»براق«.. إنجاز بحثي جديد في إنتاج بذور البطاطس

 من عام إلى آخر تحقق الشركة العامة لإنتاج بذور البطاطس نجاحات بحثية استثنائية اسهمت في الارتقاء بمستوى الإنتاج كما ونوعا وجودة بتوفير تقاوي بذور البطاطس للمزارعين،

لتبرز أولى المؤسسات الزراعية الوطنية التي أعلنت الاكتفاء الذاتي من البذور المستوردة خلال سنوات الحرب والحصار على اليمن التي اندلعت في 26 مارس 2015م.
خلال السنوات الأولى من الحرب لم يكن لدى الشركة سوى إمكانيات بسيطة وكادر محدود من الموظفين والمزارعين، استطاعت خلال فترة وجيزة خلق شراكة محلية ناجحة مع المزارعين لتخوض غمار التحدي رغم شحة الموارد المالية المحدودة لتفتح آفاقاً وطنية جديدة من فصول النجاح في سبيل تعزيز الأمن الغذائي.

 ذمار: محمد العلوي
واجهت إدارة الشركة والعاملين فيها خلال السنوات الماضية تحديات جمة اعترضت طريقها التنموي تمكنت ادارتها تجاوز المعوقات والعراقيل بالانطلاق نحو تحقيق الغاية المنشودة التي وضعتها على عاتقها في تحقيق التنمية المستدامة عبر خفض فاتورة الاستيراد الخارجي للبذور وتخفيف الاعباء المالية على خزينة الدولة التي تكبدها استيراد البذور ملايين الدولارات سنويا والتعهد بتغطية السوق بالبذور الآمنة.
لم تعتمد الشركة في زراعة بذور البطاطس على مساحات معينة بمناطق محافظة ذمار، بل ادخلت زراعة البذور في عدد من المحافظات منها "الجوف، ريمة، وبعض مناطق محافظة إب"، لتخوض معتركا جديدا أمام تجار الاستيراد ولوبي التهريب معا بإنتاج 14 صنفا من بذور البطاطس المحلية المتنوعة ذات الجودة والإنتاجية العالية وبأحدث التقنيات العلمية الملائمة للتربة والمناخ ومقاومة الجفاف، متبعة الاعتماد على منظومة ضخ المياه بالطاقة الشمسية وشبكات الري بالتقطير للتقليل من تكاليف الإنتاج.

غذاء أساسي
اتسعت زراعة بذور البطاطس وتمكنت إدارة الشركة والعاملون فيها من الباحثين والمزارعين المتعاقدين معها تطويع الأزمة الإنسانية التي ضاعفت من معاناة الشعب اليمني واوصلته إلى حافة الجوع والهاوية، والعمل على كسر الحصار للتخفيف من وطأة الأزمة وتأثيرها على الأسر اليمنية التي تعتمد محصول البطاطس كغذاء أساسي لها بعد القمح.
ليس ذلك فحسب، بل سعت الشركة لوضع حد لنزيف العملة الصعبة بالتقليل من فاتورة الاستيراد لأكثر من 1900 طن من البذور كمتوسط سنوي بقيمة تزيد عن 2 مليون دولار، وتوفير ما يزيد عن 7 آلاف فرصة عمل متنوعة في السوق المحلي.
واتجهت الشركة نحو الرهان الأكبر في الإعلان عن الاكتفاء الذاتي لبذور البطاطس نهاية العام 2022م، وتحملها مسؤولية توفير البذور الآمنة ذات الإنتاجية العالية للمزارعين المحليين والتصدير مستقبلا، الأمر الذي أثار حفيظة الشركات الأجنبية المستفيدة من التصدير نحو السوق المحلي المستهلك للبذور، والافصاح عن طموحها بالتوجه نحو تحويل محصول البطاطس لصناعة محلية قومية تعطي المزارع الأولوية على المستويين المحلي والإقليمي.

انجاز بحثي
واتخذت إدارة الشركة من الدراسات والابحاث الحقلية قاعدة أساسية في الإنطلاق لتكون إنتاجية بذور البطاطس مع الجيل صفر من الشتلات والجيل الأول والثاني والثالث، لأول مرة يتم العمل بالتقنيات البحثية الحديثة في إنتاج بذور البطاطس ذات المراحل العليا من الأجيال المتقدمة.
وكشفت مؤخرا دراسة علمية صادرة عن المحطة الإقليمية لبحوث مرتفعات المناطق الوسطى بذمار "حصلت "26سبتمبر" على نسخة خاصة منها، عن إنتاج الشركة العامة لإنتاج بذور البطاطس صنف جديد من البذور اليمنية الخالصة بنسبة 100% أطلقت عليه اسم "بـراق".
وأكدت الدراسة التي اجراها الباحث المختص في وقاية النبات ـ المهندس رشاد حمود الباشا، والباحث المتخصص في مجال الخضار - المهندس أمين عبده حسن القرشي، نهاية شهر رمضان 1444هـ ـ في أبريل من العام الجاري 2023م، أن من أهم مميزات الصنف "بـراق " مقاومته للأمراض البكتيرية والتجريح الميكانيكي.

إنتاجية عالية
وأوضحت الدراسة أن صنف البذور "بـراق" تم زراعته في منطقة ذي السفال بمحافظة إب على مساحة تقدر بـ7500 متر مربع وبكمية 1.5طن من التقاوي على تربة طينية متوسطة القوام، ذات إنتاجية عالية وفيرة وصلت لعدد 48 طنا للهكتار الواحد، مع بعض الملاحظات البحثية التي طرحها الباحثون حول الاهتمام بصنف براق.
وبين الباحثين الباشا والقرشي في دراستهما أن صنف "بـراق" خضع للفحص في مختبر امراض النباتات بمقر الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي عن طريق أخذ عينات من الدرنات بطريقة عشوائية من موقع الزراعة اتبعوا معها وسائل التعقيم والتحصين خضعت للفحص المجهري على درجة +20 دون أن تشاهد عليها أي امراض بكتيرية، معتبرة صنف "بـراق" المزروع والمنتج محليا باستخدام تقنية الأنسجة ذات مواصفات إنتاجية وتسويقية جيدة.
ولفتت الدراسة إلى أن مواصفات شكل الدرنة للصنف "بـراق" بيضاوي مطاول، ولون الدرنة الخارجية أبيض كريمي، كما من أبرز مواصفاتها منتظمة الحجم بين المتوسطة إلى الكبيرة.

تفوق في الإنتاج
وتنفذ شركة إنتاج بذور البطاطس عدداً من الانشطة الزراعية منها الأيام الحقلية المفتوحة لتعريف واطلاع المزارعين والمختصين والباحثين الزراعيين من مختلف الجامعات والمؤسسات والهيئات الزراعية على نتائج حصاد الموسم الربيعي لمحصول البطاطس المزروع بالتقاوي المحلية للصنف "دايمنت" عبر تقنية زراعة الأنسجة.
وتفوقت الدرنات وبذور البطاطس ذات الإنتاج الوطني التي تعتمد على المكاثرة بالأنسجة لـ57 طنا للهكتار، ذات الجودة العالية والمقاومة للأمراض والآفات الزراعية والأكثر ملائمة للظروف المناخية، مقارنة مع الاصناف المستوردة التي لا تنجاوز انتاجها 20 طنا للهكتار.

نجاح نوعي
وأشار خبير زراعة البطاطس في كلية الزراعة بجامعة صنعاء، الدكتور منصور الضبيبي، خلال تصريح صحفي له منتصف يونيو المنصرم إلى أن النتائج المحققة في إنتاج بذور البطاطس مثلت نجاحات نوعية للجبهة الزراعية وخطوة مهمة في طريق تحقيق الاكتفاء الذاتي، موكدا أنها تشكل إحدى العوامل الهامة لتعزيز الأمن الغذائي.
وأشاد الباحث الضبيبي بالأنشطة الزراعية التي تنفذها شركة إنتاج بذور البطاطس خلال السنوات الماضية، داعيا إلى التوسع أكثر في إقامة الأيام الحقلية لتعريف المزارعين أكثر بنتائج الأبحاث وعمليات الحصاد بما يمكنهم الاستفادة من التقنيات الزراعية الحديثة التي تستخدمها الشركة.

تقنيات حديثة
مدير عام الشركة العامة لإنتاج بذور البطاطس المهندس همدان بن زيد الأكوع، أرجع النجاحات التي تحققت في إنتاج البذور إلى مواكبة إدارته واعتمادها على التجارب البحثية الحقلية وايلائها الاهتمام الكبير بإدخال تقنيات زراعية حديثة اسهمت في الوصول للاكتفاء الذاتي، معتبرا النجاحات نتيجة حتمية للتوجه الزراعي الجاد لتوجيهات قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي على مضاعفة الجهود والطاقات في سبيل تحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي.
وأفاد المهندس الاكوع أن الشركة انطلقت وفق خطتها الاستراتيجية التي وضعتها ضمن مرحلة التعافي الاقتصادي للرؤية الوطنية ترجمة للشعار الذي اطلقه الرئيس الشهيد صالح الصماد "يد تحمي ويد تبني" لتحقيق نهضة زراعية تهدف إلى تقليص فجوة الاحتياج المحلي من البذور المحسنة والعمل على تأسيس أول مزرعة بحثية نموذجية لمشروع الإكثار بواسطة استخدام تقنية الأنسجة بتربية وإنتاج وانتخاب الأصناف ذات الجودة والإنتاجية العالية، لتمثل إنجازا نوعيا هو الأول من نوعه في تاريخ الشركة.

ثقة وأمان
هذا وتعتبر الشركة العامة لإنتاج بذور البطاطس الجهة الرسمية الوحيدة الموثوق في توفير اصناف البذور الآمنة المحسنة ذات المواصفات الإنتاجية والجودة العالية التي يعتمد عليها المزارعون دون غيرها.