كتابات | آراء

المرأة الغزاوية تَسْبَحُ في الدم والعَالَم يتغنى بعيد المرأة

المرأة الغزاوية تَسْبَحُ في الدم والعَالَم يتغنى بعيد المرأة

وصفوها بأيقونة المجتمع، ونصفه الآخر وسكبوا في وصفها زُخرف القول خداعاً، وأقرّوا الـ8 من مارس يوماً عالمياً يتشدقون فيه بإسمها- أي المرأة- كمناسبة وتقليدٍ سنوي لنون النسوة،فيما المرأة بعيدة كل البعد عن ثمار عيدهم المزعوم..

لكن المفارقات المخزية مجيء عيد المرأة العالمي والمرأة في غزة تحتطبها آلة الدمار والحرب والعدوان الإسرائيلي، وتنبش جسدها القذائف، وتتعرض يومياً ولما يزيد عن خمسة أشهر لأبشع أساليب القمع والإنتهاكات والقتل والذبح والتهجير والمعاناة بصورة كارثية لا مثيل لها في العالم ويمضي العالم الغربي والعربي محتفلاً بعيد المرأة، ويواصل المجتمع الدولي المخمور بالصمت التغني بحلول اليوم العالمي للمرأة كعادته الكرتونية، ولم يلتفت إلى واقع وحجم معاناة المرأة الغزاوية- خصوصاً والفلسطينية عموماً- وهي تسقط مضرجة بالدم ما بين شهيدة، وجريحة، وأسيرة ومفجوعة، وجائعة، في ظل ظروف مأساوية من الدمار والعدوان أنعدمت معها أبسط مقومات الحياة.. كل ما في الأمر أن يُصعر العالم خدّه محتفلاً بعيد المرأة العالمي، وكأن المرأة الفلسطينية دمية عبثية، أو بقعة مُظلمة ليست من العالم.
ويمضي العالم للتغني الوقح بعالمية عيد المرأة على رائحة الدم، وأصداء الأنين، وإيقاع الدموع، ورنين الجوع، في حين المرأة الغزاوية تدفع فاتورة دمها باهظة الثمن تضحيةً ودفاعاً عن كرامتها وعرضها ودينها.. تصافح الموت على مدار الساعة إذ هناك ما يزيد عن 9000 امرأة استشهدن في غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلي إلى اليوم، فيما تصل نسبة الجرحى من الإناث 75٪، لتشكل المفقودات والمختطفات ما نسبته 70٪ من النساء والفتيات بحسب تقرير صادر عن الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء وهذه أرقام كبيرة وفي طريقها للزيادة، دون أن تحرك شعوب العالم ومنظماته الحقوقية ساكناً إزاء مجريات عمليات الإبادة الجماعية لآلة الدمار والتوحش الصهيوني.
شريطٌ طويل ومرير من المعاناة الإنسانية تعيشه المرأة في قطاع غزة.. صعوبات تتفاقم باستمرار ما دامت آلة الإحتلال الإسرائيلي تدشن يوميات القتل والترويع والحصار، وانعكاسات مجمل الأوضاع المعيشية الصعبة على تدهور صحة وسلامة الأمهات الحوامل والمرضعات حيث تشير وزارة الصحة الفلسطينية إلى أن 60 ألف حامل تعاني سوء التغذية والجفاف، إضافة إلى 5000 حالة ولادة تتم في ظروف قاسية غير صحية وغير آمنة جراء القصف العنيف ولا تتسع هذه التناولة للإحاطة بصور معاناة المرأة في غزة فهي كثيرة جداً ولمأساويتها يقطر القلب دماً.. كيف لا وقد أصبحت المرأة تصارع أمواج الخوف من كل حدب وصوب كأرملة لم تجد من يعيلها ومفجوعة ذبح طفلها أمام أم عينيها، وأسيرة أنتهكت كرامتها، وجريحة سفك دمها، وجائعة تواصل رحلة البحث عن لقمة جافة وسط أجواء من الرعب وأنياب الجحيم والتعذيب دون أي حضور للشعور الإنساني والضمير الآدمي للإستنكار ورفع الحرب والعدوان الغاشم.
كل هذا تتحمله الأمم المتحدة والولايات المتورطة والعالم المتخاذل الذين هم بالفعل شريك فاعل وأساسي في قتل الأطفال والشيوخ والمدنيين، والمرأة.. نعم المرأة التي يحتفلون بعيدها دون أن تؤنبهم ضمائرهم بخطورة الرقص على أشلائها.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا