الصفحة الإقتصادية

زراعة شجرة العنب.. التحديات والعوائق

زراعة شجرة العنب.. التحديات والعوائق

 تقرير: محمد صالح حاتم/ 


اشتهرت اليمن منذ القدم بزراعة وإنتاج أجود أنواع العنب، حيث يشير المؤرخون أن العنب كان يتواجد في عدة مناطق يمنية منها وادي ظهر، وخولان، وخيوان، وريدة، وشهارة،

وعنس بذمار، وأودية النبرة وعبدان وصبر والجنات بتعز، وكانت مزارع العنب تحيط بالقرى المنتشرة بين الطائف وصعدة، ويشير المؤرخون أن العنب كان يتواجد في مأرب بكثرة، والشاهل بحجه، وغيرها من المناطق اليمنية.
حاليا انحسرت زراعة العنب في اليمن بشكل كبير ولم يتبق إلا مناطق معدودة، وأهمها مديرية بني حشيش بمحافظة صنعاء والتي تستحوذ على ما نسبته 90% من زراعة العنب في اليمن، وخولان وسنحان بنفس المحافظة، وفي ذيبين بمحافظة عمران، وسحار والصفراء  بمحافظة صعدة، وظهرت عدة تحديات ساهمت في تقليص المساحات المزروعة بالعنب، ونقص في كميات الإنتاج، سنحاول في هذا التحقيق  الوقوف على بعض التحديات، والبحث عن حلول للتغلب عليها، والعمل على استعادة أمجاد تاريخ زراعة العنب في اليمن.

يشير كتاب الإحصاء الزراعي للعام 2021م أن المساحة المزروعة بالعنب 12199 هكتارا، وتبلغ كمية الإنتاج 145591طنا، وبحسب نفس المصدر جاءت محافظة صنعاء في المركز الأول بمساحة 9258هكتارا، وبلغت كمية الإنتاج 112253 طنا، ومحافظة صعدة ثانيا بمساحة 1016هكتارا، وكمية الإنتاج 12861 طنا، فيما احتلت أمانة العاصمة المركز الثالث بمساحة 941 هكتارا، وبلغت كمية الإنتاج 10487طنا، ومحافظة عمران رابعا بمساحة 622هكتار وكمية الإنتاج6932 طنا.

شجرة القات
توسعت زراعة  شجرة القات  في اليمن بشكل كبير، وزادت المساحات المزروعة بهذه الشجرة في الوديان والقيعان والأراضي الخصبة على حساب عدة محاصيل منها الحبوب، والعنب. حيث تشير الاحصائيات الصادرة عن وزارة الزراعة والري كتاب الاحصاء للعام 2021م- فقد بلغت المساحة المزروعة بالقات 171744 هكتارا، محتله المركز الثاني بعد الحبوب، وبما نسبته 14.4% من أجمالي المساحات  المزروعة، وجاءت محافظة صنعاء في المركز الأول زراعة القات بمساحة تقدر 41017 هكتارا بما نسبته 40% من الأراضي المزروعة بالقات، وهي ذاتها المحافظة الأكثر زراعة لمحصول العنب.
المزارع محمد علي وهو أحد مزارعي بني بهلول محافظة صنعاء يشير أن زراعة العنب كادت أن تختفي في منطقتهم، مؤكدا أن زراعة القات توسعت بشكل كبير جدا، وحلّت محل العنب، ويرجع السبب في ذلك لوجود عوائد مالية كبيرة من القات، بسبب نجاح تسويق القات، وغياب التسويق للعنب، ويضيف المزارع محمد أن العنب يحتاج إلى تكاليف كثيرة «شرعة عمدان حديدية او أخشاب او حديد، بالإضافة إلى المبيدات» وغيرها وهو ما لا يقدر عليه المزارع.
أما المزارع حسين جابر حسين من محافظة صعدة مديرية الصفراء عزلة وادعة قرية صحوة  يشير أن زراعة القات أثرت بشكل كبير على زراعة العنب، ويضيف أن زراعة العنب رغم قدمها إلا أنها انحسرت بشكل كبير وتقلصت المساحات المزروعة بها، ولم يعد تزرع العنب إلا في مناطق قليلة في سحار والصفراء والذي يزرع فيها العنب الأسود.
ويشتكي المزارع حسين جابر من غياب التسويق الزراعي لمحصول العنب والزبيب، وعدم الرقابة على محلات المبيدات والتي تبيع لهم مبيدات غير فعالة.
المهندس وجيه المتوكل مدير إدارة الإنتاج النباتي بوزارة الزراعة والري يشير أن زراعة العنب شهدت انحساراً تدريجيا خلال العقود الثلاثة الأخيرة مرجعا السبب إلى وجود مشاكل ومعوقات كثيرا.
واستعرض المتوكل بعض تلك الصعوبات والتحديات ومنها:
شحة المياه وارتفاع كلفتها المادية، والتي أثرت على زراعة العنب واوضح مدير إدارة الإنتاج النباتي أن اعتمد المزارعون على نظام التكعيبة في سقي أشجار العنب يستنزف كميات كبيرة من المياه.
وأكد المهندس وجيه المتوكل أن شجرة القات أثرت بشكل كبير على شجرة العنب في جميع مناطق زراعتها، ويضيف أن القات ظهر بشكل كبير كمحصول نقدي له عوائد كبيرة وسبب انحسارا لزراعة العنب وحلّ بديلا عنه، ويقول المتوكل: أن زراعة العنب تحتاج تكاليف كثيرة وهو محصول موسمي ينتج مرة واحدة في السنة، وهو ما جعل معظم المزارعين يزرعون القات حتى يستفيدوا من عوائده المالية في شراء مدخلات لزراعة العنب.
وينوه المهندس زكريا أن ارتفاع تكلفة المدخلات الزراعية لمحصول العنب «مبيدات، أسمدة، الشرعة الأعمدة الحديد والأخشاب» تعد من ضمن أسباب تقلص المساحات المزروعة بالعنب.

 استعادة أمجاد العنب
وعن طرق استعادة أمجاد زراعة العنب في اليمن يشير المهندس وجيه المتوكل إلى ضرورة وضع برامج وخطط إستراتيجية لاستعادة أمجاد زراعة العنب والاستفادة من رغبة الكثير من المزارعين للعودة لزراعة العنب، وتحديد المناطق المناسبة لزراعة محصول العنب، بالإضافة إلى  إدخال الطرق  والتقنيات الحديثة في زراعة وتربية أشجار العنب والتي تساعد على التقليل من كميات المياه، وكذلك المحافظة على الأصناف الجيدة من أصناف العنب اليمني وتوفير الشتلات منها للمنافسة في الأسواق العالمية.

الأمراض والآفات
يتعرض محصول العنب للعديد من الآفات والأمراض التي تعد إحدى التحديات التي تواجه زراعته في اليمن ومن هذه الأمراض والآفات:
- الثربس وهي آفة حشرية تصيب الأوراق وتسبب جفاف الأوراق وتساقطها قبل اكتمال نموها.
- الذبابة البيضاء (النسة):  
وهو آفة حشرية تمتص عصارة الأوراق وينتج عنها ظهور الندوة العسلية.
- البق الدقيقي (العسلة):
وتقوم بإمتصاص عصارة النبات وإفراز ندوة عسلية ونمو العفن الأسود.
- دودة أرواق العنب
تعمل على قرض الأوراق والعناقيد غير الناضجة.
- البياض الدقيقي (الذحلة):
هو مرض فطري يسبب حدوث تشوهات موضعية وانفلاق ثمار العنقود وتشققها ثم جفافها وتلونها باللون البني.
-البياض الزغبي:
هو مرض فطري  يتسبب في نقص الغلة.
-التبقع السركوسيوري:
- مرض موت الذراع.
- مرض اعفان الرمادي.
المزارع محمد الرزيقي  من بني حشيش محافظة صنعاء والتي تشتهر بزراعة العنب فيقول:  آباؤنا وأجدادنا زرعوا العنب في بني حشيش وتوسعوا فيه، وكان العنب الحشيشي سابقا أفضل من الآن، لا يوجد فيه أمراض ولا آفات زراعية، ويواصل المزارع الرزيقي  الحديث لنا عن زراعة العنب وما والأخطار التي تهددها، فيشير أن  الأمراض زادت بشكل كبير وأثرت على زراعة العنب، وخاصة مرض البياض الزغبي والذي يعد أخطر تلك الأمراض.
ويذكر المزارع محمد أن العنب سابقا كان يتم تتريبه بالتراب الناعم فيعمل على قتل أي حشرة ويصفي العنب.
ويشير أن مزارعي العنب يعانون الكثير ويخسرون ملايين في شراء المبيدات ولكن للأسف الشديد لا يوجد مبيد فعال يقضي على المرض.
ويضيف أن زراعة العنب مكلفة  تحتاج مدخلات زراعية كثيرة ومنها «العمدان الحديدية او الحجرية والأخشاب او الحديد» وهذا أسعارها مرتفعة جدا جدا، وهو ما جعل المزارع عاجزاً عن التوسع في زراعة أشجار العنب.
وطالب الرزيقي الدولة بمنع استيراد الزبيب الخارجي والذي أثر على سعر الزبيب المحلي.
المهندس علي محرز الإدارة العامة لوقاية النبات فيشير أن مرض البياض الزغبي من اخطر الأمراض التي تؤرق مزارعي الأعناب في البلاد، مبينا أن نسبة الفاقد تصل إلى أكثر من ٧٠% من المحصول، ويؤكد المهندس علي محرز أن للأمراض دوراً في انحسار مساحة زراعة  الأعناب في اليمن، وأوضح علي محرز أن  المزارع يحسبها ربح وخسارة فعندما ترتفع تكاليف زراعة العنب يتحول المزارعون الى زراعة محاصيل أخرى أكثر جدوى اقتصادية.

التسويق الزراعي
يعد التسويق الزراعي إحدى الحلقات المهمة في سلسلة الحلقات الزراعية، المزارع محمد الحمامي وهو أحد مزارعي العنب في بني حشيش اشتكى من غياب التسويق الزراعي وعشوائية التسويق لمحصول العنب، ويؤكد الحمامي عدم وجود سوق مركزي لبيع العنب، ويضيف المزارع محمد الحمامي أن الجهات الرسمية لم تقم بدورها في تنظيم عملية التسويق والرقابة على الأسواق الزراعية، مبينا أن سوق ذهبان يفرض على المزارعين مبالغ مالية باهظة على كل سيارة تدخل السوق  2500 بوابة، 7000ريال مكتب، 500ريال على كل سلة للدلال. داعيا الدولة للقيام بواجبها في تنظيم تسويق العنب، وتوعية وارشاد المزارعين بمعاملات ما قبل وما بعد الحصاد للحفاظ على جودة العنب.
يشير مدير مكتب الزراعة والري بمحافظة صنعاء المهندس علي القيري أن التسويق هو السلسلة الأصعب التي تواجه المحاصيل الزراعية بشكل عام والتي تمثل ما نسبته 50% من جانب التنمية الزراعية، ويضيف أن جمعية  القطاع الشمالي في المحافظة قامت بالتدخل في تفعيل تسويق الزبيب، ويأمل مدير مكتب الزراعة بوجود سوق مركزي للعنب، مبينا  أن المكتب طرح على الجهات المانحة  فكرة إنشاء سوق مركزي لبيع العنب في بني حشيش أو الحتارش، مؤكدا أن السوق سيعمل على حماية حقوق كل الأطراف «مزارع ومستهلك وتاجر» منوها أن جمعية القطاع الشرقي عقدت اجتماعاً مع قيادة الاتحاد التعاوني الزراعي وناقشت قضية تحديد الرسوم الأسواق.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا