلى منابر القضاء، فلم تلبث أن ترجمت استخفافها المتعمد بقرارات «محكمة العدل الدولية» بزيادة الولوغ في دماء الأبرياء وعدم السماح بدخول الحدِّ الأدنى ممّا يحتاجه الغزيون -بمن فيهم المرضى والجرحى- من الغذاء والدواء، وقد أشير إلى تمادي «سلطات الكيان» في انتهاك «حقوق الإنسان» بوضوحٍ جلي في احتواء نصِّ حوار الصحفي «محمد إقبال أرسلان» مع «توماسو ديلا لونغا» متحدث الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر الذي نشرته وكالة أنباء «الأناضول» في الـ10 من فبراير الحالي على ما يلي: (وبحسب بيانات حصل عليها مراسل الأناضول من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" بداية فبراير الجاري، فإن عدد شاحنات المساعدات التي تدخل غزة انخفض بعد قرار محكمة العدل الدولية الداعي إلى إيصال المساعدات الكافية للمدنيين.
فقبل صدور قرار المحكمة بأسبوعين دخل ما متوسطه 156 شاحنة مساعدات يوميًّا إلى قطاع غزة، رغم أنَّ عدد الشاحنات المسموح به كان بالمتوسط 93 شاحنة فقط.
وفي 26 يناير الماضي أعلنت «محكمة العدل الدولية» قراراتها الأولية في القضية التي رفعتها «جنوب إفريقيا» ضد «إسرائيل» في إطار الاتفاقية المتعلقة بالإبادة الجماعية لعام 1948.
وفي أعقاب قرارات المحكمة خفضت «إسرائيل» عدد الشاحنات الإنسانية المسموح بدخولها إلى القطاع المتعرض للتدمير بنسبة 40% على أقل تقدير، ما تسبب في وصول أزمة الاحتياجات الأساسية والأدوية والمستلزمات الصحية في القطاع إلى أعلى مستوياتها.
وعلى الرغم من صدور قرارات "محكمة العدل الدولية" الداعية -من جانبٍ آخر- إلى وقف الهجمات ضد الفلسطينيين، لا تزال إسرائيل تواصل هجماتها على قطاع غزة، وتبتعد عن اتخاذ أية خطوات فعالة لإنهاء المأساة الإنسانية التي تعانيها التجمعات السكانية الفلسطينية).
ومن الجدير بالكثير من الالتفات أنَّ هذه السلطات -بعد انقضاء الشهر الذي يفترض أنها قد أثبتت خلاله التزامها التام والصارم بما صدر عن المحكمة من قرارات- ترتكب المجاز بحق جميع الفئات مزهقة -بشكلٍ يومي- أرواح المئات.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا