الأخبار

5 تصدعات ... تفجر وعاء الانصهار الصهيوني !

26 سبتمبر نت:علي الشراعي |
تمثل تلك التصدعات الخريطة الرئيسية لطبيعة الأزمات الكامنة والقابلة للانفجار في أي لحظة داخل المجتمع الصهيوني , فهي أِشبه بحقل اللغام بدأ الضغط عليه بشدة منذ السابع من أكتوبر الماضي .

5 تصدعات ... تفجر وعاء الانصهار الصهيوني !

( يكمن تعافي إسرائيل من العنف في هزيمة قاسية , تجبرها على دفع ثمن اختيار العنف كحل أولي لكافة مشاكلها السياسية ) , هذا ما أكده زئيف ماعوز أستاذ العلوم السياسة بجامعة كاليفورنيا . جراء العدوان على غزة والعنف ومطالبه الصهاينة بتهجير أهل عزة لمصر , وتهجير أهل الضفة و عرب 48 للأردن .
-وعاء الانصهار
منذ خمسينات القرن العشرين المنصرم حاول الكيان الصهيوني تطبيق ما أسماه ( وعاء الانصهار) , بغرض خلق مجتمع صهيوني متجانس .
فكون التركيبة المجتمعية الصهيونية تركيبة شديدة التنوع والتعدد , فهي أقرب لعدم التجانس بالنظر لطبيعة نشأة وتشكيل الكيان الغاصب عبر عملية احتلال للأراضي الفلسطينية وإعلان كيانه في 15 مايو 1948م , أعقب ذلك موجات استيطان لفلسطين عبر تدفق المهاجرين اليهود من شتى بقاع الأرض .
ظلت الهجرة مستمرة لتتوقف مع فجر7 أكتوبر( معركة الطوفان المباركة ) . لذا فالمكون الرئيسي للمجتمع الصهيوني إما مهاجرين أو أبناء مهاجرين , والهجرة تعني أن يغير هؤلاء القادمون قومياتهم ومواقعهم التاريخية والجغرافية ونمط حياتهم وأدوارهم الاجتماعية وطبقاتهم وثقافتهم .
كل ذلك ألقت هذه التغيرات بثقلها على المجتمع الصهيوني . وهو ما دفع الكيان الغاصب لمحاولة تطبيق وعاء الانصهار .

لكن الدراسات القادمة من داخل المجتمع الصهيوني في السنوات الأخيرة ترى أن كل هذه المحاولات باءت بالفشل وبات ينظر إليها كمحاولات مصطنعة أو قسرية للتجانس .

ويؤكد ذلك اليوم ما احدثته معركة طوفان الاقصى من ازدياد التوترات العنيفة التي يشهدها الداخل الصهيوني بمستوياته المختلفة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية .

5- تصدعات

خلال 76 عاما من عمر الكيان الصهيوني الغاصب لأراضي فلسطينية , ورغم محاولاته العديدة في اصهار مهاجريه في بوتقة واحدة ووعاء اجتماعي متجانس , لكن هناك خمسة تصدعات رئيسية تضرب بجذورها في أعماق المجتمع الصهيوني .

الصدع الأول : الصدع الديني - العلماني , وجود مجموعة من الصهاينة العلمانيين مقابل مجموعة أخرى من الصهاينة اليهود المتدينيين , وتختلف كلا المجموعتين حول النمط الثقافي العام للكيان وهويته ونظام الحكم وجوهر الكيان هل ديني أم ديمقراطي , هذا الصراع الذي يؤطر الأزمات السياسة التي يعاني منها الكيان الصهيوني في السنوات الأخيرة .

الصدع الثاني : قائم على التمييز بين اليهود الغربيين ( الأشكيناز) المنحدرين من أمريكا وأوروبا , والشرقيين ( السفارديم ) القادمين من الدول العربية أو افريقيا , حيث عاني هؤلاء الشرقيون من العنصرية والتمييز المجتمعي لصالح الغربيين في الرواتب والمناصب , حتى إن بعض الغربيين كان لا يزوج أبنته من يهودي شرقي .

الصدع الثالث : فهو يتمثل بالصراع السياسي بين اليمين واليسار والاختلاف الأساسي بينهما حول الموقف من القضية الفلسطينية , فبينما يتمسك اليمين بخيار الدولة الواحدة ومن ثم زيادة وتيرة بناء المستوطنات والقضاء على الوجود الفلسطيني بشتي الطرق سواء القتل أو التهجير أو غيره . – وهذا ما نراه اليوم من خلال المجازر بحق سكان غزة لمحاولة تهجيرهم نحو سيناء - .

فيما يقدم اليسار نفسه كداعم لحقوق الإنسان والأقليات ويبدي استعداده للتفاوض مع الفلسطينيين على أساس الانفصال عنهم وحل الدولتين .

-الانقسام الطبقي

يتمثل الصدع الرابع داخل المجتمع الصهيوني في الانقسام الطبقي بين الفقراء والأغنياء , فقد كشفت ما تسمى مؤسسة ( التأمين الوطني ) في الكيان الصهيوني أن 21% من السكان أصبحوا تحت خط الفقر حتى أواخر 2-22م وبداية 2023م , كما أظهر التقرير السنوي لتلك المؤسسة أن عام 2022م شهد زيادة في أعداد فقراء سكان الكيان الصهيوني مقارنة بالعام السابق .

كما نوه التقرير للربعين الثاني والثالث من عام 2023م , حيث أوضح أن 31% من السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي لأسباب اقتصادية .

وأن العام الحالي 2024م , يُنذر بأن الكيان الصهيوني أصبح من بين الدول الأفقر مقارنة بمعدلات الدول المتقدمة, وأن نحو مليوني مواطن في الكيان الصهيوني بما في ذلك 870 ألف طفل ونحو 150 ألف مسن يعيشون تحت خط الفقر .

-عرب 48

يبلغ تعداد عرب 48 داخل الكيان الصهيوني ما يقارب مليون و700 ألف نسمة أي حوالي 21% من مجمل سكان الداخل الصهيوني ويتعامل الكيان الصهيوني مع التوازن الديمقراطي من منطلق أمني - سياسي بالأساس .

فالصدع الرابع في مجتمع الكيان الصهيوني يتمثل بين العرب واليهود , ففي عام 1948م , بقى حوالي 150 ألف فلسطيني من أصل 900 ألف كانوا يعيشون داخل أراضي 48 بعد فشل تهجيرهم , ثم أجبروا على حمل الجنسية الصهيونية بعد ذلك .

لكن هذا التواجد المتزايد للعرب بالنظر لمعدلات الإنجاب والمختلف قوميا ودينيا يمثل خطرا على يهودية الكيان .

مما يدفع بتوترات واحتكاكات دائمة بين العرب واليهود , خصوصا وأن فلسطينيي 48 يعتبرون وفق الأعراف الدولية هم أهل الأرض والسكان الأصليون .

-خطر ديموغرافي

يمثل وجود الأقلية العربية الفلسطينية داخل أراضي 48 , بنظر الكيان الصهيوني وقادته السياسيين والعسكريين والدينيين المتطرفين (خطر ديمغرافي) ويعتبر زيادة في عدد السكان بمثابة مساس بأم الكيان الصهيوني القومي , وفي السنوات الأخيرة باتت التغييرات الديمغرافية توضع ضمن مؤشر المخاطر والتحديات التي تواجه الكيان الصهيوني على المدى القريب والبعيد .

ومنذ معركة الطوفان في السابع من اكتوبر بات الوجود العربي داخل الكيان الصهيوني يمثل في حد ذاته تهديدا لوجود الكيان بغض النظر عن أية اعتبارات ديمغرافية مستقبلية , وباتت سياسة الإخراس والقمع هي المتبعة تجاه المجتمع الفلسطيني هناك , بمشاركة المؤسسات السياسية والإعلامية وعامة الناس في المجتمع الصهيوني , ومع أن سياسات قمع فلسطيني الداخل قد تصاعدت منذ تولى بن غفير وزارة الأمن القومي الصهيوني سنة 2021م , بعد إعلانه المتكرر رغبته في التخلص منهم بشكل علني , لكنه مؤخرا استغل حالة الحرب والطوارئ لتنفيذ سياسته ضد فلسطينيي الداخل دون عوائق .

لذلك ندرك أن المجتمع الصهيوني يعاني من أزمة وتصدعات جوهرية عمرها من عمر كيانه الغاصب وتتعلق بطبيعته , فجاءت معركة طوفان الأقصى فجر السابع من أكتوبر 2003م , لتمثل صفعة قوية ومباغتة للاحتلال الصهيوني أدخلته في حالة صدمة وهذيان لم يستطع الخروج منها حتي اليوم .

تقييمات
(1)

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا