الصفحة الإقتصادية

منحة عدمية.. سقوط الحلول الملفقة

منحة عدمية.. سقوط الحلول الملفقة

كتب/ رشيد الحداد /


فشلت منحة القرض المالي التي قدمتها دول العدوان السعودي لحكومة المرتزقة عبر برنامج إعادة الاعمار السعودي،

بإحداث اي تحسن نسبي في سعر صرف العملة المطبوعة دون غطاء أمام العملات الصعبة، وحتى الهبوط اللحظي الناتج عن الإعلان عن تلك المنحة الثلاثاء الماضي حدث لساعات فقط وعاد سعر صرف العملة الى وضعه السابق للإعلان عن المنحة، ما حدث ليس ظاهرة غريبة في السوق المصرفي في المحافظات المحتلة، بل نتيجة طبيعية لفقدان ثقة المواطنين باي دعم مالي يأتي من دول العدوان في تلك المحافظات التي تدفع ثمناً باهظاُ للاحتلال والفساد منذ سنوات، فالأموال المقدمة من الرياض او أبوظبي على شكل "ودائع أو منح أو قروض"، لا تمثل حلاً مستداماً لازمة اقتصادية معقدة تعيشها المحافظات الجنوبية منذ سبع سنوات، جراء فشل حكومة المرتزقة في إدارة الملف الاقتصادي والحفاظ على مختلف المصادر الايرادية للبنك المركزي والتي تم تقاسمها بين مراكز قوى عسكرية وسياسية في تلك المحافظات منذ منتصف العام ٢٠١٦م، بتوجيهات من دول العدوان حينها، بل صارت مسكنات للازمة الاقتصادية في تلك المحافظات التي كانت تغذي الموازنة العامة للدولة قبل العدوان بنحو ٧٠% من الإيرادات، وباتت تعيش أزمات اقتصادية وانسانية لأحدود لها، ورغم ادراك دول العدوان أن القضية الاقتصادية التي صنعتها في هذا البلد نتيجة عدوانها وحصارها على هذا الشعب أكبر من وديعة أو منحة أو قرض بمليار دولار، فإنها تستخدم مثل هذه المسكنات المؤقته بهدف ترحيل المشكلة الاقتصادية من فترة إلى أخرى ليس أكثر، ويأتي ذلك في إطار تهرب دول العدوان من ملامسة الحلول الجذرية المستدامة للاقتصاد، والتي تبدأ بالموافقة على صرف مرتبات الموظفين المدنيين والعسكريين من عائدات النفط والغاز اليمني كون هذه العائدات تعد احد اهم مصادر الدخل الوطني من العملات الصعبة والتي ستغذي فاتورة المدفوعات، يليى ذلك رفع الدول المحتلة يدها على مقدرات الدولة في المحافظات الجنوبية من موانئ ومطارات، ووقف نهب الثروات السمكية والمعدنية، يضاف إلى توجيه المليشيات التابعة لها بالكف عن تناهب وتحاصص إيرادات الدولة من ضرائب وجمارك ورسوم حكومية محلية ومركزية مختلفة في مختلف المحافظات الجنوبية المحتلة، واحترامها لحق الشعب اليمني في الحياة وحقه في الاستفادة من ثرواته المختلفة وتوظيف كل مقدراته لصالح التنمية الاقتصادية، والتعامل وفق مبدأ حسن الجوار وليس العكس.
عوضاً عن استخدام سياسة ترحيل الأزمات وتغذيتها من فترة لأخرى، والاعلان عن ودائع ومنح مشروطة بشروط تعلم دول العدوان أن حكومة المرتزقة التابعة لها ليس بمقدورها تنفيذ ادناها، خاصة وأن دول العدوان هي من تملك القرار على تلك الحكومة وعلى قادة المليشيات في تلك المحافظات، يضاف إلى أن انتزاع اي مصادر مالية من تحت سطو تلك المليشيات سيقابل من قبلها برد عنيف.
لذلك لم يلتفت المواطن في المحافظات اليمنية الجنوبية المحتلة لتلك المنح والقروض وخاصة المشروطة منها، لأن تلك الشروط تفوق قدرات حكومة المرتزقة على التنفيذ، يضاف إلى أنها ستخضع للتقاسم بين المرتزقة في الحكومة التي يتقاضى مسؤولوها مرتبات بالدولار والمجلس الرئاسي الذي تبلغ نفقاته في الخارج ملايين الدولارات وكذلك أصبحت مرتبات العاملين في السلك الدبلوماسي وأصحاب الملحقيات الوهمية وهم ابناء المسؤولين من المرتزقة ثقباً اسود لفساد المرتزقة، ومع ذلك كله هناك من يتهم صنعاء باستهداف الاقتصاد في المحافظات الجنوبية محاولاٍ تتويه المواطن عن الحقيقة، فهل من مصلحة صنعاء توقف صادرات النفط والغاز لو كانت هذه العائدات تعود بالنفع العام على الشعب اليمني، وتمول الباب الأول الأجور والمرتبات في الموازنة باعتبارها اهم مصادر الموازنة، وتخفف معاناة المستفيدين من إعاشات الضمان الاجتماعي، وتغذي محطات الكهرباء في عدن والمكلا وزنجبار وعتق والغيظة، وهل من مصلحة ابناء المحافظات الجنوبية، استمرار تعطيل مصافي عدن واحتلال ميناء بلحاف ونشطون والشحر والمكلا وسقطرى وميناء المخا، وهل من مصلحة فرع البنك في عدن طباعة المزيد من العملة دون غطاء، كل ما سبق من مصلحة العدوان والاحتلال لأنه يأتي في إطار التدمير وليس البناء.
هناك من يظن أن الفشل الاقتصادي للمرتزقة يصب في مصلحة حكومة الإنقاذ، بل بالعكس من ذلك تماماً، فليس من مصلحة صنعاء أن ينهار الاقتصاد في عدن والمحافظات المحتلة، لأن ما يحدث من انهيار يأتي في إطار الحرب الاقتصادية التي ينفذها العدو اليوم في المحافظات الجنوبية بعد عجزه عن تنفيذها في المحافظات الحرة على المدى السنوات الماضية من عمر العدوان والحصار، فليس من مصلحة العدو الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وليس من مصلحته بقاء سعر صرف العملة شبة موحد بين المحافظات الحرة والمحتلة، لأن التفاوت في سعر صرف العملة بين صنعاء وعدن..
سيسهم في إعاقة إنهاء الانقسام النقدي، وسيقف ذلك حجر عثرة أمام اي مساعٍ لتوحيد السياسات النقدية وتحييد البنك المركزي وتوحيد السياسية المالية، كما كان الأمر قبل العدوان وقبل نقل وظائف البنك المركزي اليمني من صنعاء والعبث الكبير بها من قبل المرتزقة والعملاء تنفيذاً لتوجيهات أجنبية تحت ذرائع واهية، لذلك ما يجري من استهداف للعملة في المحافظات المحتلة يندرج في إطار مخطط عدائي لكل اليمنيين، ويضاعف التعقيدات أمام اي تسوية سياسية محتملة..
وما يحدث من دعم من قبل العدوان لأدواته من المرتزقة والعملاء يؤكد أن العدوان يعمل على إطالة العقاب الجماعي المفروض على موظفي الدولة ويستخدم هذه الورقة الإنسانية كورقة ضغط سياسية واقتصادية ولجأ لتعويض الخونة حتى يواصلون رفض الحلول الاقتصادية الواقعية.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا