الصفحة الإقتصادية

التسويق الزراعي.. قطاع مغيب ينتظر الاهتمام

التسويق الزراعي.. قطاع مغيب ينتظر الاهتمام

رشيدالحداد #
وجه رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط، اللجنة الزراعية والسمكية العليا والجهات المعنية بالزراعة مؤخراً، بالعمل على الاستفادة من موسم الامطار واستغلال هذه النعم لرفع معدل الإنتاج الزراعي خلال الموسم الحالي،

كما وجه بالاهتمام بالتسويق الزراعي ومنح تسهيلات خاصة للمستثمرين في هذا الجانب.
توجيهات الرئيس المشاط، تعكس رؤية واهتمام القيادة السياسية بالقطاع الزراعي في اليمن، وليست الأولى بل أن خطابات الرئيس المشاط، لا تخلو من الموجهات الهادفة إلى رفع مستوى الإنتاج الزراعي والاهتمام بهذا القطاع الحيوي الهام، ونحن اليوم أمام موسم زراعي استثنائي لاستمرار هطول الأمطار فيه، فإن الزراعة اليوم أصبحت مسؤولية جماعية بين الدولة والمجتمع وينبغي تكامل الجهود لتحقيق مستويات جديدة من الإنتاج، فالاكتفاء الذاتي لا يمكن أن يتحقق بجهود مشتتة ولن تستطيع الحكومات تحقيق اكتفاء ذاتي دون شراكة مجتمعية واسعة، خاصة وأن المجتمع اليمني مجتمع فلاحي زراعي وتربية المواشي تشكل المصدر الاقتصادي الأول لمعظم اليمنيين.
ورغم الجهود التي بذلتها الجهات المعنية بالقطاع الزراعي خلال السنوات الماضية، إلا أنها لا تزال محدودةً لاتساع القطاع الزراعي كونه اهم القطاعات الاقتصادية والانتاجية في البلد، لذلك كنا ولا زلنا بحاجة إلى تقييم الوضع الحالي للزراعة وخاصة الزراعة المطرية التي تراجعت محاصيلها في معظم المناطق اليمنية، وهذه المشكلة بحاجة إلى تشخيص الواقع ومعرفة الأسباب، واقترح الحلول المناسبة وتفعيل الإرشاد الزراعي بشكل كبير وعلى نطاق واسع حتى نشحذ همة المزارعين، ونسهم في رفع مستوى التوعية الزراعية، فهناك موزعون يتكبدون خسائر كبير نتيجة تعرض مزارعهم لآفات زراعية، ولعدم وجود خطوط ساخنة على مستوى كل محافظة وكل مديرية تتلف المزروعات قبل المعالجات.
قبل أن اكتب هذا المقال، اقتربت من معاناة كبيرة يعانيها المزارعون ومنتجو الفواكه بأنواعها، نتيجة التسويق البدائي والتقليدي الفواكه والمنتجات الزراعية، فالتسويق الزراعي أصبح ضرورة للحفاظ على المستوى المتقدم الذي وصلت اليه اليمن التي تنتح أكثر من مليون طن من الفواكه وأكثر من مليون طن من الخضروات، ولكن حضور المنتج اليمني من الفواكه لايزال موسمياً فقط، وبقية العام نستورد كميات كبيرة من نفس المنتج من الأسواق الخارجية، والسبب غياب البرادات والثلاجات العملاقة، والأسواق الحديثة التي تهتم بتغليف ونقل وحفظ المنتج وتسويقه طيلة العام، فتوجيهات الرئيس المشاط، حثت الجهات المعنية على مساعدة المزارعين على تسويق منتجاتهم بطريقة سليمة والعمل على إيجاد حلول مستدامة لمشكلة التسويق التقليدي.
على سبيل المثال، تراجعت أسعار المانجو بأنواعها في أسواق العاصمة صنعاء مؤخراً إلى أدنى مستوياتها بسبب عدم وجود وسائل لحفظ المانجو طيلة العام وتسويقه بطريقة منظمة، ونتيجة لذلك وصلت السلة المانجو من النوع الفاخر والذي يطلق عليه "قلب الثور" إلى ٢٠٠٠ ريال وكذلك ٣٠٠٠ ريال، وهذا يعد انتكاسة للمزارع الذي اضطر للبيع بهذه الأسعار تحت ضغط الوقت، لأن لا يمتلك اي خيار يستطيع من خلاله التحكم بسعر محصوله السنوي من الفواكه، فيجبر بدافع الخوف من التلف بأسعار متدنية.
الجانب الزراعي مهم والاكتفاء الذاتي لا يتحقق دون خطط ورؤى واقعية ودون وسائل و جهود.. وما أتمناه ,أن يرقى الاهتمام بتسويق المنتج الوطني من الفواكه التي يحظى بها المنتج الخارجي، فعند زيارة اي مواطن إلى سوق الفواكه في منطقة ذهبان سيجد أمامه برادات وحافظات متعددة لحفظ التفاح الأجنبي والفواكه المستوردة من دبي، وفي المقابل سيجد كماً هائلاً من مختلف الفواكه المحلية العالية الجودة، معروضة بطريقة عشوائية ويباع بالعراء، يحسب أصحابها الساعات والثواني ويتسابقون على بيعها خشية تلفها بعد مضي ٤٨ ساعة من جنيها وقطاع تلك الثمار عالية الجودة.
اذن ينبغي على الجهات المعنية والإعلام تشجيع وتحفيز وتسهيل الإجراءات اللازمة بالاستثمار في القطاع الزراعي وإنشاء برادات ووسائل حفظ على نطاق واسع وإرشاد المزارعين حول الطرق السليمة لقطف الثمار، وأساليب نقلها بشكل أمن حتى تصل إلى المستهلك وهي بحالة جيدة، يضاف إلى ضرورة دعم وتشجيع الجمعيات الزراعية على الاستثمار في التسويق الزراعي الحديث،
وهنا يجب أن تتولى الهيئة العامة للاستثمار التحضير لمؤتمر الاستثمار الزراعي والذي من خلاله سيتم إعلان الفرض الاستثمارية في هذا المجال، وعرضها على المستثمرين.
فتنمية القطاع الزراعي بحاجة إلى جهود الجميع، وبحاجة إلى التعاون والتنسيق وتظافر الجهود، لكي نحقق المزيد من النجاحات في الجانب الزراعي، فالمزارع الذي لا يحصل على نصف مدخلات الإنتاج بسبب سوء التسويق وقلة العائد المالي من نشاطه الزراعي، نخشى أن يصاب باليأس و يعزف البعض عن الاهتمام بالزراعة كون الجدوى الاقتصادية تراجعت، ولذلك على الجهات المعنية التحرك في هذا الجانب، وإجراء الدراسات اللازمة في التسويق الزراعي، فالاستثمار في مجال حفظ وتبريد الفواكه مربح جداً، وهناك رؤوس اموال وجمعيات زراعية لو تم تحفيزها لبادرت لإنشاء أسواق حديثة لحفظ المنتج الوطني من الفواكه والخضروات، وستعمل على الحد من معاناة المزارعين المتكررة كل عام نتيجة التسويق الموسمي العشوائي، واذا وجدت البرادات في نطاق كل محافظة ونطاق كل سوق جملة، سيتم القضاء على العادات المزعجة والنادرة مثل قطف الثمار قبل موعدها وتحضيرها بواسطة مواد كيماوية طمعاً في بيعها بسعر أعلى والحصول على عائد مالي أعلى.. لكن عندما يتم تنظيم هذا الجانب سيتم التغلب على مشاكل متعددة يعانيها المزارعون وسيتم توفير المنتج طيلة العام بسعر موحد، لتعم الفائدة الجميع الوطن والاقتصاد والمواطن.
والله من وراء القصد

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا